أصدر وزير البترول بصفته رئيس اللجنة التنفيذية لوضع الخطة الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بقطاع البترول ،والمشكلة بموجب القرار الوزارى رقم ٥٩٧ لسنة ٢٠١٥ ،ميثاق الشرف الوظيفى لإرساء مبادئ الشفافية بالتعهد بالحفاظ على السرية وعدم إفشاء الأسرار، ويكشف الميثاق التعهدات التى يقر العامل بالتزامه بها وقبول العقوبة المشددة فى حالة مخالفة هذه الواجبات وهى إنهاء العلاقة الوظيفية بقرار فصل من الخدمة.
كتمان الأسرار والحفاظ على سريتها من المبادئ التى تعلو على كافة السلطات والإلتزام بها واجب وظيفى يكشف عن الأمانة التى يفترض توافرها فى موظفى الدولة،وكافة الدساتير والتشريعات الوظيفية لا تخلو من النص صراحة على أن أحد أهم الواجبات الوظيفية هى الحفاظ على جميع الأسرار المهنية ، والمعلومات المرتبطة بطبيعة العمل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،وهو ما تنص عليه المادة ١٠٢ من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للبترول ،يحظر على العامل بالذات أو بالواسطة ما يأتى :-
١-افشاء المعلومات المتعلقة بالعمل إذا كانت سرية بطبيعتها أو بمقتضى تعليمات تصدر بذلك ويظل هذا الإلتزام قائماً بعد إنتهاء العلاقة الوظيفية .
٢- الاحتفاظ لنفسه بأصل أى ورقة من الأوراق المتعلقة بالعمل ولو كان عملا كلف به شخصياً.
إلا أن ميثاق الشرف شدد العقوبة فى حالة ثبوت ارتكاب العامل مخالفة عدم الحفاظ على سرية الأعمال المهنية ،توقيع عقوبة الفصل الفورى من العمل دون سابق إنذار أو تعويض،ويكون للهيئة العامة حق إتخاذ كافة الإجراءات القانونية والتعويضية !!
ولنتخيل قرارا اقتصاديا أو ماليا اتخذته الهيئة العامة للبترول فتم تسريبه قبل الإعلان الرسمى عنه فى الميعاد المحدد ،وقد يؤدى تسريب الخبر أو البيانات الى التأثير على السوق المالى صعودا أو هبوطا بعد معرفة عناصر القرار قبل إذاعته ،وهو ما يمثل جريمة فى حق الشعب !!
تسريب المعلومات والبيانات والتلاعب بالمستندات والاحتفاظ بأصول الملفات وما تحويه من معلومات وبيانات يتم الأحتفاظ بها من أجل تحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة الوطنية ،فجميع البيانات والمعلومات الخاصة بصناعة البترول والغاز الطبيعي والبتروكيماويات والثروة المعدنية ،ترتبط أهميتها الإستراتيجية الوطنية فيما يتعلق بالعمليات المرتبطة بهذه الصناعات التى تعد عمق الاقتصاد القومى !!
ولا فرق بين المستويات الوظيفية الميثاق يسرى على جميع العاملين من القمة إلى أدنى الدرجات الوظيفية ،وهو ما يستوجب توقيع عقوبة الفصل من الخدمة ،ولعل ما ورد من كلمات ( الفصل الفورى - دون سابق إنذار أو تعويض ) ،لا محل لهما فى الميثاق من حيث التطبيق العملي لقرار الفصل من الخدمة والذى يجب أن يصدر وفقا لنص المادة ١٠٤ من اللائحة ،لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ،ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع العقوبة مسببا .
فلا يجوز فصل العامل من الخدمة بغير الطريق التأديبي ،إلا فى الأحوال التى يحددها القانون وهو ما أكدته المادة ١٣ من دستور ٢٠١٤ ،ومراعاة المواد ١٠٦ ، ١٠٨ من لائحة شئون العاملين !!
فلا يوجد ما يسمى الفصل الفورى السريع والفصل البطيئ ، ودون سابق إنذار ( إنذار الفصل يكون فى حالة الانقطاع عن العمل ) ،وبالتالى ثبوت ارتكاب العامل للمخالفة يستوجب أتباع الإجراءات القانونية المحددة ، حتى لا يوصف قرار الفصل بالتعسفى الغير قائم على سند من صحيح الدستور والقانون واللائحة !!
توقيع العامل بقطاع البترول على نموذج التعهد بميثاق الشرف الوظيفى هو كاشف لتشديد العقوبة الموقعة على العامل ، ويعد بمثابة علم يقينى بقرار تشديد عقوبة ارتكاب مخالفة عدم الأمانة فى حفظ الأسرار وكتمانها ،أو فى عدم الحفاظ على المستندات ،يتم توقيع أقصى عقوبة تأديبية وهى الفصل من الخدمة ،فلا يجوز للموظف الدفع بجهله للعقوبة بعد توقيعه على ميثاق الشرف بخط يده ،فالتوقيع هو إقرار واعتراف من العامل بعلمه اليقينى !!
الحفاظ على السرية أحد المبادئ السماوية قبل الوضعية، قال تعالى ( قال يا بنى لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا أن الشيطان للإنسان عدو مبين ) ( سورة يوسف الآية ٤ ) .
وعن العباس بن عبدالمطلب رضى الله عنه أنه قال لولده عبدالله :-
يا بنى إنى أرى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستخليك ويستشيرك ويقدمك على الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وإنى أوصيك بخلال أربع : لا تفشين له سرا ،ولا يجربن عليك كذبا ،ولا تغتابن عنده أحدا، ولا تطو عنه نصيحة !!!
الحفاظ على السرية وعدم إفشاء الأسرار واجب مقدس على كل مسلم !!
