الكاتب : سقراط |
12:54 pm 03/06/2023
| رأي
| 1940
أحتفل العالم خلال الفترة القصيرة الماضية بمناسبات دولية ذات شأن عظيم ويأتي علي رأسها جنازه الملكة ( اليزابيث الثانيه) ملكة إنجلترا والمدن السبع وتتويج ولي عهدها (الملك تشارلز الثاني) ملكاً علي البلاد وزواج الامير حسين نجل الملك عبدالله ملك الاردن .
هي مناسبات معروفه في مجتمعاتنا العادية ما بين زواج و وفاة وإحتفال بتتويج التخرج للأبناء وما الي ذلك، ولكن نفس هذة المناسبات تمثل حدثاً تاريخياً للعائلات الملكية والرئاسية ايضاً، ففيها تظهر قواعد البروتوكول القاسي من ترتيب الأحداث وطبيعتها وعدد الحضور وكيفيه إستقبالهم والزي المطلوب وقواعد لا نهاية لها من خطوات الإعداد والتنظيم والتقديم حتي إنتهاء المناسبة ومغادرة الحضور كلها لا تحتمل المصادفة او المفاجأت .
كانت جنازة ( الملكة اليزابيث ) حدثاً فريداً لم يره العالم من زمن بعيد كان قمة في الإتقان والتعقيد في برتوكول إخراج أحداثها كما ينبغي طبقاً للقواعد الملكية المتوارثه منذ القرن السادس عشر وتكلفت مئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية علي الرغم من طبيعة الحرص التي يمتاز بها الإنجليز بها علي وجه العموم.
وعبر عنها الدكتور (مصطفي الفقي) في حديثه مع الإعلامي شريف عامر بأن (المملكة المتحدة ) هي دولة مراسم ومن طراز لا تستطيع اي دولة اخري تنفيذه .
ولك أن تتخيل عمق هذه الاحتفالية والترتيبات التي تكلفت هذا المبلغ الهائل وكل خطوات الحدث لها معني و مغزى معين، فمنها رفع التاج والصولجان والعصا عن التابوت الملكي الذي تم بناؤه بمواصفات غايه في الصعوبة والطقوس الدينيه المتعددة انتهاءاً بالمزمار الاسكتلندي العتيق وهو يعزف لحن النهايه ايذاناً بالرحيل .
و أجواء اسطورية تنبع اساساً من الاعتزاز بماضي الدولة العريق وتثبيت دعائم العائلة المالكة وتعظيم ( الملكة ) بمعاملتها كأباطره الماضي السحيق وامبراطوريتها التي لا تغيب عنها الشمس و فيها ايضاً إظهاراً لهيبه الدولة الحاضره وقوتها وتحضرها بقدرتها الفائقه علي احترام التقاليد العريقه وتنفيذها بكل دقه مهما مر عليها من الزمن .
ولم يختلف حفل تتويج (الملك) عن ذلك كثيراً ولكن مالفت نظري هو اعتزازهم بدين الدوله وان الملك هو حامي العقيده والمدافع عن الايمان وهو قسم ديني واجب يتمم التتويج الملكي بينما ينكر الغرب علينا اعتزازنا بديانتنا ولا لا ادري لماذا تحدث هذه التفرقه؟
ويأتي حفل زواج ولي عهد الاردن بنفس القواعد البروتوكولية المعروفه للعائلة المالكة ولكنها بكل تأكيد أقل حده من تلك الانجليزيه العتيقه فقد غلبت عليها اجواء البهجة والفرحة ولم تخلو من التقاليد العربية الاصيلة في حفلات الزواج .
ونأتي الي مجتمعنا الوظيفي فنجد فيها شخصيات بروتكولية من الطراز الاول فكان منهم المهندس ابراهيم الشافعي رئيس بتروبل الأسبق والمهندس علي عوض رئيس سنتافي والدكتور البنبي والراحل العظيم المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء السابق كلهم كانو علي درايه كاملة بمراسم العمل و قواعد المقابلات الرئاسية الصارمة والاحتفالات علي كافة انواعها وتميزوا بأناقة المظهر ودقه اختياره واتبعو اقصي درجات الدقة في اختيار تصريحاتهم وطريقة تعاملهم مع الاحداث والاخرين .
وتأتي الأيام الحاضره فتجد إنحسار إهتمام القيادات بقواعد البروتوكول بداية من جودة المظهر وتصرفات وطريقة التعامل مع القيادات والمرؤوسين وأصبح لا يوجد قواعد محددة تحكم بين هذا وذاك واصبحت الحجه ان العمل اهم وان ما عداه هو من قبيل ( المنظره ) .
وحين تتابع صور المناسبات تري (الملا) وهو اكثرهم عملا وجهداً بل ومعاناه تلحظة يراعي قواعد البروتوكول بكل دقة بداية من أناقة المظهر وجودته وطريقة تحدثه وطريقة مقابلتة للشخصيات الدولية او القيادات التابعة له ويخرج حديثه هادئاً رزيناً فية إختيار دقيق لكل معانيه وتكون في موضعها المقصود لتصل الفكره والهدف من الحديث بأقصر طريق الي الأخرين ، وينضم بذلك للشخصيات رفيعه المستوي التي كان لها شأن في قطاع البترول ويظل هناك فارقاً ملحوظا بينه وبين المحيطين .
قواعد المراسم والبروتوكول ليست منظره كما يعتقد البعض بل هي الإطار الصحيح الذي يحيط بعملك الذي يشغلك ليصل به الي هدفه الصحيح الذي تسعي إليه ، ولعلك تلاحظ أن الرئيس الأوكراني يرتدي زي الجنود العادي في كل المحافل الدولية وهو بالطبع تصرف مقصود لتوصيل رسالة للعالم بأن وطنه في حاله حرب ورسالة أهم لشعبه انه جندي عادي علي استعداد للقتال في اي وقت .
إذا فمجرد إختيار الزي هو فكرة وتحرك و وسيله لتحقيق هدف بذاته، كل تصرف او ملبس او تحرك او حتي ابتسامه تمثل رساله معينه بين الناس في هذا العالم، ولابد ان تأخذ القيادات بقواعد هذا العلم المتشعب وان يكون عندهم الدرايه بالحد الادني منه.
عليك ببعض القراءة في هذا الموضوع في بعض الكتيبات الصغيرة المختصة بمثل هذه الموضوعات وأن تعذر لك القراءة كالمعتاد فعليك بالتقليد علي الأقل وأن تسأل عن مغزي كل تحرك او زي وطريقته ووقتة لتعمل مثلة و يجب أن تقوم إدارات العلاقات العامة المليئة بالكفاءات بدور فعال في هذا الموضوع وأن توضح للقيادات والمرؤوسين القواعد الخاصة بالتعامل في كافه أنواع المناسبات علي اختلافها وتوضيح كيفيه التصرف مع مستوي الحضور في تلك المناسبة .
الحياة ليست كلها مأكل و مشرب وعمل و إنما هناك ما يجب أن يحكم كل ذلك ويضعه في إطاره الصحيح ليصل الي الأخرين بسهوله وإحترام وتستحق أن تكون انسان .
والسلام ......
سقراط