حصلت «الدستور» على النص الكامل للتحقيقات التى أجريت مع المتهمين الثلاثة فى القضية المعروفة إعلاميًا باسم «رشوة البترول الكبرى»، والمقيدة برقم 13 لسنة 2017 جنايات أمن الدولة العليا.
وتضم قائمة المتهمين كلًا من محمد عبدالمنعم زايد، مساعد رئيس شركة «بدر الدين للبترول- بابيتكو للمشروعات»، وتامر السعيد سالم، مدير عام مساعد الإدارة العامة للموارد البشرية للعملاء بشركة «إسكندرية للصيانة البترولية- بترومنت»، ووائل محمد عثمان، رئيس مجلس إدارة شركة «الخليج للتجارة»، والعضو المنتدب.
ووجهت نيابة أمن الدولة العليا لهم، بعد تحقيقات على مدار شهرين، بصفتهم موظفين عموميين، تهمة طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفتهم، وذلك بأن طلب المتهم الأول، بواسطة المتهم الثانى، من المتهم الثالث، مبلغ 5 ملايين و417 ألف جنيه، فضلًا عن حصول المتهم الثانى من الثالث على 7 ملايين و890 ألف جنيه، وذلك على سبيل الرشوة.
سبيكتان ذهبيتان و90 ألف جنيه فى غرفة.. نوم ضمن المضبوطات
تضمن التقرير الأول لهيئة الرقابة الإدارية، شهادة عضو الهيئة «م.أ.ع»، التى جاء فيه تلقيه معلومات أكدتها تحرياته، عن طلب وأخذ المتهمين الأول والثانى مبالغ مالية على سبيل الرشوة من المتهم الثالث، مقابل إسناد أعمال توريد العمالة الفنية المحلية والأجنبية والمعدات المطلوبة لشركة «بدر الدين للبترول»، وغيرها من شركات قطاع البترول، إلى شركة المتهم الثالث كمقاول من الباطن لشركة «إسكندرية للصيانة البترولية - بترومنت»، مع سرعة إنهاء إجراءات صرف قيمة المستحقات المالية الناشئة عن تلك الأعمال.
وأشار عضو «الرقابة الإدارية» إلى أنه طلب إذنًا من النيابة العامة بتاريخ 20 أغسطس 2016، بمراقبة وتسجيل المحادثات التليفونية واللقاءات التى تتم بين المتهمين فى القضية، فتبين بتسجيل الوقائع المتبادلة بين الطرفين والتحريات، طلب المتهمين الأول والثانى، أخذ عطايا مالية على سبيل الرشوة منذ 2007، وحتى نهاية أكتوبر 2016، تجاوزت قيمتها نحو 13 مليون جنيه، مقابل إسنادهما أعمال توريدات إلى المتهم الثالث، وإنهاء صرف المستحقات المالية عن هذه الأعمال والتى بلغت قيمتها نحو 114 مليون جنيه.
وأوضح عضو «الرقابة الإدارية» الذى سجل الوقائع بعد حصوله على أذون النيابة العامة، أنه بتاريخ 13 أكتوبر 2016، تلقى بلاغًا من المتهم الثالث أيد فيه ما أسفرت عنه تحرياته، وأضاف إليها أيضا معلومات منها أن المتهمين الأول والثانى طلبا وأخذا منه على سبيل الرشوة عطايا مالية، تعادل ثلثى قيمة صافى أرباحه من أعمال التوريدات التى أسندت إليه بواسطتهما كمقاول من الباطن منذ 2007.
وتمكن ضابط «الرقابة الإدارية»، بتاريخ 26 أكتوبر 2016 من تسجيل لقاء جمع المتهمين الأول والثالث داخل مكتب المتهم الأول، الذى شهد استعراض تفاصيل إحدى المناقصات التى سيتم طرحها من جانب شركة «بدر الدين للبترول»، وطريقة مساعدته للمتهم الثالث فى إسنادها إليه، على أن يستكمل المتهم الثالث سداد باقى مبالغ الرشوة.
وأشار إلى تمكنه يوم 31 أكتوبر 2016، من ضبط المتهم الأول أيضًا، وبتفتيش مكتبه فى ذات التاريخ عثر معه على مبلغ 28 ألف جنيه، وبتفتيش مسكنه وفق إذن النيابة العامة، عثر على سبيكتين ذهبيتين، وعقدى شقة لوحدة سكنية وآخر لسيارة، وكما عثر فى مسكن المتهم الثانى، بالتحديد داخل غرفة نومه على 90 ألف جنيه.
