للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

مجرد رأي…سوبرمان التفاهة

مجرد رأي…سوبرمان التفاهة

الكاتب : سقراط |

09:32 am 22/05/2023

| رأي

| 1251


أقرأ أيضا: Test

مجرد رأي…سوبرمان التفاهة

 

سوبرمان تلك الشخصية الخارقة التي  صنعها الامريكان لقهر المستحيل بعد ان وصلوا الى مراحل متقدمة من العلم والاكتشافات ولم تعد الدنيا وطبيعتها تكفي تطلعاتهم . سيطروا بها على احلام الشباب وكنا منهم ودغدغت فيهم وفينا احلام الطيران الى الفضاء الفسيح والخيال العلمي  بلا نهاية وقهر مستحيلات الطبيعة والفيزياء في الزمن والوزن والمسافه . 


هي احلام للمراهقين بلا شك و خيالاً جميلاً للكبار للهروب من الواقع ومحاولة التحليق في عالم  اللا وعي الجميل . 


يحب الناس على عمومهم هذه النوعية من الشخصيات الكاريزمية التي تقوم بما هو غير مألوف من شجاعة فائقة او لياقه بدنيه عاليه  او طريقه ظهور مختلفه . وظهرت بعض الامثله لدينا فكان (فريد شوقي) ملك الترسو ومعبود المراهقين لما له من  طبيعه شخصيه وجسديه  مميزه فكان يدخل  في المعارك ويقهر  عصبه من المقاتلين وحدة مما يثير اعجاب الشباب وتصفيقهم واشعال الرغبة لديهم لتقليده . وظهر ايضاً (رشدي اباظه) بما له من وسامة ورجوله وقدرته على ايقاع الفتيات في حبه فكان مثار اعجاب العديد من الفتية لما يمثله ذلك لهم من اهميه  العلاقه مع الجنس الاخر . 


وتتوالى الشخصيات وتتعدد ويمثل الرئيس الخالد (عبد الناصر) قمة الكاريزما المصرية بعد الزعيم (سعد زغلول) تلك الشخصية التي الهبت حماس الشعب كله بما اظهره من شجاعة و حس وطني جارف في مواجهة الاستعمار وبراثن العهد الملكي القديم وبتلك القرارات الجريئة التي غيرت مسار الامه المصرية بأكملها . 


هكذا الناس تعشق شخصيات المستحيل . فتتصرف وتقلد هذه الشخصيات وتكون لها مثلاً اعلى يعنيها علي تخطي احباطات الحياة وتعيش وتتطلع معه الى دنيا قد تكون في معظمها افتراضية ولكنها جميلة . 


ويأتي هذا الزمن لتختفي تلك الشخصيات الكاريزمية بطريقة ملفته .فلم يعد هناك شخصية يتبعها الناس او تتحدث عنه وتقلده . انزوى كلا الى حياته الخاصة واثر الهدوء والسكينة وعدم المخاطرة في اي من المناحي حتى ولو للأفضل . 

انعكس هذا علي روتين معيشي بطئ نتج عنه عدم القدرة علي التغيير او حتى تقبله . واختفت الحماسه والفن الجميل والمنافسات الرياضيه الملتهبة . اصبحت الشخصية المصرية انطوائية بل ومنكسرة الى حد غريب وملفت للنظر. 


تجد الشاب يبكي الغربة حتى لو كانت سفراً داخل بلده بشكل مثير للحيرة بل والخجل . اصبح الذكور في احضان الامهات بطريقة لافته واضطربت زيجات وانهدمت بيوت لتعلق الرجل بوالدته بطريقة مرضية . 


تجد الشاب يلهث وراء الايام لانهاء تجنيده وهو  لا يزيد عن السنه الواحدة  لا لشيء سوى انه يكره الغربة والبعاد ولا هم له سوى سرعه الزواج وقد تجد معسكره او كتيبته على بعد كيلومترات من بلدته ولكن هذا لا يشفع عنده . 


 اذاً ما الذي حدث للشخصية المصريه ؟ ما سبب هذا اللا شئ ؟  لماذا لم تعد هناك اسماء لامعه تشد الانتباه.  


لا يوجد سياسي ذو كاريزما يخاطب الناس ويشرح وجهة نظره ورأيه في الاحداث . لم يعد هناك رياضي يشد انتباه الناس وتقلده في حركته ونشاطه . الجميع انزوى واتجه كلا منا الى عالمه الافتراضي من خلال تلك الاجهزة التي بين يدينا . 

تحليل الاسباب يجب ان يكون مسئولية علماء الاجتماع في بلادنا . يجب ان يقوموا على الاسباب التي ادت بالمجتمع الي هذا السكون  والجمود المريب . 

اتذكر خلال ثوره يناير ان هذا التجمع الشعبي الفريد لم يجد القائد الشجاع او الكاريزمي له واختلف الثوار تحت شعار انه لا قائد للثوره . وذهب كل حديث  قيل مذيلاً بان صاحبه لا يمثل الثورة . فماذا حدث نتيجة ذلك ؟   قفز الاخوان على تلك الثورة ونسبوها لأنفسهم زوراً وبهتاناً . لقد عاصرنا هذه الاحداث ويكذب من يقول او يبرهن ان الاخوان هم من قاموا بها  ولكنهم قفزو عليها عندما وجدو ان الشعب قد نجح في فرض اراده التغيير ولم يجد له قائداً  . 


وعندما قام (السيسي ) بعمل خارق في هذا الوقت واستطاع ان يغتال حلم الاخوان بغته وقام بخلعهم وهو يعلم يقيناً هول هذه المخاطره وان روحه هي الثمن في حاله فشله . اكتسب عندها شعبيه كاريزميه كونه (بطل) . 

