09:59 pm 04/08/2023
| رأي
| 2587
هل هناك أزمة طاقة .. الحقيقة والأوهام ...
تحليل وتقييم الدكتور احمد عبد الفتاح
سؤال تفتق به ذهنى وسيطر على تفكيرى بداية من شهر يوليو المنقضى... وبدايات إنقطاع الكهرباء... وانا أراقب المشهد ما بين رحى الغاضبين والساخرين والمتشائمين والشامتين واراء إعلامية وجهود حكومية لم تطفىء تساؤلات الملايين ممن يعانون القيظ وانقطاع الكهرباء.
الحقل الاشهر فى تاريخ الإستكشافات الهيدروكربونية فى مصرالذى ولد عملاقا والذى يعرفه الجميع القاصى والدانى، المصريون والاجانب، العامة والمتخصصون... من بين جميع حقول البترول فى مصر، وهو بلا منافس الحقل الاشهر فى تاريخ صناعة البترول فى مصر. أصبح ظهر وبدون مقدمات بين عشية وضحاها المتهم الأول فى قضية إنقطاع الكهرباء، ولعلى أراه الآن فى قفص الإتهام مذهولا وتدور فى خلده عشرات الأسئلة بعدما اصبح المتهم الأول مع كل انقطاع فى الكهرباء بعد ان كان رمزا للنجاح والسبب الرئيسى فى انتعاشة الطاقة فى مصر منذ 2017 حتى الان.
تاريخ حقل ظهر
تم الكشف من خلال المزايدة العالمية الجيوبوليتيكية 2013-2014 كمزايدة إستراتيجية لتأمين الحدود البحرية المصرية الشرقية والشمالية، والتى كان من أهم نتائجها ذلك الكشف فى منطقة شروق الشمالية المتاخمة للحدود مع قبرص كأكبر اكتشاف فى البحر المتوسط، واكبر اكتشاف فى العالم عام 2015، ولو أن هناك مؤرخين يسجلون تاريخ الإكتشافات فى مصر لوضع هذا الكشف على القمة رغم حداثته.
حقل ظهر الوليد العملاق تم إكتشافه بواسطة شركة إيني الإيطالية عام 2015 في منطقة شروق البحرية على عمق مياه نحو 1500 متر، وقد تم حفر البئر إلى عمق 4500 متر في المنطقة الاقتصادية المصرية في البحر المتوسط .
ورغم أن تاريخ البترول فى مصر يرجع إلى أواخرالقرن التاسع عشر، حيث كانت مصر الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تنتج كميات من الهيدروكربون والتى يعود تاريخ أول استكشاف مصرى إلى عام1881، ولكن بعد هذا التاريخ الطويل استطاع هذا الظهر المشرق إضافة 30 تريليون قدم مكعب من الغاز... بما يعادل 30- 40% من مخزون الغاز فى مصر.
وتنمية الحقل أيضا كانت حالة فريدة على مستوى العالم حيث تم الانتهاء من التسهيلات البحرية لمسافة اكثر من 200 كم بين الحقل والتسهيلات البرية، وبدأ الانتاج المبكر بعد 27 شهر من إعلان الكشف ب 350 مليون قدم مكعب من الغاز قبل ان يصل لذروة انتاجه لاكثر من 3 مليار قدم مكعب من الغاز، والجدير بالذكر أن إنشاء هذه التسهيلات فى الحالات المماثلة فى العالم قد تصل إلى سبع أو ثمان سنوات لبدء الإنتاج المبكر، وقد تم هذا بفضل من الله وبدعم أعجازى من القيادة السياسية وهو إنجاز غير مسبوق على مستوى العالم فى تاريخ صناعات البترول.
فحقل ظهر هو منحة من الله بعد فترة حرجة مرت بها مصر من عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات من ناحية، وأزمة النفط التي كانت في حاجة ماسة إلى نماذج إستكشاف جديدة بعد عدة محاولات من جهة اخرى.
تاريخ الإكتشافات الكبيرة فى مصر.
وحتى نعرف قيمة وأهمية هذا الكشف التاريخى نعود للخلف لأكثر من نصف قرن لعصر الأكتشافات العظيمة فى مصر حيث أكتشاف أول حقل نفط كبير فى خليج السويس في عام 1961 هو حقل بلاعيم البحرى اكبر الحقول البحرية فى خليج السويس.
