02:54 pm 15/02/2023
| رأي
| 1563
تسعين عاما، أكثر من ألف شهر، ستة ملايين كيلومتر، تاريخ مجيد وحروب وانتصارات، ثورات وقمع ودعاوي مضادة، جيوش وجحافل من الأنصار والمشايعين، وحشود من الخصوم والأعداء، أولي الدولة الإسلامية الوراثية، وأخر دولة إسلامية حكمت من أرمينيا حتى الأندلس، إنها الدولة الأموية القوية الفتية، التي دام حكمها من 662 وحتى عام 750 ميلادية، ومن 41 إلي 132 هجرية .
قامت الدولة الأموية وتأسست على يد واحد من أشهر رجال التاريخ الإسلامي، وأكثرهم تعرضا للنقد والفحص لنواياه وحقيقة إسلامه، إنه " معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. "
فهو يلتقي بالنبي صلي الله عليه وسلم في عمود النسب عند " عبد مناف بن قصي بن كلاب"، الذي هو أول زعيم لقبيلة قريش، وشخصية " معاوية بن أبي سفيان" مثار جدل طويل، منذ إسلامه يوم فتح مكة سنة 8 هجرية، وقيل أنه أسلم سرا قبل ذلك، وأخفي إسلامه خوفا من أبيه، تولي " معاوية " عدة مناصب، قبيل خلافته العامة للمسلمين، أخرها وأهمها هو منصب والي الديار الشامية، وظل محسوبا ضمن رجالات المسلمين، وولاة الدولة الإسلامية الكبار، حتى مقتل الخليفة الثالث " عثمان بن عفان" في ذو الحجة من عام 35 هجرية، هذه الحادثة، التي أججت ما يعرف بالفتنة الكبرى، وقسمت المسلمين إلي فرق ومذاهب، كانت هي سبب شهرة وتمكن " معاوية" من الوصول إلي حكم الدولة الإسلامية الشاسعة، وتأسيس أسرة حاكمة ملكت وحكمت تسعين عاما !
تبدأ الدولة الأموية رسميا عام 41 هجرية، بعد أن آل منصب الخلافة إلي " معاوية" بالتنازل من " الحسن بن علي بن عبد المطلب"، وكان التنازل هو الوسيلة التي لجأ إليها خليفة المسلمين آنئذ " الحسن" لتجنب مزيد من القتال، وسفك دماء المسلمين .
وبتلك الطريقة أصبح " معاوية" خليفة على المسلمين، واجتمعوا تحت قيادته، بالرغم من أنه كان له الكثير من الخصوم والأعداء، وحتى بعد موته، وانتقال الحكم لابنه " يزيد بن معاوية"، وهو أول حاكم وراثي في تاريخ المسلمين، ظلت الأمور في دولة " بني أمية" غير مستقرة تماما، عدة ثورات، والكثير من المناوئين، لكن الأمويين استكملوا مسيرتهم، وحققوا الكثير من الإنجازات، وفي عهدهم تمت عدة فتوحات جديدة، أهمها فتح الأندلس سنة 92 هجرية، وشهدت الدولة نهضة عمرانية وعسكرية واقتصادية، غير أنه، وككل دولة في التاريخ، حلت فترات الضعف والانهيار، خصوصا بعد وفاة " هشام بن عبد الملك " سنة 125 هجرية، وصيرورة الخلافة لأحفاد " عبد الملك بن مروان"، هنا بدأت معالم الانهيار، وبوادر انهيار الدولة، وتجمعت الأسباب لتؤدي إلي انهيار دولة، حكمت لسنوات طويلة، دولة واسعة مترامية الأطراف، وكان من أسباب هذا السقوط والانهيار المدوي :
1- الثورات العديدة التي قامت في وجه الأمويين، من الشيعة والخوارج .
2- تولي العرش لعدد من الخلفاء الضعفاء، الذين أنشغل بعضهم باللهو والسمر والعربدة، تاركين أمور الحكم والقيادة للقواد والمستشارين
3- أما أهم سبب عجل بالقضاء على الأمويين، فهو ما أبدوه من فساد رأي في معاملتهم للموالي، وهم الشعوب غير العربية التي دخلت الإسلام، مثل الفرس والترك، فلم يجدوا من الأمويين إلا كل ظلم وجور وتجاهل واستخفاف بحقوقهم، متجاهلين في هذا قواعد الإسلام من عدالة والحكم بين الناس بالقسط !
العامل الأخير كان هو كان هو سبب اندفاع الموالي، خاصة الفرس منهم، لدعم ومساندة الدعوة العباسية، التي كرست الكثير من الدعاة والأموال والمؤيدين، ونشرت دعوتها في كل ولايات وإمارات الدولة الإسلامية، وجيشت المشاعر ضد الأمويين، كل ذلك في غفلة من خلفاء بني أمية، الذي فوتوا على انفسهم فرصا عديدة للإصلاح، وجمع شمل شعوبهم مرة أخري .
فكانت النهاية المنطقية، والدرامية، في معركة الزاب الهائلة، التي وقعت يوم 11 جمادي الآخر عام 132 هجرية، والتي هزمت فيها جيوش الأمويين، واندحرت أمام جيوش عباسية كبيرة، يقودها " عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب العباسي الهاشمي "، الذي هزم جيوش الأمويين، وأوقع بهم مذبحة هائلة، وكان الأمويين تحت قيادة خليفتهم، وخليفة الدولة الأموية، الأخير " أبو عبد الملك مروان الثاني بن محمد بن مروان الأول بن الحكم بن أبي العاص الأموي"، وقد فر " مروان" إلي مصر بعد هزيمته، لأنه كان يعرف أن وقوعه بين أيدي العباسيين يعني هلاكه المؤكد، غير أن أعدائه تتبعوه، حتى وصلوا إليه وهو لائذ بكنيسة في ( أبو صير) بالجيزة في مصر، فقتلوه، بعد أن حاول أتباعه الدفاع عنه، حتى قتلوا عن بكرة أبيهم، وبعثوا برأسه لخليفتهم " السفاح"، ليكتب التاريخ نهاية مؤلمة ودامية، لكنها مستحقة بشكل ما، للدولة الأموية العظيمة !
مصادر :
1- كتاب ( الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار ) لمؤلفه " علي محمد محمد الصلابي "
2- تاريخ الدولة العربية من ظهور الإسلام إلى نهاية الدولة الأموية للمستشرق " يوليوس فلهاوزن