الناس تعشق هذه النوعيه من الشخصيات واختفائها بهذا المنظر يتيح للغثاء ان يظهر . فلا تعجب من تعلق الشباب والمراهقين (بمحمد رمضان ) . فهو يقدم نموذج للفوضى و البلطجة علي الناس في الشارع  والرقص الهستيري والازياء الغريبة غالية الثمن والصور العامرة بالنساء والاموال واستعراض الثراء الفاحش من سيارات وفيلات وطائرات . كل هذا يثير غرائز الشباب ويوجه طاقته المكبوته الي تقليده في أعمال البلطجة والاعتداء علي الناس بدعوي الرجولة والفتوة فالشباب مولع بذلك ويتخذ من تلك الشخصية نموذج . 


لا لوم عليهم وهذه حقيقه . لم يقدم لهم المجتمع ايه نماذج اخري سواء كانت فنيه او رياضيه او سياسيه . لا يمكن ابداً ان  نظل نتذكر او نستحضر الماضي لنجد فيه الشخصيات الكاريزمية. فعمرو موسي مثلاً اقترب من التسعين وحسين فهمي مثله ويتبعهم الدكتور مجدي يعقوب وافتقدنا الدكتور زويل وحسب الله الكفرواي ومحمد حسنين هيكل والبابا شنوده والشيخ الشعراوي . كل هذه الشخصيات هي شخصيات عظيمه بلا جدال ولكنها من الماضي لا يمكن اعاده تدويرها او استحضارها فلكل زمن رجاله وعهده وثقافته ايضاً . 


حتي نجوم الصحافة والاعلام ممن يعقد عليهم الامل في الظهور ومخاطبة الناس فقد توارى الكثير منهم عن الانظار فآثر اغلبهم تغيير منهجه في النقد والسياسه واتجهو الي البرامج الاجتماعيه أو الفنيه في أطار ممل لم يجد قبولاً ولا استساغه عند غالبيه المشاهدين واصبح ظهورهم يبدو كوظيفة للتكسب ليس الا. 

ايضا اختفي نموذج الصحفي الكاريزمي امثال احمد رجب الناقد اللاذع ومصطفي حسين الفنان الساخر و المستكاوي المحلل الرياضي الفاهم . كل هؤلاء كانت الناس تنتظر كتابتهم وافكارهم ونقدهم . أما ألان  فقد اصبحت  الكتابات ممله و نيئه لا ابداع فيها ولا فكر و تبدو  كاتجاه وظيفي محدد  لا تثير او تؤثر في  الرأي العام كسابق عهد الصحافه وانهارت هذه المهنه تقريباً. 

نحن نبحث عن شخصيات جديده في حاضرنا بكل مفرداته من تقدم  وسرعه التواصل والانفتاح علي العالم الخارجي وما تم تصديره لنا من مشاكل معاصره لم نعهدها من قبل .  


كيف تقنع الشباب بغير الذي يرونه علي شبكه النت فليكس مثلاً وانت لا تملك الشخصيه التي يمكن ان تؤثر فيهم . كيف تواجه معطيات اخلاقيه جديده خطيره تبث لهم بإلحاح كحق من حقوق الانسان وتقوم الدول المتقدمه برعايتها  بالقوانين والمسانده الرسميه و (المثليه) مثال واضح لذلك وكذلك تدشين مبدأ العلاقات الخاصه خارج نطاق الزواج بدون ايه ضوابط اجتماعيه او اخلاقيه او حتي دينيه .

افتقاد الناس للشخصيات العامه والكاريزميه جعلتهم يتوقون للماضي واشخاصه للأسف . ولعلك تجد من  يستحضرون شخصيات عهد مبارك وابناؤه وهم نفسهم من قامت الثوره  ضدهم ولفظهم الشعب بسبب  تجبرهم وفسادهم وهو مايثير التعجب بل والسخريه . 

علينا ان نفتح مجالات الظهور لكافه الشخصيات في مختلف فروع النشاط المجتمعي فقد نجد في الازهر او الكنيسه من له كاريزما يستطيع بها ان يصل بها الي عقول وقلوب الناس . علينا ان نظهر شخصيات الاحزاب والبرلمان فلربما نجد في احد السياسين من يتحلي بالوطنيه المتدفقه والنظره السليمه والشجاعه في ابداء الرأي . 

علينا ان نفتح مجالا وظهوراً  لخبراء التدريس في المواد المختلفه علنا نجد ضالتنا في احد منهم . 

اظهرو لنا خبراء الزراعه والمشاريع الخاصه ونجاحات القطاع الخاص فقد تكون ملهمه للعديد من الشباب للتقليد المفيد والنافع . 


علينا ان نستلهم -اذا فقدنا القدره علي التجديد- من تجارب الدول الاخري ونري كيف تظهر تلك الشخصيات عندهم وماهي البيئه الملائمة لظهورهم  وان نطبقها فلعل ذلك ينبت لنا عديداً من تلك الشخصيات نكسر بها حاله الجمود الذي نعيشه حالياً.  


نريد (سوبر مان)  أو (بات مان) أو (الرجل الأخضر) لا يهم الاسم المهم ان نعيش معه ويعيش معنا نستلهم منه الشجاعه والاقدام . نقلده في كرمه وبذله وتضحيته. نتصرف مثله بثقه وصدق . لنرجع الي سابق عهدنا من حركه ونشاط وقدره علي قهر المستحيل والايمان بالتضحيه التي فقدنا الكثير منه والقدره علي تخطي الصعاب فلا حياه بلا تحدي او هدف . 

فهل سيولد هذا الرجل يوم ما ويظهر بيننا ام سنظل نراه في السينما فقط ؟ 

#سقراط #حكاوي_علام

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