08:57 am 16/01/2022
| رأي
| 2173
تستهينوا بالكلمة…د أسعد الهوارى
هناك من الناس من يجهل ماذا؟ يمكن أن تفعل بنا الكلمة، ولا تأثيرها الذي قد يفعل ما لا يتوقعونه، لأنها حين تكون حادة تصبح كالسكين لديها القدرة أن تغرز في الأعماق، وتجرح بقوة، وتتسبب في نزيف المعاناة والكآبة، كما أنها قد تترك لنا بصمة داكنة في الذاكرة يصعب أن تزول بمرور الزمن، ألا تستدرج كلمات الحب عظام الرجال إلي مصارعهم ، ألا تلقي بشباب إلي اليأس والانتحار ، وتلك كلمات الباطل وما تفعله في الإفراد والشعوب .
والكلمة تخرج من فم الرجال فتكون طلاقاً بائنا ، أو مودة ورحمة ، والكلمة تخرج من الفم فلا سبيل إلي استردادها، أنها تخرج كالطلقة ولا تعود ، فالكلمات الباطل الكاذب منها يفعل ويؤثر ويقتل ويغير التاريخ ، ومن زرع كلمة خبيثة نبتت شجرة خبيثة ، وطرحت ثمراً خبيثاَ ، لا ظل له إلا الهجير
وعالم الكلمات يحجب عناً الحقائق كما تفعل الأستار والأقنعة، وعلم الله أدم الأسماء كلها ، ليكون سيد علي الكلمات يستخدمها ولا تستخدمه، ولكن الواقع أنقلب فأصبحت الكلمة هي التي تحكم الإنسان ، أصبحت حاجبة العقل ، بدلا من أن تكون كاشفة للبصيرة ، وما أقصي حكمها علي صاحبها ، أنها الكلمات ، وسحر الكلمات ، وسلطان الكلمات ، ولاشك أن الكلمة الطيبة لديها القدرة العظيمة في سعادة إنسان، وانتشاله من أصعب حالات اليأس، والكلمة ميثاق شرف ، وقد يضحي الإنسان بحياته من أجل كلمة ألزم بها نفسه دون أن يبالي بحياته في سبيل الثبات على كلمته ، وكم من كلمة رفعت شخصا، وحطّت من قيمة آخر، وإذا كان الإنسان يموت فإن الكلمة لا تموت، كما لا يموت أثرها بين الناس، والكلمة تؤدي أحيانا إلى موت شخص، وبكلمة قد تُكتب لآخر حياة جديدة ، والكلمة على مدى التاريخ الإنساني فتحت بلادا، وهزمت جيوشا، وقد دخل الناس الإسلام في عصر النبوة بالكلمة، وكان القرآن معجزة رسولنا الكريم - عليه الصلاة والسلام، إذ اعتمد على بلاغة الكلمة في الوصول إلى عقول الناس وقلوبهم، فكان ذلك سر إعجازه أمام أمة اشتُهرت بفصاحتها وبلاغتها، بل أمام أفضل قبائلها فصاحة وبلاغة، فالكلمة الطيبة ، شجرة طيبة ، فروعها طيبة ، وأوراقها طيبة ، وثمارها طيبة ، الأصل ثابت والفرع في السماء ، والثمر في القلب ، مطلوب ومحبوب ، فإذا لم تستطع أن تنطق بالكلمة الطيبة ، ولا بالعمل الطيب ، فلا أقل من أن تصمت ، ورحم ألله عبدا تكلم فغنم ، أو سكت فسلم ، فالصمت حكمة ، وقليل فاعلة ، والصمت من أعظم العبادات، اخلصوا في القول ، أخلصوا في العمل ، فحققوا الأمل ، ونالوا درجات الصديقين والصالحين، صدقوا القول ، فكانوا مشاعل نور وهدى للعالمين يهتدي بهم الناس في ظلمات الأرض .
خلاصة القول نبدأ بالكلمات وتنتهي بالكلمات
كاتب روائي ..د..أسعد الهوارى
الشركة العامة للبترول