الكاتب : سقراط |
01:12 pm 30/03/2023
| رأي
| 2090
حلقات يكتبها :سقراط (6)
لم يحظ إسم بكم من المفاجاءت والاحداث السريعة مثلما حظي به هذا الوزير ! فكل الاحداث مرت علي الرجل كانت علي عجل .
فأحوال البلاد كانت تتقلب بشكل مثير للدهشه بعد فترة سكون امتدت لثلاثون عاما هي فتره حكم مبارك . فكل حدث ونقيضه كان يحدث في اليوم الواحد مرات ومرات . وزارات متعاقبة .. اعلانات دستورية هنا وهناك ، تطاحن لقوي معروفه وغير معروفه ، وتسمع ضجيجا اعلاميا من كل جانب . الصوره كانت سرياليه الى حد بعيد .
الرجل لم يكن من أرباب السياسة ولا هو مهتم بها فهو رجل تغلب عليه الصبغه العلمية والعملية .
كان قيادة تشق طريقها في هدوء لافتا نظر قادة القطاع في هذا الوقت لأسلوبه في العمل والاداره فكان مؤشره يتجه لأعلي دائماً .
لم يدر بخلد اسامه كمال وهو يتناول عشاؤه في هدوء في احد فنادق القاهرة ويتذوق البيتزا مع اصدقاؤه ان يهتز تليفونه بحرارة ليجد نفسه مطلوباً ليدخل معترك الحياه السياسية بتكليفه وزيراً للبترول تليفونيا وبدون أي مناقشه فأحوال البلد لا تتحمل تفكير او محاواره .
الرجل توقف عن تناول البيتزا و وقت احتساء فنجان من القهوة بات مطلوبا للتفكير في الهجوم المفاجئ والتغيير الدرامي الذي طرأ بدون سابق انذار علي مسار سفينة حياته.
لم يكن منصب الوزير وقتها جاذباً بأي حال ، فالحكومات لا تستمر اكثر من سنه او قل اسابيع ..التيارات السياسيه علي موعد يومي بتغيير في كافة مسارات العمل الوطني .الشعب متحفز لأي قيادة .. استفتاءات واحكام قضائية تغير كافة اتجاهات العمل بين عشية وضحاها .
كان التفكير صعبا والقلق يثقل كاهله . الرجل وجد ان عمره قد زاد بالعديد من السنوات بعد استقباله لهذا التكليف فقد يحال الي التقاعد بعد شهور علي الرغم كونه لم يجاوز الرابعه والخمسون من عمره وقتها .
ياله من موقف لم يتعرض له اي وزير تقلد منصب وزير البترول . فكلهم كانو من ابناء القطاع ودائما ما يكون تقلدهم لهذا المنصب شرفا كبيرا ومسئولية تجاه ابناؤه وزملائه في العمل وتتويجا لمسيره حياتهم المهنيه والعمليه الا هذه المره .
في تلك الظروف التي احاطت اسامه كمال ، فالمنصب في هذا الوقت كان وبالا علي صاحبه . لا تشريف فيه ولا تكريم فيه فهو حمل ثقيل ومسئوليه تجاه المجهول .وحتي القدرة علي العمل والانجاز محاطه بالشكوك في مدي القدرة علي القيام بها . فالحاله الاقتصادية بالبلاد شبه متوقفه وهذا القطاع الحيوي يعتمد اساسا علي دوران العجله الاقتصاديه بكافة مفرداتها.
نضبت رشفات القهوة واصبح الفنجان باردا وهو علي نفس الحاله من التفكير . هل هو وقت المغامره بكل شئ ؟
لم تستمر هذه الحاله طويلا فالوطن هو الباقي وهذا نداؤه ولابأس من اعتبار هذا التكليف مهمه انتحاريه او نوع من معارك الشرف في ساحات العمل الوطنيه مهما كانت العواقب .. واذا كان الاختيار قد وقع علي بدون سابق عمل سياسي او رغبه وسعي مني فهذا تقدير من الوطن لي شخصياً ولا يجب علي ان اقابل هذا بخذلانه عندما يطلبني للعمل والتضحية كما فعل البعض .
توكلنا علي الله وليفعل الله مايريد .. هكذا قال لنفسه مطمئننا بها هواجسه التي ما برحت تسيطر على تفكيره .
دخل اسامه القطاع بأحساس من الغربه والتوجس ، كمن يدخله لأول مره .فالتيارات عاتية ولغة الحوار اصبحت ذات صوت عال والمشاكل تحيط بالناس من كل جانب ومطالب فئويه لا تنتهي واستغلال الفرص في الحصول علي اي مكتسبات ماديه كانت في ذروتها .
كان الوضع متشابكا ومثيرا للأحباط فلا شئ يرضي الناس والكل يطلب ولا يقدم، وحاجات المجتمع من المواد البترولية تحوطها صعوبات كثيره والشركاء الاجانب قد اصابهم الوجوم وتباطئ نشاطهم بشكل ملحوظ ومنه من آثر السلامه وغادر خشية من الاوضاع الامن .
لم يضع وقتا كثيرا في التأمل واتجه فورا الي تهدئه وتيره المطالب الجامحه واصدر العديد من القرارات التنظيميه التي تحد من هذا الاسراف الذي وجد فرصة سانحه ليظهر بقوه في ظل تلك الظروف . وبدأ في اعاده ترتيب البيت ليعود القطاع الي سابق عهده من احترام في لغه الحوار والعمل بشكل جاد وليس غيره .
