للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

مروة عطية تكتب : غرائب من التاريخ الإسلامي (3)

مروة عطية تكتب : غرائب من التاريخ الإسلامي (3)

01:19 pm 14/04/2023

| رأي

| 908


أقرأ أيضا: Test

مروة عطية تكتب : غرائب من التاريخ الإسلامي (3)

 

 

عزير : مات لمدة عام ثم أحياه الله !
في سورة البقرة ، أطول سور القرآن الكريم ، وأكثرها احتشادا بالقصص المدهشة ، تأتي قصة العبد الصالح الذي أوقع الله عليه الموت لمدة مائة عام ، ثم احياه ليجعله يوقن في قدرته تعالي ، بعد أن شك الرجل في امكانية إحياء وبعث الموتى من جديد .
” أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” * سورة البقرة:259
في تلك الآيات نري بداية وختام القصة ، وهي عن رجل داخله الشك في قدرة الله على احياء الموتى ، بعد أن مر بمنظر قرية خاوية ، فأماته الله من السنين مائة ، ثم بعثه ليجد أنه لم يتغير شيء مما حوله ، فطعامه وشرابه لا زالا على حالهما كما تركهما منذ مائة عام ، أما حمار فوفقا لكلام المفسرين فقد بعثه الله وأعاد خلقه من جديد أمام عيني صاحبه ، لتكون تلك آية وعبرة عظيمة له ، لكن السؤال المهم هو من يكون هذا العبد وما هي تلك القرية التي ضرب الله بها مثلا في الموت والوحشة والفناء ؟!
تضاربت آراء المفسرين فذكروا جملة من الافتراضات المتباينة ، فبعضهم أكد أنه " عزير" المشهور في القرآن الكريم ، والمذكور باسمه الصريح في سورة "التوبة " ، ومنهم من قال أنه " ارميا بن حلقيا " ، أحد أشهر أنبياء العهد القديم ، والبعض يوحد " أرميا " بشخصية الخضر الإسلامية الغامضة ، أما القرية المذكورة فأرجح الآراء وأكثرها انتشارا تجعلها ( بيت المقدس ) عام 587 ق. م ، السنة التي دخلت فيها جيوش بابل الجرارة إلي المدينة ونكبوها ، وأحرقوا هيكل سليمان ، أو ما بقي منه ، وقلعوا عيني ملك يهوذا " صدقيا " ، ثم استاقوا ألوفا من اليهود أسري إلي بابل ، فيما عرف بالسبي البابلي ، وكانت بيت المقدس عقب هجوم نبوخذ نصر " بختنصر" أشبه ما تكون بحفرة من جهنم ، وعلى ذلك فقد ظن ذلك العبد ، أي كان اسمه أو هويته الحقيقية ، أن قدرة الله ليس من شأنها أن تعيد إنشاء ذلك الموات والخراب كله ، ورغم النهاية السعيدة بإعلان صاحب القصة يقينه وايمانه بقدرة الله ، فإن ذلك لا يساعد كثيرا في استجلاء القصة الغامضة أو تبيان كثير من نقاطها المدهشة والمحيرة .
(2) النمروذ : الرجل الذي أعلن نفسه ربا !
يتخذ النمروذ دائما كمثال للتجبر والاستعلاء والغطرسة ، إنه الرجل الذي أعلن ألوهيته بلا مواربة في وجه النبي " ابراهيم " ، وجادله في الأمر مستعملا حجة في غاية السخف والتفاهة ، وكما رويت لنا قصته في سورة البقرة فقد كان الأمر على النحو التالي :
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.البقرة 258
لكن ما هي الشخصية الحقيقية التي تقف وراء تلك القصة المدهشة ؟!
النمروذ كاسم معروف من قبل الإسلام بكثير ، فهو مذكور في العهد القديم ، ونسبه كالتالي " نمروذ بن كوش بن حام بن نوح " ، وهو معدود بين مؤسسي الممالك والأسر الحاكمة ، فوفقا لسفر التكوين فهو مؤسس بابل وشنعار ، وقد ربط البعض شخصيته بالبطل الأسطوري الملهم " جلجامش " ، صاحب الملحمة الأشهر في التاريخ ، والنمروذ كملك كان عظيما ، كما أنه كان جبار صيد أمام الرب مثلما تصفه التوراة ، ويعني ذلك إنه كان متجبرا متغطرسا ، ومن بين الاقتراحات المدهشة لحل لغز شخصية " النمروذ " هو كونه الأصل للإله البابلي الشهير جدا " مردوخ " ، كما أن من الأدلة على شهرته وعظمته في عيون أهل العالم القديم هو تعدد المناطق والنواحي التي تحمل اسمه ، ومنها ( تل نمرود بالقرب من بغداد ، ومهما كانت الحقيقة الكامنة وراء تلك الشخصية فإنها تعد عن جدارة واحدة من أغرب الشخصيات التي أشار لها القرآن الكريم ، وأكثرها خصبا وثراء بالتفاصيل والاحتمالات .
 
(3) السامري : لعنة القرون لا تكفي !
من أشد الشخصيات التي ذكرها القرآن الكريم ، وتناولتها كتب التفسير والتراث الإسلامي بالذكر والتفصيل ، هي شخصية ( سامري بني إسرائيل ) ، الرجل الذي أضل قوم " موسي " ، أثناء بدايات فترة التيه ، ودفعهم لعبادة عجل مسبوك في البرية ، ذكرت قصة السامري في القرآن الكريم في سورة "طه" ، وهذا نصها :
قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا .
إذن فالآيات تتهم السامري صراحة بسبك عجل من الذهب ، وتضليل التائهين ، الذين تركهم نبيهم " موسي" في عهدة أخيه " هارون" وذهب إلي ميقات ربه ، وكان عقاب السامري في النهاية فريدا من نوعه ، وهو أنه يبقي بقية حياته لا يقدر على تحمل مس الأيدي له ، ربما من مرض جلدي أو باطني يجعل اللمس يؤذيه أشد الإيذاء ، تباينت آراء المفسرين في شخصية السامري الحقيقية ، فمنهم من قال أن اسمه الحقيقي هو " موسي بن ظفر " ، وأنه من أهل باجرما الذين تعودوا عبادة البقر ، بينما يؤكد مفسرين آخرين أنه من كرمان ، أما عن الطريقة التي تمكن بها من صنع العجل ومنحه القدرة على الخوار ، أي إطلاق صوت البقر ، فهي  قطعة مدهشة من الغرائبية الكاملة ، إذ يروي ابن كثير في تفسيره الشهير لمعني الآية " فقبضت قبضة من أثر الرسول" أن السامري كان أحد شهود غرق فرعون في البحر ، حين أراد اللحاق بموسي وقومه ، وقد رأي نزول جبريل لإهلاك فرعون وجيشه ، وكان " جبريل " راكبا فرسه السماوي ، فأسرع السامري وقبض شيئا من أثر حافر الفرس ، وكان لذلك التراب قدرات عجائبية ، إذ كان بإمكانه منح الحياة للجمادات والمكونات الجامدة ، ووفقا لتتمة القصة فإن السامري سبك العجل ، من الذهب المسروق الذي حمله بنو إسرائيل معهم من مصر ، ثم ألقي قبضة التراب في جوفه فتحرك وخار ، مما جعل السذج يسجدون له باعتباره إلههم ،ونهاية القصة كانت عودة موسي ليدمر العجل ، ويعاقب السامري بذلك العقاب الأبدي الفريد من نوعه !

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