وفي عام 1967 تم اكتشاف أول حقل غاز في أبو ماضي، قبالة سواحل البحرالأبيض المتوسط عن طريق شركة اينى، بالإضافة الى حقول المرجان وأكتوبر فى خليج السويس وحقول شمال الأسكندرية بمخزون 5 تريليون قدم مكعب من الغاز عن طريق BP وحقل القصر فى الصحراء الغربية عن طريق اباتشى.
ومنذ ذلك العهد انتهى عصر الاكتشافات العظيمة وانتهى عصر الاكتشافات السهلة الكبيرة Easy exploration التى كانت تعتمد على البيانات والمعلومات البسيطة والتكنولوجيا البسيطة والتراكيب الجيولوجية الكبيرة ودخلنا فى عصرالاكتشافات الصعبة Hard exploration التى تحتاج الى افكار متقدمة غير تقليدية...تحتاج الى مجهود عميق من الفكر فى الدراسة والبحث والاستكشاف والتفكير خارج الصندوق بأفكار جديدة واستخدام تكنولوجيا حديثة متقدمة والتى من نتائجها اكتشافات عديدة ولكنها صغيرة ومتوسطة.
ولد عملاقا عظيما .. واثق الخطى!
متجاوزاً اكتشافات شرق المتوسط ...حقل غاز ليفياثان الذى تم اكتشافه فى يونيو 2010 باحتياطيات تقدر بنحو 17 ترليون قدم مكعب من الغاز وتم بدء الإنتاج منه خلال عام 2016 ويبعد الحقل حوالى 130 كيلومترا قبالة ميناء حيفا، وحقل تمار فى شرق البحر الأبيض المتوسط على بعد نحو 80 كيلومتر من حيفا على عمق نحو 1700 متر تحت سطح البحر، وتم الإعلان عن اكتشاف حقل تمار فى عام 2009 وبدء الإنتاج فى 2013، وتقدر احتياطيات الحقل بنحو 9 ترليونات قدم مكعب من الغاز. ومتجاوزا اقدم الحقول المكتشفة فى شرق المتوسط عام 2000 وهوحقل غزة مارين بمخزون 1.4 تريليون قدم مكعب من الغاز الذى تقف امامه المعوقات ليبدأ الانتاج.
نجاح عظيم وغير متوقع
أتى حقل ظهر ليحقق الطفرة الجديدة خارج معادلة الاكتشافات ويتم كشف أكبر حقل للغاز الطبيعي في مصر والبحر الأبيض المتوسط، حيث يمثل ظهر أعلى نقطة في تاريخ الطاقة في مصر ولقد تم استكشافه على نموذج جيولوجى لم يحدث فى مصر من قبل ، وتتوزع حقوق إنتاج الغاز في حقل ظهر، بين شركة إيني الإيطالية القائمة بالعمليات في الحقل وبين BP و مبادلة وروزنفت الروسية وبين شركة إيجاس الحكومية المصرية .لقد تصاعد انتاج ظهر منذ بدء الإنتاج المبكرعام 2017 ب 350 مليون قدم مكعب من الغاز، ووصل في ديسمبر 2018 نحو 2.1 مليار قدم مكعب ، ثم الى 2,7 مليار قدم مكعب في أغسطس 2019 ليصل إلى أكثر من 3 مليار قدم مكعب يوميًا عند مطلع عام 2020. وقد أتمّت إيني حفر 19 بئر في الحقل، كما تم إنشاء 8 وحدات لمعالجة الغاز على السّاحل في شمال مصر، وكذلك تم مد خط ثانٍ لأنبوب الغاز يصل من حقل الغاز إلى وحدات المعالجة على الشاطئ بطول 216 كيلومتر، ووفقًا للخطة فقد تم تصدير جزء من الغاز إلى أوروبا ودول الشرق الأوسط.
وبطبيعة الحال ، فإن تأثير إكتشاف ظهر كان له صدى خارج حدود مصر، وكانت هناك تداعيات لا مفر منها على حالة الطاقة في الشرق الأوسطية ، ولا تزال أوروبا جزءًا من هذا السيناريو المتطور باستمرار في البحر الأبيض المتوسط.