لم تقع هذه السياسة عند هوا العديد من دهاقين الانتفاع من كل شئ والذين استغلو حاله الانفلات في تقنين مالا يستحق لهم ولكنه استمر علي كل حال في محاوله السيطره علي السفينه في ظل مقاومه مستتره و في ظل بحر مائج من الاحداث، واجري العديد من التغييرات في القيادات وكان له رأي واضح في الاختيار لا يتأثر بأيه عوامل خارجيه فالرجل يتمتع بأستقلاليه ظاهرة وان لم تكن علي هوي العديد من الجهات الاخري في هذا الوقت .
ولم يتوان عن العمل في اعاده قطاع البترول لدوره الرئيسي في الانتاج واعاد تدوير بعض المفاهيم الباليه في العمل واعطي لتخصصه في البتروكيماويات دفعه في العديد من المشروعات والتي شعرنا بقيمتها الحقيقيه بعدما استكملت فيما بعد .
لعلك تلهث خلفي من تدافع سرد الاحداث .. نعم اتفهم ذلك واشعره فقد كانت كما هي وتشعر بها كقارئ ذاتها حول اسامه كمال بنفس التدافع السريع للاحداث في سباق مع الزمن او بمعني ادق المجهول .
لم يكن احد في ربوع مصر يعرف ما يمكن حدوثه غدا . وتلاحقت المتغيرات وحدث ماتوقعه اسامه كمال وغادر منصبه عندما اصبحت استراتيجيات حكم الاخوان في تلك الفتره غير مناسبه ولا يعلم اهدافها سواهم .
لم يحزن الرجل لقد كان علي درايه وتوقع لتلك الاحداث بل لربما كان يعرف ميعاد خروجه قبل ان يتقلد المنصب، وخرج سعيدا بما اسسه وحققه في تلك الفتره القصيرة فقطاع البترول بيته ، ولن يخرج منه فهو موجود به ويتفاعل مع احداثه علي مدار الساعه . ومنذ متي ونحن نعطي للمناصب تلك الاهميه .. الاهمية الحقيقية فيما تحققه من انجازات . هكذا قال لنفسه .
نعم انفرد اسامه كمال دونا عن جميع من سبقوه بأنه رجل الاحداث المتسارعه والجري نحو المجهول بدون رغبه منه .ولم يمر اي وزير بتلك الاحداث المتشابكه والمتسارعه خلال فتره عمله سواه ولكنه تعامل معها فيما اتيح له من وقت والاهم من ذلك ما اتيح له من اعصاب وقدره علي التحمل فالموقف العام كان معروفا للجميع .
لم يتواري الرجل وانما ظل علي عهده بأتصاله بكافه قيادات القطاع يعطي المشوره ويعرف تطوارات الاحداث ويعلق علي هذا النشاط في كافه وسائل الاعلام فالرجل معروف لديها بأنه رزين يميل للحديث الاكاديمي الرصين وله قراءت ومتابع جيد بل ودارس لمستحدثات التطور التكنولوجي في مجالات الطاقة عموما .
ونحن هنا بأننا مازلنا عند ظننا بأن المهندس اسامه لم يعط ماعنده بعد فالرجل دخل معترك الاحداث وحباه الله بالخروج سالما .
نحن ننعم بألاستقرار حاليا ونعبر مرحله هامه من مراحل العمل الوطني بعد ان نفض الوطن عنه كافه العثرات وغبار المعارك السياسية ، فلنا ان نري للمهندس اسامه دورا حقيقيا يتناسب مع قدراته العلميه والمهنيه.
هل يمكن التفكير في انشاء اكاديمية للتدريب للعاملين بالبترول وخارجه ايضا تكون علي مستوي عال من التقنيه ويقوم عليها متخصصين في كافه المجالات التي تهم سوق الطاقه في كافه افرعه الفنيه والاقتصاديه والتنفيذيه .
نريد ان توظف هذه الاكاديميه من الوقت والامكانيات لتدريب اصحاب الوظائف الصغيره لتنشئتهم بطريقه سليمه جنب الي جنب مع ما يتم تنظيمه من برامج للقيادات . وتكون تبعيه هذه الاكاديميه الي الوزاره بصفه مباشره حتي تكون تحت المتابعه المباشرة من اعلي القيادات . ويكون اجتياز اختبارات تلك الاكاديميه مسوغا للترقيه الي الدرجه الاعلي او التكليف بأي منصب يحتاج الي قدرات وامكانيات خاصه .
البترول كقطاع استراتيجي يحتاج الي هذا في اسرع وقت فتواتر خروج القيادات منه للتقاعد سيحدث فراغا لا يجب انتظار حدوثه وايضا في ظل تراجع المستوي العلمي والمعلوماتي لأصحاب الوظائف الاوليه وكذلك القيادات الوسطي والتي هي علي اعتاب تحمل لواء ومسئولية هذا القطاع بعد وقت غير طويل .
جميع قطاعات الدوله تفتخر بأكاديمتها التربيه . الجميع يفتخر ويتشرف بتدريبه في اكاديميه ناصر العسكريه والرقابه الاداريه وكذا اكاديميه التدريب بوزاره النقل والطيران المدني والعديد من القطاعات الاخري .
فهل آن للبترول ان تكون له اكاديميته المتميزه لتدريب العاملين به وتكون من قواعد العمل الاداري بالقطاع ويتيح افراز كل من هو متميز وعناصر قياديه يفتقدها القطاع بشده .
هل يفكر المهندس اسامه ؟ وعفوا لن نقطع عليك طعامك هذه المره .
وكل عام وانتم بخير .
#سقراط #حكاوي_علام