06:31 am 19/07/2023
| رأي
| 1698
لا شك أن الحياة عبارة عن رحلة طويلة وطريق ممتد بين الصعود والهبوط والنجاح والإخفاق بل التعثر والسقوط أحيانا ، ولكن -وفى الغالب- هذا السقوط يبني رؤية واضحة وتجربة مهمة نكتشف من خلالها قوتنا الحقيقية والمرونة التي نتمتع بها للنهوض مجددا والسير أو حتى التحليق فى السماء من جديد .
فعلى الرغم من أن السقوط يبدو في البداية محبطاً تارة ومؤلماً تارة أخرى ، إلا أنه له أهمية عميقة في تشكيل شخصيتنا وتحفيزنا وتحديد دوافعنا .
فاذا اعتبرنا ٠-وهذه هي الحقيقة- أن الانسان جاء هذه الدنيا ليتعلم وينمو فكريا ويحسن من تفكيره ويطور من شخصيته, فالسقوط بمثابة دروس عملية قيمة تدفعنا للتعلم والتكيف وتحسين شخصيتنا وخلق وجهات نظر حقيقة وواقعية ربما إن لم نسقط لم نعرف ابداً كل هذه المعاني وكل هذه الدروس التي قطعًا ستفيدنا فى كل مناحي حياتنا ومستقبلنا .
فمن وجهة نظري أن السقوط محفز هام بل من أهم المحفزات للتغيير بالنسبة للإنسان السوي العاقل الذي يريد النجاح لحياته طريق، ولا يوجد أنفع من التعلم العملى والفعلي الذي قد يحدث نتيجة تجربة لم تكتمل او رغبة لم نحققها او شيء فقدناه .
فالتفكير بشكل ايجابي فى هذه التجربة التي لم تكتمل كما يجب أو أي شيء لم نحققه أو ما نصفه هنا بالسقوط يدفعنا إلى إعادة تقييم نهجنا ، وتبنّي وجهات نظر جديدة ، وصقل استراتيجياتنا .
ففي لحظات النكسة هذه نجد العزم على النهوض مرة أخرى ، مسلحين بحكمة جديدة وروح مختلفة تخلق مناخ اخر للنجاح ربما لم نصل اليه إلا من خلال هذا السقوط .
ومن وجهة نظر أخرى فيلعب السقوط أيضا دورا مهما في بناء مرونة الشخصية وتطوير الفكر ، فعندما نتعثر نواجه أحد أمرين : اما أن نبقى محبطين مكسورين نشعر بالهزيمة ونفقد الثقة بأنفسنا وربما لن ننجح بعدها أبداً ، وإما أن نجمع القوة ونفكر بحكمة فيما حدث ونحلل الأسباب ونستفيد من كل الظروف التي أثرت فينا ومررنا بها وجعلتنا نسقط هنا ونكون فى هذه اللحظة أصحاب شخصيات متطورة ناضجة نستفيد من اخطائنا وننهض ونسير مرة أخرى بوعى أكبر وعلم أغزر ومساحة رؤية واسعة لم نكن نمتلكها من قبل .
فكل اخفاق هو فرصة حقيقية لتنمية المرونة والقدرة على الارتداد والسير بثبات في المستقبل والاستمرار في مواجهة الشدائد التي لا تخلو منها الحياة إلي أبد الابدين من خلال هذه التجارب التي اعتبرها هي أهم دراسة عملية تُذكر، نصبح أكثر عنادا ، وأكثر شجاعة ، وأكثر استعدادا لمواجهة التحديات التي تنتظرنا.
واذا نظرنا من زاوية اخرى لهذا التعثر نرى تأثيره على نفوسنا وجعلها أكثر حكمة ورؤية سوية ونفس متواضعة راضية. إنها تذكرنا بإنسانيتنا ، وضعفنا ، وكفاحنا. تذكرنا أن الله سبحانه وتعالى يعطي فرص عديدة للنجاح وللتعلم ، فرقي النفوس وقوة الايمان تأتي قطعا من الرضا والتقبل والتواضع لله وحمده وشكره ومعرفة أن أي شيء مهما حدث يحمل لنا فى طياته خير كثير ونعاود السير بنفوس راضية متواضعة ودودة وممتنة لله سبحانه وتعالى على كل ما حظينا به من خبرات لم نكن نكتسبها لو لم تكتمل هذه التجارب .
وايضا يجب الأخذ فى الاعتبار اننا نتعلم التعاطف مع أنفسنا ومع الاخرين ، مدركين أننا جميعا في هذه الرحلة معا، حيث نكتسب من عثراتنا الخاصة بنا ما يلهمنا لرفع ودعم من حولنا الذين قد يمروا بالاوقات الصعبة الخاصة بهم، ونشعر بالامهم واحزانهم وبالاحباط الذي قد يصيبهم ، فنستطيع من خلال تجاربنا الخاصة التعاطف مع الاخر ودعمه حتى ولو نفسيا أو بالقدر القليل والذي قطعا سيكون له تأثير ايجابي عليهم .
دعني أقول لك أن السقوط ضروري لزيادة السرعة اللاحقة والتحفيز في الحياة والنجاح المبهر فيما بعد .
تخلى عن مناطق الراحة لديك واعمل وانهض وجرب كل جديد طور من نفسك حاول مرات ومرات ، اشعل بيدك ضوء في داخلك وابنى لك شخصية متواضعة متعاطفة مع نفسك ومع الاخرين ، انطلق إلى الأمام نحو تحقيق أهدافك واحلامك ،فمهما كان السقوط والعثرات تعلم منهم واكمل طريقك .
اعتنق العثرات كنقطة انطلاق نحو النجاح وأن تنظر إلى الانتكاسات على أنها فرص للنمو .
وأخيرا انظر دائما لكل شيء يبدو عليه شر لك أنه مليء بلطف ونعمة من الله سبحانه وتعالى ، في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك تواجه السقوط ، تذكر أنها ليست النهاية بل بداية جديدة .
تعلم الدروس ، نمي قوتك الداخلية ، اجعل التجربة وقود الطاقة الخاص بك في الارتفاع ، والاستمرار ، والسعي من أجل الوصول إلى أعلى نقطة ممكنة .لأنه من خلال هذه السقوط...نتعلم حقا كيف نرتفع .
كاتب المقال الأديب والشاعر / أيمن حسين .مدير عام الإعلام بجهاز تنظيم انشطة سوق الغاز