08:04 pm 20/06/2022
| رأي
| 3979
خطاب التعزية والتهنئة…محمد موافي
لم يكن النهار جيدًا، ولم أكن فيه بخير، وفيات على الفيسبوك لمعارف أو أقارب لأصدقاء…عادةً أمرُّ دون تعليق ولا تعزية، فأنا تربيت على أن العزاء باليد كما يليق بالكرام.
وكالكرام مررتُ سريعًا، لأجدني أمام نبأ جريمة المنصورة التي تشير إلى أن أزمة المجتمع جبلُ جليدٍ ضخم، لا نرى منه إلا قِمّته الهشّة. ولم يمر المساء إلا بخبر انتحار شاب من برج القاهرة.
العجيب، إحساسي أن الناس ينتظرون أخبار المصائب، يمصمصون الشفاه
ويكتبون تعليقات ظاهرها الحزن وباطنها ثلج وبرود كرعشة الموت.
كل ما حولك يدعو للأسف يا حزين.
انتظر! هناك شيء، شيء ما..شيء حزينٌ أيضًا، لكنّ به جمالًا.
هناك شيء يقول: "فيها حاجة حلوة"
الصديق والأخ الكبير عاطف بك أباظة، ينعى أخاه سامي بك أباظة.
النعي صورة ضوئية لخطاب تركه الفقيد لشقيقه، يوصيه بالعائلة، يوصيه بالكل،يؤكد له أنه مقبل على الموت وهو مطمئن أن له أخًا وفيًّا.
أردت أن أعلق، تراجعت، خشيت أن أكتب شيئًا قد يفهمه البعض لا يصح في موقف الموت والحزن.
لكنها الحقيقة، وجدت سرورًا، أن مصر لا تزال بخير رغم كل قتامة المشهد التعيس. ما زال بها (ولاد الناس) الذين يرحلون في هدوء تاركين كلمة تختصر عمرًا كاملًا.
لكنهم مثل الملح، يذوب في مياه بحر مضطرب بالقبح. فماذا جرى لنا؟ ولما غطّى الأشرار على كل شيء جميل؟
وكيف –كما قال الشاعر- ترعرع في وادينا الطيب كل هذا القبح؟.
مع أن فينا خيرًا باقيًا وخجولًا يختبئ بالصدور وخلف جدران البيوت المحترمة.
البقاء لله في فتاة المنصورة، وفي الشاب المنتحر. وفي المجتمع كله.
وتعازينا لكل آل أباظة الكرام.