الكاتب : دينا عبدالكريم |
10:32 am 13/12/2021
| رأي
| 2759
الثراء السريع الممكن!
«الطريق المستقيم الضيق، يصبح أكثر اتساعا إذا ما سلكه أناس كثيرون».. قرأتها وعمرى 10 سنوات تقريبا ولا أستطيع اليوم الرجوع لمصدرها، لكنى أذكرها وتستعيد ذاكرتى ترديدها بقوة وبصوت عال فى مناسبات عدة ومتكررة بشكل مخيف!.
أشاركها معك اليوم علنى أجد فى المشاركة سبيلا وحلا للمعضلة التى لم يحلها عقلى حتى الآن.
عندى يقين أن معظم من زلوا وسلكوا طرقا غير مستقيمة، كانوا فى الأصل لا ينتوون ذلك.. بل بعضهم كان يردد شعارات الشرف والاستقامة أكثر من اللازم ليطمئن نفسه قبل الآخرين أنه لن يضل الطريق، لكن تطورت الظروف وتغيرت المفاهيم والمسميات وصارت هناك مسميات جديدة للصواب والخطأ، لم يعد شىء يسمى باسمه الحقيقى فصاروا أكثر تساهلا مع المسميات الجديدة، وأعطوا لأنفسهم مبررات مقنعة أرضتهم، وصالحت كلمات الشرف والتقوى الزائفة سلوكيات منحطة كثيرة!!.. معضلة مجتمعات لا تشعر أن الكذب جريمة كبرى!.
نحتاج أن نهتم بدراسة فيضان جارف وإغراء شديد وتحول كبير فى سلم الترقى الاجتماعى اسمه (الثراء السريع الممكن)، تلك الإمكانية والمساحة للثراء السريع مجهول النسب التى بدأ البعض يستخدمها سبيلا، بدءا من محتوى تافه ومسف على الإنترنت وصولا إلى كل أشكال التفاهة والإسفاف والفساد التى من الممكن أن تغدق على صاحبها بصور الثراء السريع الممكن، إنها تجربة صعبة اسألوا الله لأنفسكم فيها الثبات!.
كلما أصبح إغراء المال أكثر قوة وضغطا (العادى)، وأكثر حدة، زادت صعوبة اختبار أولئك الذين اختاروا ألا يكون المال سيدهم.. امتحان وتجربة صعبة على كل من يسلك الطريق المستقيم الضيق وحده!.
لا أتحدث هنا عن ثراء مشروع ولا ترقٍّ بعد جهد وتعب، ولا فكرة تدر على أصحابها الملايين، ولا علم يقدر براتب يحترم قدره، ليست هذه قضيتى بالطبع بل بالعكس هؤلاء مصدر سعادة وفخر للأسوياء منا، لأن وجودهم يظل دليلا أن حتى المال ليس عدوا فى ذاته كما يعتقد البعض، بل قد يصبح نجاح المستحقين على المستوى المادى والمعنوى دليلا على ما سبق وناقشتك فيه.. أن ثمة طريقا آخر لكنه ضيق وغير مطروق!.
العادى الجديد، مصطلح أطلق ما بعد الكورونا وسأستعيره هنا وأنا أخاطب أولئك الذين يشعرون بوحشة الطريق المستقيم «العادى»، فالعادى الجديد يسمح بسلوكيات غريبة ومسميات جديدة وصولا للثراء السريع غير المبرر، ذلك الذى يقدم للناس مسوخا تقدم نماذج مشوهة عن النجاح والترقى.
أريد فقط اليوم أن أقول (لك) أن تثبت وألا تهتز، وأطلب منك بل أرجوك أن تناقش كل شىء وتسأل عن كل شىء، إلا جدوى الاستمرار فى الطريق المستقيم الطبيعى للنجاح أو الثروة.
وأطمئنك أن حولك فى كل مجال ومكان كثيرين يبحثون رفقاء للطريق ليطمئنوا ويثبتوا، وإن ساروا معا يصبح ذلك الطريق أكثر اتساعا.. وأكثر بهجة!.