الكاتب : سليمان جودة |
10:39 am 06/03/2022
| رأي
| 1707
حفيدة تكتب عن جدها!
لا يعرف الناس شيئًا عن إبراهيم ناجى سوى أنه صاحب أغنية «الأطلال» التى غنتها أم كلثوم فى ١٩٦٦، فصارت أشهر أغانيها.
ولأن ناجى كان شاعرًا كبيرًا، ولأنه كان طبيبًا إلى جوار شاعريته، ولأن له ديوانين كاملين من الشعر صدرا فى حياته قبل رحيله ١٩٥٣، ولأن له سبعة كتب نثرية، ولأن واحدًا من هذه الكتب السبعة فى علم النفس.. لأن هذا كله حقيقة، فإن حفيدته الدكتورة سامية محرز لم تحتمل الظلم الواقع على جدها، فجلست وكتبت عنه كتابًا هو أحسن ما يمكن أن تكتبه حفيدة عن جدها.. الكتاب صدر عن دار الشروق تحت هذا العنوان: «إبراهيم ناجى.. زيارة حميمة تأخرت كثيرًا».
والغريب أنه عاش حياته يتمنى أن تغنى له أم كلثوم، ولكنها لسبب غير مفهوم كانت فى كل مرة ترد عليه وتقول: «أشعارك ما تتغناش يا ناجى»!.
فإذا بأشعاره تخرج منها «الأطلال» التى لا يتحدث عنها أحد إلا ويتحدث عن أم كلثوم، ولا يتكلم عن أم كلثوم أحد إلا ويتكلم عن الأطلال.. فضلًا عن أنها أغنية جلبت لابنتيه من العائد المادى بعد رحيله ما لم تكن أى ابنة منهما تحلم به من الأموال.
كانت الحفيدة تحزن جدًا كلما اكتشفت أن الناس لا يذكرون من جدها سوى «الأطلال»، وكانت ولا تزال تقول إنه كان أكبر من أن يكتب أغنية واحدة ثم يمضى عن الحياة، وكان هذا هو الذى جعلها تجلس وتكتب، ولم تشأ أن تنسى وهى تكتب أن جدها إنسان فى النهاية، فكتبت عنه من كل الوجوه.. وفى كل الأحوال كانت ترى أنها مثل بورشيا التى وقفت تدافع عن أنطونيو ضد شيلوك فى مسرحية «تاجر البندقية» لشكسبير.
كان ناجى صاحب عيادة للأمراض الباطنة فى شبرا، وكان موته دراميًا، لأنه سقط فجأة فى العيادة فوق صدر أحد مرضاه فمات.. كان قد اشتهر فى أيامه بأنه: طبيب الغلابة.. وفى يوم جاءه فقير يشكو المرض، فلما اكتشف أنه مريض بالجوع لا بشىء آخر أعطاه جنيهًا، ونصحه بأن يشترى دجاجتين ويأكلهما وسوف يُشفى بإذن الله.. بعدها بفترة صادف ناجى المريض نفسه فى الشارع وسأله عن صحته، فقال: إن صحتى على ما يرام، ولما سأله: هل أكلت الدجاجتين؟! رد: لا.. فعاد يسأله: وماذا فعلت بالجنيه؟!.. قال: ذهبت به إلى طبيب آخر فعالجنى فشفيت والحمدلله.
ورغم أن الحفيدة أستاذة للأدب فى الجامعة الأمريكية إلا أن دفاعها فى الكتاب عن قضية جدها بهذه الحماسة، وهذا الصدق، وهذا الحب، يجعلها أستاذة للقانون بامتياز.