د-أحمد هندي:

أسطورة قطاع البترول المصرى الدكتور حمدى على عبد الوهاب البمبى ،تفوق فى دراسته بكلية الهندسة قسم بترول فكان من أول الخريجين ،فتم تعيينه معيدا بكلية الهندسة جامعة أسيوط ، وكان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حسين شديد الحرص على رعاية المتفوقين علميا ، فسافر فى منحة من الدولة إلى الاتحاد السوفيتى عام ١٩٦٠ ، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليحصل على الماجستير من جامعة تلسا بولاية أوكلاهوما عام ١٩٦١ ،ثم حصل على درجة الدكتوراه فى اقتصاديات صناعة البترول من جامعة تكساس الأمريكية عام ١٩٦٣ ، وله مؤلف علمى عن صناعة البترول هو كتاب البترول بين النظرية والتطبيق !! 

وعقب عودته إلى أرض الوطن كانت التوجه العام للدولة فى ذلك الوقت هو الأستفادة القصوى من العائدين بالدرجات العلمية والخبرات العملية المكتسبة من الجامعات الأمريكية الكبرى، لتبدأ رحلة الدكتور مهندس حمدى البمبى بقطاع البترول المصرى فى شركات الأستخراج المشتركة مع الشركات الأمريكية لما يتمتع به من قدرات فى هذا المجال !! 

بدأ حياته العملية فى عام ١٩٦٣ ولمدة ثلاث سنوات بالشركة الشرقية للبترول ابورديس جنوب سيناء ،وفى عام ١٩٦٦عمل مدرساً بكلية الهندسة جامعة الأزهر لمدة عامين !! 

بعدها انتقل للعمل بشركة بترول الصحراء الغربية ويبكو فى عام ١٩٦٨ ،وخلال تسع سنوات قضاها بالشركة تدرج بشكل سريع حتى وصل إلى درجة مدير عام العمليات بشركة ويبكو !! 

ليصدر له قرار من وزير البترول فى عام ١٩٧٧ ،بتولى منصب رئيس مجلس إدارة شركة خليج السويس جابكو والعضو المنتدب لمدة إحدى عشر عاما ،حتى صدر قرار تعيينه رئيسا للهيئة العامة للبترول عام ١٩٨٨ ،لمدة ثلاث سنوات شهدت فيهم الهيئة طفرة حقيقية لما كان يمتلكه من قدرات خاصة فى مجال اقتصاديات البترول ،وهو ما كان السبب المباشر فى اختياره وزيرا للبترول فى مايو ١٩٩١ حتى أكتوبر ١٩٩٩ !! 

خلال فترة توليه وزارة البترول قدم نموذجا للوزير المبدع والمتطور ،فقد تم تأسيس العديد من الشركات المتنوعة ،فقد تم تأسيس شركات على سبيل المثال لا الحصر الشركات القابضة الثلاث وما يتبعها من شركات ، والعديد من الشركات الخاصة و الإستثمارية مثل ميدور ،أموك ، أنربك ،بترومنت ،اسبك ،اكبا ، سيدبك ،ابيسكو لتوريد العمالة ، فهو رائد صناعة البترول والغاز الحديثه ولولاه لما تأسست الكثير من الشركات !! 

ففى عهد الدكتور حمدى البمبى تم أستخدام الغاز الطبيعي كبديل للبنزين ،وتم التوسع فى الشبكة القومية للغاز الطبيعي فقد تم مد الشبكة إلى مختلف المدن لاستخدامه فى المصانع والمنازل ، وكان شديد الحرص على ملف الدعم وتوجيه وتثبيت الأسعار ، ولأنه عالم فى اقتصاديات البترول فقد كانت له رؤية أعلن عنها فى أحد مؤتمرات الطاقة !! 

فقد ذهب إلى أنه من مصلحة العالم أجمع أن تكون الأسعار متوازنة ،فالخاسر الأكبر من التقلبات النفطية الدول الفقيرة والنامية ،لأن الدول الصناعية الغربية ستحاول تعويض خسارتها من اسعار النفط برفع أسعار منتجاتها الصناعية خاصة المنتجات العسكرية !! 

والدول العربية هى التى تعتمد بالكامل فى تسليحها على الدول الغربية ،ومن ثم فإن الدول المنتجة هى التى ستعانى فى أكثر من هذا الارتفاع ،بالإضافة إلى لجوء هذه الدول لرفع أسعار الموارد الضرورية الأخرى التى يستوردها العالم النامى ،وفى مقدمتها السلع الغذائية !!

وكأى مسئول فى عالم البترول معرض للمؤامرات والدسائس ، فقد أعتمد على البعض من أهل الثقة الذين استطاعوا اقناعه بضرورة قبول فكرة التفاوض مع الجانب الإسرائيلي على صفقة ببيع الغاز ،وكان الدكتور حمدى البمبى رافض للموضوع ، فقد إستطاع أحد المقربين منه ،والذى كان له دور كبير فى إقناعه بالصفقة ،ومع عدم رغبته فى اتمامها ترك الوزارة ، ، إلا أنه رغم ذلك لم ينطق بأى كلمة والتزم الصمت حتى وافته المنية فى ١١ أغسطس ٢٠١٦ ،ليسدل الستار عن أحد عظماء صناعة البترول فى الشرق الأوسط ،رائد صناعة البترول والغاز الحديثة...أنه الدكتور حمدى البمبى رحمه الله !!