كما لا يمكن أن نغفل أن عملية ظهر كانت محفوفة بالمخاطر من عدة نواحٍ؛ لكن النجاح أضاف إلى إينى والى مصر نجاحات كثيرة ظاهرة وخفية؛ حيث يمكن ان يلبي هذا الحقل إستهلاك إيطاليا لمدة أكثرمن 15 عامًا، وبالنسبة لمصر؛ يعني ذلك عقودًا من موارد الطاقة، والاكتفاء الذاتى وعملية إعادة التنمية، وهذا ما حدث بالفعل إذ أضاف ظهر لمصر مستثمرين جدد، وتخطت مصر أزمة الطاقة، وبدأت في جذب الإستثمارات مرة وأصبحت مرة أخرى دولة مكتفية ذاتيا وبدأت مرحلة التصدير.
آثار سياسية واستراتيجية
في وقت اكتشاف حقل ظهر، علقت صحيفة نيويورك تايمز بأن حقل الغاز المصري يهدد بتقويض دبلوماسية الطاقة في الشرق الأوسط؛ لكن كان تاريخ الطاقة في مصر دائمًا كبيرًا، واكتشاف ظهرهو ببساطة دليل إضافي على أن البلاد تمتلك بالفعل صناعة ناضجة جدًا من حيث المهارات البشرية والتكنولوجية.
وبناء على ذلك تصدرت مصر المشهد؛ ففى عام 2018 بدات مصر الخطوات التنفيذية للإعلان عن منتدى غاز الشرق بمشاركة سبع دول لتصبح مصر فى طريقها ان تكون مركزا إقليميا للطاقة مما يعود عليها بفوائد كثيرة بالاستفادة من اكتشافات الغاز الجديدة فى مصر وشرق المتوسط .وقدمت فرصة نادرة لدول شرق البحر المتوسط لتوطيد العلاقات، وهو ما يخلق إستقرار سياسى وأمنى فى المنطقة ويجذب مزيدًا من الإستثمارات.
علاوة على أن اكتشافات الغاز قبالة السواحل المصرية وأهمها ظهر وشمال الاسكندرية قد وضعت مصر فى طريقها لتصبح مُصدرًا للغاز الطبيعى، حيث أن توفر البنية التحتية لتصدير الغاز الطبيعى المسال جعل منها دولة مصدرة، وأن اكتشافات الغاز
الضخمة فى مصر وفى دول شرق المتوسط قد وفرت خيارا جديدا لأوروبا وقد اثر بشدة فى ديناميكية وسياسات الطاقة الأوروآسيوية.
ساعد على ذلك أيضًا البنية التحتية الفريدة للغاز فى مصر، إذ إنها تمتلك محطتى تسييل مبنية على الساحل الشمالى، هذه البنية التحتية حيوية لتحويل الغاز إلى سائل جاهز للتصدير مما وفر منفذا لحقل الغاز الإسرائيلى ليفياثان ايضا وعائدا اقتصاديا جيدا لمصر... فإسرائيل ليس لديها محطة لتسييل الغاز الطبيعى (LNG)، كما أن تكلفة إنشاء مثل هذه المحطة ضخمًا للغاية، ونتيجة لذلك، ينظر إلى المنشآت غير المستغلة فى مصر على أنها حل جيد، استطاعت إسرائيل من خلاله تصدير الغاز إلى مصر وإعادة شحنه إلى أوروبا بالاضافة الى انها فتحت الباب لحل مشكلة التحكيم نتيجة وقف تصدير الغاز الى اسرائيل ،على الجانب الآخر قبرص ليس لديها محطات تسييل للغاز بالرغم من اكتشافاتها الخاصة للغاز الطبيعى، وتحتاج إلى مساعدة الشركات المصرية.
أزمات الطاقة.
وحتى لا نكون متحاملين على تلك الظروف التى نمر بها دعونا نسترجع بعض الأحداث والأزمات المشابهة فى مصر فى الألفية الجديدة.
ففي 10 أغسطس 2004 اندلع حريق في منصة الحفر المتحركة أدرياتيكا 4 البحرية في حقل التمساح للغاز، على بعد نحو 60 كم قبالة سواحل بورسعيد وعلى المدخل الشمالي لقناة السويس. كانت النيران قد شبت في آلة حفر موصولة بمنصة الحفر المتحركة أدرياتكا 4 التي وقع فيها انفجار قبل أن تغوص في البحر. وتمت السيطرة على هذا الحريق الأول، لكن النار، انتشرت وانتقلت إلى المنصة وحولتها إلى كرة ملتهبة. وظلت النيران مشتعلة لمدة 38 يوم، حتى انهارت منصة الموقع البحري وانهار معها الحفار، تم إجلاء حوالي 150 فرد من على ظهر المنصة، وأوقفت عمليات التشغيل والإنتاج.