المتهم الأول للثالث :«العقد رشوة صريحة.. إدينى شغل أديك فلوس»
واشتملت المستندات التى قدمها عضو هيئة الرقابة الإدارية أيضًا على تقرير دقيق بالتسجيلات الهاتفية، وكذلك وقائع مصورة بالفيديو تم ضمها ضمن ملف التحقيقات فى القضية على أسطوانات مدمجة، بعد الحصول على إذن النيابة العامة، وتتبع أوامر الإسناد والتوريدات التى تمت داخل شركة «بدرالدين»، وهى إحدى شركات قطاع البترول المشتركة، والتابعة للهيئة المصرية العامة للبترول، والعاملة فى مجال إنتاج الزيت والغاز.
وفى سبيل تنفيذ أعمالها، أسندت أعمال توريد العمالة الفنية والخبراء الأجانب والمعدات إلى شركة «الإسكندرية- بترومنت» منذ العام المالى 2007-2008، مقابل مبلغ مالى بلغ قدره 9 ملايين دولار تقريبًا.
وبناء على ذلك التعاقد، أسندت شركة «بترومنت»، أعمال التوريد للعمالة والخبراء الأجانب إلى شركة «مركز الخليج للتجارة»، والمملوكة للمتهم الثالث، كمقاول من الباطن لتوريد العمالة الفنية، حيث يشرف المتهم الثانى على التعاقد، ويحصل على موافقة شركة «بدرالدين للبترول»، بعد اعتمادها من المتهم الأول خلال الفترة المذكورة.
وأكدت التحريات التى تمت، طلب وحصول المتهمين الأول والثانى على منافع مالية وعينية على سبيل الرشوة من المتهم الثالث، مقابل استغلال نفوذهما لدى مسئولين بشركتى «بدر الدين للبترول» و«بترومنت» بقطاع البترول، فى إسناد أعمال توريد وتوفير العمالة الفنية والخبراء الأجانب، ومنها العقد رقم 1200 /20016، وأمر الإسناد رقم 185 /2007، وكذلك تسهيل إجراءات صرف تلك المبالغ على مدار السنوات الماضية حتى تاريخ ضبطهم.
واستشهد عضو هيئة الرقابة الإدارية، بإذن النيابة العامة لمراقبة وتسجيل أرقام 6 خطوط تليفونات مملوكة للمتهمين، وجرى تفريغ المكالمات ومنها مكالمة بين المتهمين الأول والثالث، جاء فيها: «إنت هتستعمانى وبتقولى عقد تامر ده معملناش حاجة.. دى رشوة واضحة وصريحة أكتر من زمان يا راجل.. إدينى شغل وأديك فلوس»، وجاء فى مكالمة أخرى: «أنا بقالى سنتين مستحمل الوساخة بس مستخسر الشغلانة».
وجاء فى مكالمة ثالثة: «المبلغ المتوقع صرفه فى حدود 200 أو 250 ألف جنيه من شركة بترومنت، وإحنا ماديناش زايد لحد دلوقتى، وفيه عقد صغير على جنب، وعندما يوجد شغل ضخم نتقاسمه مع بعض»، ومكالمة أخرى خاصة بـ«تغيير 17 ألف يورو و5 آلاف دولار لمحاسبة محمد زايد وإعطائه أمواله»، ومكالمة أخرى بين المتهم الثالث وشقيقه «هيثم» تحدثا فيها عن حصول المتهم الثانى على مليون إلا ربع شهريًا من تلك العمليات.
وأسفرت عمليات الضبط أيضًا عن احتفاظ المتهمين الأول والثانى، بالأوراق والمستندات الخاصة بعوائد مبالغ الرشوة السابق حصولهما عليها بمحلى سكنيهما وعملهما، وتبين عن وجود محلى إقامة آخرين لهما فى «الرحاب» وميدان «النعام».
