للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

مجرد رأي…ماذا يقول الأنبا رافائيل !

مجرد رأي…ماذا يقول الأنبا رافائيل !

الكاتب : سقراط |

07:52 am 13/06/2023

| رأي

| 1874


أقرأ أيضا: Test

مجرد رأي…ماذا يقول الأنبا رافائيل !

 

 

مازالت الأديان السماوية تمثل معيناً لا ينضب لكل دارس أو كاتب و للقارئ ايضاً . 

 

الاديان لا تمثل قوانين واحكام فقط ولكنها تاريخ طويل ومواعظ و طقوس . الناس تدين بما وجدت عليه اباؤهم وهذا منطق الحياة الذي وجدناه ونشأنا عليه .القليل منا من يقرأ ويفهم كتب من يختلف معه في الديانة .وابرز هذا بكل اسف نعرات التعصب والتحزب بين كل طرف والاخر . 


وقد تحين فرصة مناقشة كل طرف فيما يراه في الاخر تجد اجابات وفهم خاطئ يدعو للدهشة والحسرة. وتتعجب كيف تسربت تلك المفاهيم للعقول وخاصه لأصحاب السن الصغيرة .وعندما تستطرد في الاستفسار منهم عن كيفية حصولهم علي هذه المعلومات والمفاهيم تجد اجابات معظمها تتجه بوصلتها نحو  (الجد) او  (الام ) او (خادم زاويه) متواضع في محيط المنزل ومنهم من يوضح انه يسمع ذلك دارجاً ..فحفظه عن ظهر قلب و انتهي !! . 


لن تجد اجابة واحده تفيدك بأن القراءة او الدراسة و ما ينتج عنها من تحليل و أدلة هي مصدر معلوماته.  


وعندما اشتدت احتدام نيران الجهل ظهرت قامات دينية معتبره ذات علم ومكانة كبيرة و بدأت في التوجه لعقول الناس العطشى للمعلومات الصحيحة والتفاسير الناضجة لكل ما يعترك داخل عقول العامة والشباب على رأسهم من تساؤلات و رغبة في معرفة المزيد والحقيقة  . 
ظهرت شخصيات ذات الباع مثل العارف بالله ( مولانا الامام  الشيخ الشعراوي) . وعلي الجانب الاخر فقد كان ( البابا شنوده ) بطريرك الاسكندرية واحداً من اعلام الايمان والفكر والفلسفة المتنورين في الجانب المسيحي  . 

 

وقد اتسمت تلك الشخصيات بالعلم الغزير وبساطة الالقاء والعرض وتميز كلاهما بخفة الظل في الحديث مع الناس مما جعلهما من اكثر الشخصيات قابلية و شعبية عند كافة اطياف الشعب بلا تمييز . وربما لا يعلم الكثير ان العلاقة بين الشيخ الجليل و البطرك العظيم كانت قوية الوشائج وكان بينهما علاقة ودية في اعلى درجاتها . فكلاهما على علم ودراية عميقة بعلم الاخر وهو ما مهد الطريق الى وجود مثل هذه العلاقة الوثيقة . 

 

وتطوي الايام سجلاتها ويذهب العظماء الى ربهم وينصرف المتعلمين والمثقفين عن اجواء الهراء والعبث الحالي والميديا المتوحشه بكل تافه وغث . وطال انتظارنا ان تجود الايام بمثل شخصية الامام الشعراوي او البابا شنوده. 

 

ومنذ فتره رأيت هذا الرجل ثم تابعت احاديثه وقرأت في فكره . كنت كل ما اعرفه عن الانبا (رفائيل) انه كان مرشحاً في القرعة الهيكلية التي اعقبت انتقال البابا شنوده و اختارت الاقدار الانبا(تواضروس الثاني) البابا الحالي لهذا المنصب الرفيع . 


والانبا رافائيل هو اسقف عام كنائس وسط القاهرة . هو شخصية دمثه الخلق على اعلى مستوي . يمتلك علم غزير في علوم العقيدة والايمان . هادئ الطبع ، ترى فيه مسحة من خفة ظل وبساطة البابا الراحل (شنوده) . وبها استطاع ان يصل الى عقول الناس على كافة مستوياتهم العلمية والدينية و جذب انتباه العديد من  أصحاب الديانات الاخرى . 

لست من المتخصصين في دراسات مقارنة الاديان ولكن حديث الرجل السهل و المسترسل جذبني لأعرف المزيد عن العقيدة المسيحية . اغلبنا  لا يعلم الكثير عن تفاصيل تلك العقيدة . 


وهناك فارق كبير بين ان (تعلم وتتعلم) وبين ان (تؤمن وتصدق) فلكل منها وجهةً ومنهاجاً .  
ولك ان تعلم ان كافة قواعد وايات وكتب الدين الاسلامي مدروسه ومحفوظه عن ظهر قلب لدي اصحاب الديانات الاخري . بينما يظل غالبية المسلمين اسري لتوجهات ومفاهيم يتلقونها من رجال دين بعضهم يكون بغير ذي علم والبعض الاخر متعصب بلا سبب واضح و اخرين لهم اغراض  اخري . ولن تجد الكثير منهم من تعمق او قرأ في مفاهيم وقواعد اي دين اخر بإعتباره (حراماً) وهذا بالطبع تفكير قاصر ناتج عن العوامل السابقة واخرى مجتمعية متعددة . 