وتعطل انتاج الغاز لمدة عام من الحقل وخلال 3 أشهر ايضا تعطل إنتاج الزيت فى بعض الحقول مما اثر على محطات توليد الكهرباء، والتي تعطل إنتاجها؛ لتظهر في مصر ظاهرة انقطاع الكهرباء، حتى تم الانتهاء من هذه الازمة في غضون 12 شهر من الحادث، في نهاية 2005، واستؤنف العمل في حقل تمساح.
تحديات الطاقة منذ بداية الالفية.
أدى غياب الاكتشافات الجديدة الكبيرة والمناخ السياسي الصعب الذى مرت به مصر إلى تباطؤ اعمال الاستكشاف وقلة الاستثمارات في البلاد، التي انخفض منحنى إنتاجها بشكل حاد مع نضوب بعض الحقول.
بداية من الالفية تغير كل شيء بالنسبة لمصر: لا مزيد من واردات الغاز، أدى إلى اهتمام متزايد بحملات التنقيب وفى خلال الفترة من 2011 الى 2014 عانت مصر من إنقطاع الكهرباء بسبب نقص الامدادات ودفع تراجع الغاز المسال وارتفاع الطلب على الكهرباء، إلى تفاقم أزمة انقطاع التيار مع إرتفاع درجات الحرارة والإحترار العالمى وإنتشار أجهزة التكييف والزيادة السكانية مع عدم وجود تنمية متوافقة تستوعب الطلب المتزايد على الطاقة، وعمدت الحكومة المصرية إلى تنفيذ خطة أطلقت عليها "تخفيف الأحمال" لترشيد استهلاك الكهرباء، ما تسبّب في انقطاعات كبيرة وكثيرة للتيار في أنحاء البلاد كافّة ولمدد طويلة.
وبعد فترة ازدهار بين 2017 -2023 ظن الجميع أن أزمة إنقطاع الكهرباء تحولت إلى ذكرى لن تتكرر، وذلك بعدما شهدت البلاد استقرارًا في شبكة توزيع الكهرباء لعدد من السنوات، بفضل توسع الدولة في إنشاء المحطات والمحولات خاصة عندما أعلنت وزارة الكهرباء فى شهر مارس المنقضى عن تحقيق فائض في إنتاج الكهرباء بما يكفي للتصدير إلى الخارج.
بداية الأزمة وضيف ثقيل
جاء شهريوليو 2023 ليعكر صفو الإنجازات، وخرجت الحكومة بتصريحات لتعلن خطة تخفيف الأحمال بفصل التيار الكهربائي وبدأت ظاهرة إنقطاع التيار الكهربائى تطل علينا من جديد بظلها الثقيل فى درجات حرارة مرتفعة ألهبنا بها شهر يوليو، وان كنت ارى انها لم تكن مثل سابقتها بكل الاشكال ولكنها فتحت الباب للشائعات الكثيرة ممزوجة بتعليقات ساخرة وبوستات مواقع التواصل الإجتماعى التى لا تتوقف وتنتشر بسرعة النار فى الهشيم من مختلف الفئات ويتناقلها الجميع كطبيعة الشعب الذى يحول كل شئ حتى معاناته يحولها الى نكات وسخرية .. البعض عن قصد وتعمد، والبعض عن تقليد ونقل وهنا تأتى الفتاوى والاجتهادات من كثير ممن ليس لهم أية خبرات فنية؛ لينشروا أن حقل ظهر فيه مشكلة فنية كبيرة وهو فى الطريق ان يكون خارج الخدمة... ولكن أكدت وزارة البترول وشركة اينى وشركاءها أن الحقل يعمل بكامل طاقته الإنتاجية، وفقا لأحدث المعايير العالمية، دون مواجهة أي مشكلات تقنية.
نظرة علمية ودراسة سريعة.
ومما لا يدركه الكثيرون ان مساحة حقل بلاعيم البحرى تبلغ حوالى 100كم2 وهو نفس مساحة حقل ظهر وبدأ إستكشافه وانتاجه منذ اكثر من ستين عاما وقد تم حفر أكثر من ثلاثة مائة بئر به، ومازال الحفر به مستمر والإنتاج متدفق، واحيانا يتم كشف طبقة جديدة ومنطقة جديدة.
