د.عزة سامي تكتب: مالا يُعلن عنه ولكن يُفطن له
 

في ظل تحديات العصر، يجاهد البعض ويثابر من أجل أن يحالفه التوفيق للقبول بالوظيفة المناسبة. حينها تشعر أنك تجاوزت خطوة مصيرية في حياتك لكي تستقر وتبدأ التركيز علي مهام عملك والمساهمة البناءة والترقي الوظيفي. لكن إنتظر، ليس كل شيء أمامك واضحاً، الأمر يحتاج بعض الذكاء وأحياناً إلي الدهاء لتفطن ما بين السطور. لا يعلم الكثير أن هناك قوي سحرية، كود الإستمرارية، كلمة السر، أو المكون السحري الذي يؤثر في نجاح وتطور، صراع، وأحياناً إنهيار الأفراد والشركات، ألا وهي الثقافة التنظيمية.
 
لك أن تتخيل أن هذا العنصر السحري (الثقافة الخاصة بكل شركة) تؤثر على كيفية شعور الموظفين وتصرفهم وطبيعة الموظف الذي يتم تعيينه والتمسك به من قبل الشركة .مكون خفي، إن فطنت له وتأقلمت عليه فأنت من الفائزين والمتميزين، وإذا وجدت الصعوبة للتعايش معه فلن تكون النتائج في صالحك. كم من ثقافة مكان أنهت مسيرة كوادر وكفاءات! و العكس صحيح.
(ستقوم معظم الشركات بتوظيفك لخبراتك السابقة، ولكن نجاحك المستقبلي سيتحدد من خلال تأقلمك ومدى فهمك وعملك في بيئتك الجديدة والتي إما أن تعظم تأثير نجاحك أو تحرفك عن المسار)  منقول.Harvard Business Review
 
كما أن لكل إنسان طابع أو سلوك مميز يتحكم في طريقة تفاعله بمن حوله، بالمثل هي ثقافة مكان العمل. ولتوضيح الأمر إليكم بعض الأمثلة: ثقافة يمكن إيجادها في مدير إدارة ليس له دور في القرار المؤثر علي فريقه وكأنه أشبه بسكرتير تنفيذي لتطبيق قرارات الإدارات العليا. قد تكون أن لكل مدير أحقية إختيار الإتجاه وفق رؤيته الشخصية بما لا يتعارض مع سير العمل طالما أنها لا تؤدي إلى ضجيج. قد تكون ثقافة تدفع إلي التنافس الغير معلن ما دام يؤدي إلي زيادة الإنتاج والربح حتي وإن كان التنافس غير صحي ويؤدي إلي إحتراق وظيفي للمحيطين. قد تكون في صورة مضايقات مستمرة من الزملاء والنقد العلني بعضهم البعض. ثقافة تهدم الموظف وتجعله ينجح بنفسه خارج إطار العمل، وثقافة تهتم لتطويره وظيفياً وتقديم الدعم والتقديرله. ثقافة تجرم طلب الأجازات ليقضي كل وقته مقيم بالعمل حتي وإن كان المكوث تمثيلي، وثقافة تقبل ذلك وتحترم الحياة العائلية. ثقافة إن لم تكن معي فأنت ضدي، وثقافة تحترم الإختلاف بين الأفراد. ثقافة تبني علي التقرب للبعض والحيل للترقي، وثقافة بها تطور مهني ووظيفي مُعلن. ثقافة تَبتكراللوائح لحرمان الموظف من حقوقه، وثقافة تقوم على حقيقة أن الموظفين هم الأصول الحقيقية للشركة. ثقافة تروج للطبقية بين أفرادها، وثقافة تحترم الجميع وتؤيد العدالة. ثقافة العمل تحت التهديد والضغط، وثقافة تحترم إبداء الرأي والتقدير. وقد تكون الثقافة عادلة تحث علي حفظ القيم وإتباع اللوائح مما يحافظ علي بيئة عمل مثمرة وناجحة لجميع الأطراف.
 
الثقافة التنظيمية موضوع يَطول الحديث عنه، حاول الكثيرون على نطاق واسع الإقتراب منه من وجهات نظر وتخصصات إدارية و غير إدارية متعددة، وكم أتمني أن ينظر إليه المدراء بشكل أكثر جدية لأهميته و تأثيره. كن علي علم أن إستعدادك بالسعي والإجتهاد والتطوير بالدراسات الأكاديمية والخبرات العملية لم يعد كافي. هناك مهارات أخري كالذكاء، الكياسة، الفطنة، المرونة وغيرها. لا حرج في التأقلم مع ثقافة مكان عملك، طالما أنها ليست مخزية أو هدامة أو مؤثرة بشكل محبط علي المدي البعيد. لديك الحق للتأقلم أو محاولة البحث عن ثقافة أخري تناسبك و تدعمك لإكتشاف أفضل ما لديك. البقاء لم يعد فقط للأقوي أو للأصلح، بل أيضاً للأكثر تكيفاً.
 
إن قدر الله لنا في العمر بقيه، فربما لنا في الحياة لقاء .....