الرجل جذب انتباهي لمجموعة من المصطلحات والمناسبات الدينية التي لا نسمع بها سوي في يوم الاجازة الذي نحصل عليها في تلك المناسبات   . وما ايقنت به حقاً  ان كافة الاديان منذ اليهودية مروراً بالمسيحية وصولا الى الاسلام حلقات متصلة بلا انقطاع ولا يوجد بينها اختلافات جوهرية في الاحداث تلك الوارده بكافة الكتب المقدسة لكل الاديان منذ نزول ادم على الارض . هي نفس القصة بأحداثها وشخصياتها ونفس القوانين التي تحكم الايمان بالله( الواحد) والفضيلة بين الناس ، لن تجد فعلاً محرماً في ديانة مسموحاً به في ديانة اخرى ابداً . 

الرجل يتحدث بصراحة عن مشاكل واسئلة الناس المجتمعية ويجد لها الحلول في اطار ما تحدده قواعد و اخلاقيات الدين . الرجل أوضح في احد اجاباته تفسيراً لكلمة (قبطي)  وهي مصري باللغة القديمة ويتكلم عن ذلك باعتزاز عميق مثل ذلك منبع سعادتي ان يسبق الاعتزاز بالجنسية الوطنية الديانة نفسها.  ثم قام بتعريف مصطلح ( الارثوذكسية) وهي الايمان المستقيم . واعتقد ان غالبيتنا يسمع بتلك المصطلحات ولا يدرك معناها . 


سمعت منه كيف بارك الله الارض المقدسة التي كان عليها ابو الانبياء (ابراهيم) عندما قال له " بركة تكون ، ابارك مباركيك ، ولاعنيك العنهم" . 
عرفت لماذا بارك الله ارض بيته العتيق  وافاض عليها من الخيرات والبركات. و أن هذه البركة موجودة الى يوم الساعة وهذا ما اخبرنا به (القرأن) وكانت ذات البشرى في (الكتاب المقدس ) بدون تغيير . 

احاديث الرجل هادئة هادفة لا تعصب فيها ولا شطط وتتفق مع الكثير مما نعلم ونؤمن ، ومع ذلك لم يتعرض الرجل الى الديانات الاخرى ومعتقداتها ابداً وظل حريصاً على ترسيخ مبدأ السماحة والمحبة بين الناس .  

لن تنضب ابداً هذه البلد من العلماء  وأهل الفضل والمعرفة و تظل دائماً تعطي. قد لا نراهم من ذوي الشهرة والظهور في زمن غريب الاطوار والطباع ولكنهم موجودين بيننا . قد تتأخر فرصة ظهورهم و لكنها ستأتي بلا شك . 


كثير من المشاكل يمكن حلها بمجرد سماع وفهم الجانب الاخر . و ستتعجب حينها كيف ان ذهنك قد امتلئ بالكثير من الافكار والمفاهيم المغلوطة وتدرك متأخراً انك قد اخطأت في حق نفسك والاخرين . 

الدول العظمي لا تستهين ابداً بمعرفه كل تفاصيل حياة الشعوب وثقافتها ،  قويها وضعيفها ، غنيها وفقيرها بلا تمييز  . تجد هناك مؤسسات وادارات متخصصة في دراسة ومتابعة كافة شئون تلك الشعوب واحوالها لتعرف طبيعة ومزاج تلك الشعوب وتحدد خطوات وسياستها تجاههم بطريقة عملية صحيحة . 


علينا ان ننفض عنا غطاء الجهل بقيم وعقائد وعادات الاخرين فهم شركاء في الحياه ولا يمكن ان تعادي الاخرين لمجرد السماع او التعليم الخاطئ .  بل ان كافة مايواجه المصريين في الخارج من مشاكل حياتيه ناتج معظمه من جهلهم بطباع وقوانين وعقائد الناس في الدولة المضيفة لهم فينشئ معهم انطباعاً سلبياً في تلك الدول . 

في ذلك العالم الصغير وبعد ان دانت كل ابتكارات واختراعات الدنيا لنا تظل العلاقات الانسانية علي اختلاف مواقفها اموراً لا تستطيعها التكنولوجيا ولا الاختراعات ، ويظل  الفهم والعلم بشئون المختلفين معنا  هو الوسيلة الوحيدة للتعايش في امن وسلام واحترام متبادل و كسر قاعدة ان كل من يختلف عنا هو من الاعداء   . 


تحية لهذا الاسقف الجليل ولكل ما ينشره من علم ومعرفة . واثمن دوره الكبير في الاجابة علي تساؤلات الناس بالتبسيط اللازم الذي لا يخل بالجوهر . واتمني ان يتكرر هذا النموذج المشرق في كل الاديان الاخرى بعيداً عن الحماسة الزائفة  والصوت العالي والافكار المغلوطة وان يبتعد الجميع بلا استثناء عن خط الايمان بالعقيدة للأخرين فهو يجري مجرى الدم فيهم . وليعتبر كل منا ان ما يعرفه عن الدين الاخر هو ثقافة و معرفة جادة ليس الا. 

بهذا فقط نحصن انفسنا ومجتمعنا من شياطين الجهل والفتنة ونكون على مستوى انساني راقي في التعامل مع جميع من حولنا في هذا العالم . 

#سقراط

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