اعترافات الثلاثة :رشاوى بـ13 مليون جنيه أضاعت على الدولة مليارات
عقب تقديم هيئة الرقابة الإدارية قائمة أدلتها، استمع فريق من المحققين بمقر نيابة الدولة العليا إلى المتهم الأول «محمد عبدالمنعم محمد زايد»، مساعد رئيس شركة «بدر الدين للبترول - بابيتكو» للمشروعات، وعضو لجنة البت فى الشركة.
وأقر «زايد» بأنه مختص منذ 2007 بالإشراف على جميع الأعمال الفنية والمالية والإدارية والتعاقدية بمشروعات الشركة محل عمله، ومنها إصدار الأوامر الخاصة بالشغل إلى الشركات المتعاقدة لتوريد العمالة الفنية والمعدات من خلال مقاولى الباطن.
وأشار إلى أنه فى غضون عامى 2006 و2007 شارك فى إبرام عقد خدمات فنية بين شركته وشركة «إسكندرية للصيانة البترولية- بترومنت»، الذى بمقتضاه توليت هذه الشركة توريد العمالة الفنية اللازمة لشركته «بدرالدين»، وتولى مسئولية تشغيله، بينما تولى المتهم الثانى مسئولية تشغيله من حساب شركته.
وأوضح أنه نفاذًا لهذا العقد اضطلع منذ 2009 بإصدار أوامر شغل لشركة «بترومنت للصيانة البترولية»، وأسند لها أمر توريد عمالة فنية ومعدات، وحتى نهاية ديسمبر 2015 علم بإسناد بعض أعمال التوريد لشركة «مركز الخليج» المملوكة للمتهم من باطن شركة «بترومنت»، واضطلع أيضًا باختيار العمالة الموردة ومتابعة إنهاء إجراءات صرف المستحقات الناشئة عن تلك الأعمال.
ونوه إلى أن المتهم الثانى اعتاد تسهيل صرف مستحقات شركة المتهم الثالث، وسبق تدخله لدى المتهم الثانى من أجل صرف المستحقات المالية، لافتًا إلى أنه اتفق والمتهمان الثانى والثالث فى نهاية أكتوبر 2016 على دفع 93 ألف جنيه يتم اقتسامها بالتساوى لإنهاء تعامل عقارى جرى بينهم.
وقال المتهم الثانى، إنه توسط خلال الفترة من 2007 و2008 وحتى تاريخ ضبطه نهاية أكتوبر 2016 فى أخذ المتهم الأول مبالغ مالية قدرها 13 مليون جنيه على سبيل الرشوة من المتهم الثالث، مقابل إسناد توريد العمالة والمعدات المطلوبة لشركة «بدر الدين للبترول» إلى شركة «مركز الخليج للتجارة».
وأشار إلى أنه اختص منذ 2007 بتوريد العمالة الفنية المطلوبة من الشركة محل عمله لشركات قطاع البترول، وأنه تعرف على المتهمين الأول والثالث، فطلب المتهم الأول نسبة قدرها 30% من صافى أرباحه على سبيل الرشوة عن جميع أعمال توريد العمالة المسندة إليه من باطن شركة «بترومنت»، مقابل إسناد أعمال التوريدات المطلوبة لشركة «بدر الدين للبترول» إلى المتهم الثالث كمقاول باطن، وقبول ما يورده من عمالة، فلاقى طلبه قبولا لدى الأخير، كما طلب المتهم الأول منه التوسط فى واقعة الرشوة تلك بأخذ مبالغها دوريا من المتهم الثالث وتسليمها إليه فوافقه.
واعترف المتهم الثالث بتقديمه رشوة مالية بلغت 13 مليونًا و314 ألف جنيه، لافتًا إلى أنه بعد 2009 واتساع الأعمال حققت شركته أرباح مالية بلغت قيمتها 946 ألف جنيه نتيجة أعمال من باطن شركة «بترو منت» أخذ منها المتهمان الأول والثانى فى شكل مناصفة بينهما 631 ألفًا و217 جنيهًا، وفى 2010 بلغت نسبة صافى الأرباح لشركته 547 ألفا و62 جنيهًا، أخذ منها المتهمان الأول والثانى 365 ألفًا و174 جنيهًا مناصفة على سبيل الرشوة .
وأشار إلى بلوغ أرباح شركته فى 2011 مليونًا و50 ألفًا و307 جنيهات، أخذ منها المتهمان الأول والثانى 700 ألف و204 جنيهات مناصفة على سبيل الرشوة.