03:34 pm 07/05/2023
| رأي
| 1434
د. محمد العليمي يكتب: أحزان ممنوعة
في رحلة الحياة هناك العديد من الحكايات التي لا نستطيع إظهارها للنور، تلك الحكايات نُبقِيها حبيسة داخلنا، لنعيش تفاصيلها بيننا وبين أنفسنا، نحيا فيها، وحينما تكسرنا، نبكي أيضاً بيننا وبين أنفسنا، هذا لأن تلك الحكايات حطمت عالمنا الخاص، ذلك العالم الذي أخفيناه عن أعين الناس، أحد أبشع تلك الحكايات هي الأحزان الممنوعة، هي تلك الأحزان الذي تَبقَى أغلب تفاصيلها داخلنا وليس حولنا، أحزان تسكن الروح، لاتعود مشاعرنا بعدها كما كانت أبداً، قد تعود الوجوه للقاء وتعود الأيدي للمصافحة لكن شعوراً ما غادر الروح ولا يمكن له أن يعود أبداً، تلك الأحزان تجعل الروح فارغة، مفرغة ومقيدة بين شيئين: الذكريات والأقدار، فلا هذا يرحم ولا ذاك نستطيع منه الفرار.
تلك النوعية من الأحزان، ممنوعة من النشر، ممنوعة من العرض، أحزان لا نملك حق إظهارها للنور، أحزان تدور تفاصيلها بداخلنا أو بالأحرى تأكل داخلنا، لأن حولنا لا يتسع لها، كأحزان الحكايات التي نعيشها في الخفاء، الأحزان الممنوعة ضربات قاصمة، قاتلة، قد تكون غير مميتة، لكن إياك ان تعتقد أن الضربات التي لا تقتلك تجعلك أقوى، فقائل تلك العبارة لم يتلقي ضربات قاتلة، الناجون فقط من الضربات القاتلة هم من يمكنهم أن يحدثوك عن هذا الخوف الذي يلازمهم بقية حياتهم، الخوف من اﻷيام، الخوف من الأشخاص، الخوف من ضربة جديدة، يمكنهم أن يحدثوك كيف فقدوا الشعور باﻷمان والثقة في اﻵخرين، وربما الثقة بأنفسهم.
الناجون من الضربات القاتلة يصابون بنوع من تبلد المشاعر، يصبحون لا مبالين، لا شيء يحزنهم، لا شيء يسعدهم، أصبحوا يعرفون جيداً حقيقة أن لا شيء يدوم، الناجون من الضربات القاتلة يعيشون وحيدين، فمهما كان الزحام حولهم، هم يعلمون جيداً أن الجميع سيهرب يوماً من حولهم حال تلقيهم ضربة جديدة، الضربات القاتلة تعلم اﻷنانية، قد تجعلك قوياً، لكن لا أحد يعلم شيئاً عن كم الأطلال واﻷنقاض التي تحملها بداخلك، ومع مرور الوقت تتحول تلك الأنقاض لأحزان ممنوعة.