07:24 pm 30/11/2021
| رأي
| 2344
وما أسباب سدة النفس يا طبيب؟ وما الذي يجعلنا نعتزل الكلام؟
ما الذي يجعل الألوان لونا واحدا، والمذاقات مذاقا واحدا، والروائح عطر الراحلين؟
ما أجاب الطبيب بشيء يفتح الشهية، أو ينعش النفس الخاملة.
سكت الطبيب. هل بكى معي؟ لست متأكدا من ذلك، فقد سمعت نهنهةً ورأيت بعينيه لمعانا وغيمات من دموع.
لكنني ما سمعت شيئا ولا رأيت شيئا، فقد صارت كل الأشياء لونا واحدا.
استلمت وصفة الدواء، هبطت مسرعا للصيدلي، نظر طويلا في الورقة، سكتَ، ولم يُعطني شيئا.
هل بكى هو الآخر؟ لست متأكدا
حين قرأت الوصفة في بيتي، علمت أن كل الداءات واحدة، وكل الأدوية واحدة. لم تكن الوصفة تركيبة كيميائية، ولا اسما لدواء مشهور. بل كانت بضع كلمات بخط رائع، خطٍ غريب على طبيب:
"داؤك الحساسية المفرطة، والدواء أن تطيل الصمت، ولا تعبأ بالطعام، وتعتزل حتى يعلم الذين ظلموا، أن الأمر خطير، وأن الدوائر تدور، وأن الزمان حتما يستعيد حركته كل حين، فإن كانت الأولى لهم، فالثانية عليهم، لا محالة"
وقيل في كتاب غير مسطور ولا هو من الأساس موجود: إن اثني عشر كوكبا زعموا أنه ينبغي السجود لهم، بينما يوسف وحده كان يسكن الشمس، وما كوكبه إلا ظل نبي.
وتؤكد سيارة من الناس مروا على البئر وقعدوا يراقبون البشر عبر كل تاريخ، أن جميع من زعموا أنهم يوسف كاذبون. وأن يوسف نفسه، لم يطلب السجود من أحد، ولا امتطى ظهر كوكب من الكواكب الأحد عشر.
وأنه ظل يبحث في الأرض حتى أقام عند قبر مجهول يحرسه غراب علم كيف يبحث في الأرض، وعلّم الناس كيف يدفنون الناس.