08:24 am 10/12/2022
| رأي
| 1993
إمرأة عامله وافتخر…ياسمين الجاكي
نعم سيدة عامله أحب عملى وأخلص فيه وأرغب فى تحقيق الذات والوصول إلى أعلى المناصب، يأسرنى الثناء والشكر والتقدير ، اطير من الفرحه عند كل ترقيه ، افتخر عند حصولى على اى درجه علمية جديده .
استيقظ حين يندلع نور الصباح وعند سماع زقزقه العصافير .. اتجول بين ارجاء المنزل فى نفس التوقيت كل يوم لأحارب الفوضى والعبث الناتجه عن ابناءى بداخله .
تجدنى كالآله التى حفظت كيف تعمل بشكل يومى وتعرف ماذا ستفعل واين ستضع هذا وكيف ترتب ذاك واين ستتجه وماذا ستعد من طعام اليوم فى سرعه بالغه واين ستذهب وماذا تشترى .
.
وكأن العقل حفظ ما يريده يومياً و يعمل تلقائياً دون تفكير.. اصبحت لا أشعر الآلم، فقد اعتاد الجسد عليه واصبح ملازماً له.
اقود سيارتى التى حفظت مشوار العمل ، أسير مبرمجه لا أتحسس شيئاً جديدا فى الطريق المعتاد للعمل، واثناء رحلتى عقلى يعمل باستمرار ، يفكر فى احداث اليوم اثناء العمل وعند وصولى لمنزلى، اعيد ترتيب الأشياء وأولوياتها وفقاً لأهميتها..
وحين اصل لمكان عملى تنتهى لحظات التفكير ، ارسم ابتسامتى واستعيد النشاط واشعر بالتحفيز والإراده فى انجاز الأعمال المنوطة لى..أجوب بنشاط وهمه بين أركان العمل آمله فى تحقيق هدفى ومساعده من حولى ورؤية الجميع آمنين، يسودهم الرضا والمحبه والعمل بإخلاص، أرغب فى وضع لمسات بسيطه محفزة ومبهجه .
اريد الصعود والنجاح والشعور بأننى مازلت أجود املك الافكار الهادفه وأن يكون لى كيان واضح ومميز ، اعمل من اجل نجاح الذات واثبات أننى امرأه ناجحه تتحدى الصعاب والمتاعب ، وتستطيع تغيير القادم والمساهمه فى التطوير والتنمية المستمره لأكون جزءاً مهماً يفيد المجتمع ويساهم فى اضافه جزءاً بسيطا فيه فهى تعود بايجابيه الوجود الانسانى بالنسبة لى ..
ابحث عن الابداع والعطاء ووضع بصمتى فى اى شيء ممكن ، اجد نفسي فى تحقيق ذلك واسعد عند كل نجاح و اشعر بقمة السعاده عند اضفاء البسمه على وجه الآخرين وايجاد حلول لمشاكلهم .
كما ابحث عن توفير حياه مناسبة لأبنائى وان ابذل قصارى جهدى لإسعادهم واشباع متطلباتهم.
يمر الوقت اثناء مزاواتى للعمل ولا اشعر بتعبه مع كلمه شكر، فى كل لمسه تقدير، فى كل نظره حب ممن حولى، وفى كل انجاز أو خطوه جديده اتوصل اليها، وتمر ساعات العمل لأكتشف ان وقت العمل قد انتهى .
لأعود لمنزلى مسرعة لتعمل الآله من جديد، وكأننى بدأت يومى فى تلك اللحظه ويبدأ اعاده التشغيل فى صمت دون شكوى ، لأعاون ابناءى واحتويهم واوفر جميع متطلباتهم ، استذكر دروسهم واعد لهم الطعام ، وانجز واجبات المنزل، اصطحبهم الى الدروس والأنديه واستمع لشكاويهم وطلباتهم، اداويهم عند المرض واحتويهم عند الحزن ، اشاركهم جميع الأوقات وأقرأ ما بداخلهم .
نعم اشقى هنا وهناك ولكن هناك فارقاً بين شقاء عملى وشقاء ابنائى فمع كل نجاح لأبنائى يزول التعب ، ومع كل بسمه ارسمها على وجوههم انسى الألم ، ومع كل خطوه يصعدون فيها اجد مغزى لعملى المستمر .
نعم اقسو عليهم احيانا من شدة الضغوط والتعب فأشعر احيانا ً بأننى أمثل اكثر من شخصيه وأكثر من دور أظهر الجانب الأجمل فى عملى، واعود لأفرغ طاقات الغضب والتعب والجهد، ولكن سرعان ما اعاود محاسبة ذاتى بأننى فى الأساس والأهم أم لأجمل عطايا من الله فى هذا الوجود.
هم الحصاد الحقيقى الذى لا غنى عنه فى هذه الحياه، هم المعنى الأوضح والأصح.. هم من يستحقون التضحيه بكل ما املك ، هم الأول والأولى ، هم الجديرون ان أترك كل شىء من اجلهم .
نعم اريد النجاح بعملى ولكن نجاحهم اهم، فكل ما افعله لهم وبهم ، فالمناصب زائله والامومه هى الباقيه ..حب العمل سينتهى وحب الأبناء الى الأبد ..وقت العمل محدد ووقتى لأبناءى غير مشروط او مرهون بموعد ثابت .. العمل هو الحدود والأسره هى اللا حدود واللا نهاية ..
فالأم بدورها تخلق وترسخ الذكريات لدى الابناء منذ الصغر بقراءه القصص او تحضير اطباق شهيه او بالصور والأصوات والروائح والمواقف والتصرفات التى ستظهر لهم لاحقا وتسترجعها ذاكرتهم فى حياتهم المستقبليه.
فلنحافظ على هذه الثمره التى تكبر امامنا يوماً بعد يوم ، ولا نغتر بالمناصب والدرجات ، فلا نجاح يتحقق الا بهم ولن نشعر بالسعاده الداخلية الحقيقية الا بوجودهم سعداء أمناء مطمئنين كلما تواجدنا معهم .
لا تنسي انك فى الأساس سيده و ام ، لا تنشغلى بعملك وتنسى ما هو اهم واثمن، فكل كنوز العالم لا تسوى ضياعهم ووحدتهم وفشلهم وانسياقهم وراء الحياه المخيفه فى ظل التكنولوجيا والأفكار الحديثة التى قد تؤدى الى الهلاك والتفكك، حاسبى نفسك باستمرار حتى لا تشعرى بالذنب وعوضهيم عن وقت ابتعادك عنهم بالحنان والاستماع وليس بالهدايا والأموال.
نعم انتى قادره على التحدى وتحقيق التوازن بين عملك وابناءك ولكن اجعلى الأولوية والأهتمام والرعاية دوماً لهم.
هم بحاجه الى متابعتك المستمره ووجودك بجانبهم .. وانتى بحاجه لأن تشعرى بأنوثتك وأمومتك وبعدم تقصيرك فى حق نفسك وحقهم عليكى.
فأنتى مصدر الامان والعاطفه لهم ، ولمنزلك انتى الجمال والنعومه والبسمه والروح الحقيقية.
نعم سيده عامله احب عملى وارغب فى تحقيق الذات، ولكننى فى الأساس والأهم و بالدرجه الاولى أعتز بكونى أم.