اما ظهر العملاق فبالرغم من إنتاجه العظيم فما زال يحبو فى مقتبل عمره؛ حيث بدأ الإنتاج منذ حوالى ست سنوات ووصل الى إنتاجية 2.5 – 3 مليار قدم مكعب من الغاز اى ما يعادل اكثر من مليون برميل برميل مكافىء ومع ذلك ومن الجائز ان تكون بعض الأبار قد تعرضت الى مشكلة فنية، وهذا وارد ... ويحدث بشكل طبيعى فى جميع الحقول والآبار حتى تتم الصيانة ويعود بالحالة المثالية فى الانتاج.
وعلى نحو آخر لنا أمثلة كثيرة بمشاكل مباشرة صادمة مثل حقل التمساح ومشاكل صيانة حقل هلال فى خليج السويس الذى توقف تمام عن الانتاج لفترة طويلة خلال فترات الصيانة وكثير غيرهما ... ومن المتوقع ان يتم حفر أبار اخرى كثيرة فى الحقل ليزداد الانتاج مع كل بئر.
إن الحلول التى وضعتها الحكومة بتخفيف الأحمال وعمل يوم للأجهزة الحكومية Online من المنزل وإطفاء الميادبن ولعب مباريات الكرة فى السادسة تعتبر مسكن مؤقت لتخفيف حدة الأزمة فى وقت الشدة؛ ولكنه يلفت الإنتباه إلى فكرة إستراتيجية مهمة سبقنا إليها الرسول الكريم حينما مَرَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ ؟ قَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ)؛ فحتى لو لدينا ظهر جارٍ أو أكثر وجب علينا الترشيد!
الأزمات فرصة للتعلم
على ما يبدو أن كل القطاعات والأطياف لم تتعلم من أزمة إنقطاع الكهرباء الأولى ولم يلبث المصريون أن استفاقوا من ظلمات تلك الأزمة، وعدنا جميعا إلى التعامل مع الطاقة الكهربائية بإسراف على الرغم من الإصلاحات الإقتصادية التى وفرت للدولة جزء كبير من دعم المحروقات ليتم إستغلاله فى مشروعات التنمية.
إن ترشيد إستخدام الطاقة هو هدف قومى يجب العمل على تحقيقه على محاور عديدة بإستهداف كافة طبقات المجتمع وكل القطاعات بأفكار غير تقليدية وضوابط ورقابة صارمة تجعل ترشيد الطاقة أسلوب عمل وحياة.
على سبيل المثال، يجب ان يكون هناك نظام حكومى متكامل باغلاق المحال عند التاسعة أوالعاشرة مساءًا على الأكثر، وكذلك تلك الاعداد الرهيبة من المقاهى والكافيهات التى تستمر الى ساعات متأخرة من الليل ومنهم من يغلق ابوابه قرابة الفجر يجب ان تغلق فى الحادية عشر على الاكثر ككل دول العالم وهذه يجب ألا تكون حلول مؤقتة بل لابد ان يكون نظام ثابت فى أوقات الرخاء قبل السقوط فى غياهب الأزمات.
ويبقى السؤال ماذا لو لم يكن ظهر؟ فتخيل لو لم يكن هناك ظهر وفقدنا من انتاج مصر حوالى 2.5 مليار قدم مكعب من الغاز او اكثر فى هذه الأيام...
ربما هو السؤال الأبرز ولكنه ليس الوحيد، فماذا بعد ظهر؟
وما هو مستقبل الطاقة فى مصر؟ وكيف تعود مصر إلى طريق الإكتشافات الكبرى؟ وهل هناك معايير حقيقة لتصنيف الإكتشافات الحقيقية؟
هل تأخرت مصر فى إكتشافات ظهر جديدة؟ اللهم بعض الاكتشافات البسيطة... هذا الأمل الذى ينتظره جميع المصريون بأكتشافات عديدة مثل ظهر.... ما هى فرص مصر فى الإكتشافات الكبرى... فى وجود شركات كبرى... ومزايدات عديدة عالمية فى البحر المتوسط وهل يمكن بدقة تحديد وتعظيم نسب النجاح؟
أسئلة بديهية تقفز إلى الأذهان كتدفق منطقى للأفكار الإستراتيجية عند التخطيط لمستقبل الطاقة فى مصر؛ كنموذج لعشرات الأسئلة الحتمية التى تحتاج إلى إجابات محددة والإجابات والحلول ليست مستحيلة!