10:06 am 18/12/2021
| رأي
| 2110
أنقذوا الأرض …د أسعد الهوارى
هناك اهتمام عالمي متزايد بحماية الأرض، لكنه يبقى بروتوكولياً أكثر منه عملي، فالتدمير مستمر، والانبعاث الحراري لا يزال قائماً ولن يتوقف، فصدى الصرخات التي تقول إن سياسات تغير المناخ ستؤدي إلى عدم توازن البيئية كما خلقها الله ، فالتحذير الذي يردده كل يوم حراس البيئة هو " أنقذوا الأرض " أن الله لم يخلق لنا إلا هذه الأرض الواحدة ، ولن يبني لها ملحقا ، ولن ينشي فيها أجنحة جديدة ، ولن يمد في سطحها ، وليس أمامنا إلا تلك المساحة من الأرض ،
وظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة عن الإنبعاثات الغازية التي تخلفها الدول الصناعية تتسبب في ذوبان الجليد في القطب الشمالي، مما سيتسبب في زيادة منسوب المياه في المحيطات، فتغمر المياه مناطق عدة من كوكب الأرض، ويترافق ذلك مع تسبب نفس تلك الظاهرة في تغيرات في الغلاف الجوي للأرض، مما يعني حجب أشعة الشمس فتتضاعف حرارة الأرض، مما يؤدي إلى الجفاف والتشققات في قشرة الأرضية ، وتلوث المياه والهواء وغيرهما ، فقد ينتج من ذلك:
أولاً الكوارث الاقتصادية: وتتعلق بالأمن الغذائي والمائي بالدرجة الأولى، فارتفاع معدلات الانبعاث الكربوني من جرّاء الصناعات، التي توفر بعض المال للاقتصاديات العالمية، سينتج عنها تغير في ارتفاع درجة حرارة الكوكب، ما يؤدي إلى انتشار كوارث طبيعية مدمرة، من أمطار وسيول وحرائق غابات وجفاف، تهدد الحياة البشرية، وستكون تكلفة تعويضها أو إنقاذها أضعاف ما يُجنى من الاعتماد على الوسائل التقليدية كالفحم والطاقة الأحفورية، كما ستهدد هذه الكوارث الإنتاج الزراعي والحيواني، بما يجعل العالم أجمع على أعتاب أزمة غذاء، بل أزمة مياه أيضا
ثانياً الكوارث السياسية: وتنبني على النتائج الحقيقية للكوارث الاقتصادية، التي تتأسس أصلاً على الكوارث الطبيعية، فكثير من الدول التي تقع على خط المواجهة الأول لتداعيات التغير المناخي، مثل سويسرا وروسيا وهولندا واسكتلندا وغيرها من الدول التي تقع على حافة القطب المتجمد، ستعاني السياسات الاقتصادية العالمية، التي تنبني على الصناعة المسببة لأضخم الإنبعاثات الكربونية، ما سيجعل كثيرا من الدول العظمى أمام صراع سياسي واقتصادي من أجل تغيير الواقع المفروض، وهذا كله سيولّد أزمات سياسية بين دول العالم أجمع
ثالثا الكوارث الاجتماعية: وتتلخص في أنّ كثيرا من الدول على سطح الكوكب ستعاني تبعات الكوارث التي ستعصف بالزراعة والغطاء النباتي والحيواني والمخزون الاستراتيجي من المياه، الأمر الذي سيعرّض العالم لموجات نزوحٍ وهجرةٍ وصراعٍ من أجل البقاء، من جرّاء خروج مناطق شاسعة من صلاحيتها للحياة، وما يترتب على ذلك من أزمات إنسانية واجتماعية، أقلها تلك المترتبة على النزوح والهجرة، إذ سيزداد الفقر في الدول الفقيرة، التي تعتمد في حياتها على الزراعة، بما ينذر ببطالة عالمية ينتج عنها فقرٌ وجهلٌ وانتشار أمراض وأوبئة وجريمة، فضلا عن تعطل الخطط التنموية لصالح البحث عن رغيف خبز أو شربة ماء
وبدأ الكوكب الأرضي يترنح تحت ضربات التلوث ومؤامرات الإفساد البيئ ، وانقرضت أجناس نادرة من الحيوان والنبات وظهرت العاهات والتشوهات في الأجنة البشرية ، الذي يقود هذا الإفساد تلك الدول التي تقوم بالصناعات الثقيلة وبمفاعلاته الذرية ومبيداته وأسمدته وكيماوياته المختلفة، والبدائل المعروضة لتحل محل الوقود النفطي أغلي في التكلفة ، والرفض والتراجع والاستمرار في الأخطاء سوف يدفع الكل ثمنه في المستقبل ، أن المأساة هذه المرة مرعبة ,وأن كانت مؤجلة لبعض الوقت ولكنها في الطريق أن لم يتحد العالم لتصدى لهذه الإشكالية ستكون النتاج صعبة ولن تفلت دولة منها
خلاصة القول يمكن لكل شخص على الأرض أن يعيش حياة "جيدة" عند معرفة كيفية استغلال الموارد المتاحة، ولكن سيكون من المستحيل تحقيق هذا الهدف إذا استمرت البشرية على النمط الحالي في استهلاك مقدراتها، فالأرض تكفى احتياجات كل البشر ولكن لا تكفى أطماع كل البشر
كاتب المقال روائي ..د.أسعد الهوارى
الشركة العامة للبترول