للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

محمد العليمي يكتب : كانوا رجال عاديين

محمد العليمي يكتب : كانوا رجال عاديين

08:20 am 10/12/2022

| رأي

| 1289


أقرأ أيضا: Test

محمد العليمي يكتب : كانوا رجال عاديين

 

رغم مرور الكثير من الأعوام وتقدمنا في العمر، وما أكل الدهر منا وشرب ، إلا أننا نظل نتذكر آبائنا دوماً ، قد يظن البعض انه بتقدمنا في العمر يتلاشى إحساس الفقد! الا انه علي العكس تماماً فإحساس الفقد يظل يتعاظم داخلنا حتي وان لم نعي ذلك ، فنحن نوهم أنفسنا أننا أصبحنا كباراً أشداء ، لكنك في الكثير من الأيام تحن لأبيك كما لو انك عدت طفل تنتظر عودته من عمله لترتمي في أحضانه ، لتدرك انك في أمان و لاشيء يدعو للقلق او الخوف.
كرجل ؛ تظل امك طوال عمرك اهم شخص فى حياتك حتى تلامس الأربعين تظل امك كما هى ؛ اهم شخص فى حياتك ، إلا ان والدك في تلك الفترة يصبح خارج التصنيف "ذو مكانة متفردة" تبدأ فى فهم كل ما كنت لا تستوعب من تصرفاته سابقاً ، تتفهم شروده ، لحظات القلق فى عينيه فى اقوي لحظات الفرح ، تتفهم حاجته للعزلة فى اوقات ليست بالقليلة ، ان يبقى فقط وحيداً ، تعي انه لم يكن بذلك يصدكم أو ينعزل عنكم ، سوى غير ان الرجال الحقيقين يحتاجون للعزلة أحياناً ليراجعوا يوماً سيئاً أو حدث جلل يغير كل الخطط ، تعي لكنه وعي متأخر ، أن صمته و عزلته كانا فقط حماية للاسرة ، لأنه لا يستطيع أن ينقل لكم قلقه او ما يحبطه أو هزائمه ، فالرجال الحقيقين يتحملون هذا بمفردهم و عن طيب خاطر.

 

عندما تتخطى الأربعين يتزايد حبك و إحترامك بشدة لأبيك لانك تدرك أخيرآ ، كم إستطاع قمع رغباته وتنازل عن احتياجاته لأجلكم وكم تنازل عن طموحات شخصية و تقبل إحباطات إجتماعية او وظيفية بصدر رحب لأجلكم ، و كل هذا كان فى صمت و ثبات الجبال ، حينما تدرك كل ذلك ستدرك ساعتها فقط انك أصبحت أربعيني و إنك و للعجب قد بدأت دون ان تدري في طور التحول لنسخة من ابيك ؛ تبدأ فى قمع نفسك ورغباتك ، تتقبل الاستمرار فى حياة لا تحبها أحياناً لاجل الاسرة ، تفعل ما يرفضه عقلك و قلبك لاجل أولادك ، تتحول ولا أعرف ان أصف هذا التحول ؛ تتحول لأبيك.

 

لتعرف الحقيقة الغائبة وهي أن الأبطال الخارقين هم الرجال العاديين ، الذين تحملوا كل هذا فى صمت و صبر و جَلَد ، ورغم انهم بعد كل هذا لم يحصلوا على التقدير و المحبة الكافيان حتى من أسرهم ، لكنهم استمروا فى دورهم ببطولة حقيقية ، تحب والدك دوما ! لكنه يصل لدرجة اسطورية فى روحك بعد الأربعين ، وتصير رجلاً فقط عندما تتحول لأبيك ، لتدرك كم كان خارقاً رغم قناع العادية الذي تغلف به بواقعية مدهشة ، أتحدث عن الرجال الحقيقيين العظماء ، حتى و ان بدوا اشخاص عاديين ؛ أتحدث عن ابي و ابيك.

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