07:34 pm 05/10/2021
| رأي
| 3029
إن صناعة البترول في مصر لها جذور تاريخية منذ عهد الفراعنة، فمازال على جدران المعابد رسومات توضح أن الفراعنة استخدموا الزيت الخام كوقود للإضاءة في المصباح الزيتي، وفي التاريخ المعاصر شهدت صناعة البترول والثروة المعدنية على امتداد تاريخها الدى يزيد على المائة عام احداث وتطورات سياسية واقتصادية واجتماعية كثيرة ، وحفل سجلها بالعديد من
التواريخ الهامة والمؤثرة ، وقد تميزت صناعة البترول خلال القرن الماضي بمميزات عديدة جعلت مصر في مصاف أوائل دول العالم التي احرزت السبق في مختلف مراحل الصناعات البترولية ثم البتروكيماوية وتتسم تلك الصناعات بالقدم والعراقة حيث بدأت الحكومة المصرية في عام 1886، بحفر أول بئر في منطقة جمسة ، بالإضافة الى تكامل مراحل الصناعة البترولية بعد ذلك.
ورغم مرور نحو 48 عامًا على حرب أكتوبر رمضان 1973 «العاشر من رمضان»، إلاّ أنه مازال هناك الكثير من الأسرار والحكايات التي لا تعلمها الأجيال
التي لم تواكب فترة هذه الحرب، ومن أهم هذه الأسرار، خطة سلاح البترول في الحرب وكيف استطاع هذا السلاح، بقيادة المهندس أحمد عز الدين هلال، الذي تم تعيينه وزيرًا للبترول في مارس 73 وضع خطة محكمة لإمدادات المدرعات والمعدات العسكرية وتوفير كميات الوقود الكافية داخليًا وخارجيًا وتموين
سيارات نقل الجنود والمدرعات، حيت كونت وزارة البترول بالتعاون مع قيادات القوات المسلحة فريقًا للعمل لتلبية جميع احتياجات مصر بحيث لا يشعر المواطن بأي أزمة في الوقود خلال فترة الحرب وذلك بتعليمات من الرئيس الراحل أنور السادات.
وكذلك كان سلاح البترول في ذلك الوقت له دوراً فعّالًا بالتعاون مع المملكة العربية السعودية والملك فيصل الذي أجبر الدول التي كانت تعاون
إسرائيل في الحرب على التراجع من خلال حظر وصول النفط اليها وإمداد مصر بالوقود للتغلب على العدو الإسرائيلي.
ومن أقوال الرئيس السادات، للمهندس أحمد عز الدين هلال لتنفيذ هذه المهام بعد حلف اليمين: سنحارب وطلب زيادة أرصدة المنتجات البترولية
وتوفير احتياجات الجيش، وفى مايو 1973 وكذاك عند زيارة الملك فيصل عاهل السعودية مصر سأله السادات عن استخدام سلاح البترول في المعركة ضد أمريكا والدول المؤيدة والداعمة لدولة الاحتلال، فكان رد الملك فيصل: «إذا دخلتم المعركة فنحن معكم»، ويوم 7 سبتمبر اجتمع السادات مع كل الملوك والرؤساء العرب بالسعودية واستدعى الملك فيصل السفير الأمريكي لإبلاغ الرئيس نيكسون أن العلاقات السعودية الأمريكية لا بدّ أن تتأثر إذا استمرت واشنطن في دعم إسرائيل لاحتلال الأراضي العربية.
وقال الشيخ زايد آل نهيان، رئيس الإمارات: أنا بدوي قادم من خيمة في قلب الصحراء ومستعد للعودة إليها فورًا وكل ما تملكه أبو ظبي من البترول هو
لكم وللمعركة وكان شجاعًا عندما قال: «الحظر لأمريكا إجراء صغير ونحن قادرون على إجراءات لضرب المصالح الأمريكية». و في 15 أكتوبر، كلّف السادات المهندس أحمد هلال بالسفر إلى السعودية ثم
الكويت لتنفيذ استخدام البترول العربي في المعركة، وبالفعل بعد بدء الحرب بـ10 أيام اجتمعت 6 دول خليجية منتجة للبترول في الكويت، ونقل هلال في بداية الاجتماع وجهة نظر القاهرة الواقعية بأنه لا بدّ أولًا من الحفاظ على الإمكانيات المالية العربية لأن القطع الكلي أو التأميم يدفع الدول المعادية للعرب لتجميد الأموال العربية مع محاولة دفع الدول الصناعية
الكبرى للضغط على أمريكا وإسرائيل، وبالفعل قرر العرب البدء بخفض الإنتاج، بل قررت مبدئيًا أن يكون لها حق تسعير البترول الخاص بها وليس الشركات العالمية وهى 7 شركات بترول كبرى كانت تتحكم في إنتاجه وتسعيره عالميًا من جانب واحد وليس للدول العربية أي حق.
وكان موقف الدول العربية التي قررت تنفيذ زيادة سعر بترولها 70% وبذلك ارتفع سعر بترول السعودية من 3 دولارات للبرميل إلى 5 دولار والعراق من 4 إلى 7 دولار وليبيا من 4 إلى 8 دولارات، وكان رفع السعر دولارًا يعنى أن تدفع أمريكا ودول أوروبا زيادة 10 مليارات من الدولارات.
واقترحت ليبيا والعراق حرمان واشنطن من البترول العربي وتأميم المصالح البترولية الأمريكية، وسحب الأرصدة العربية من أمريكا، وفى اليوم التالي 17 أكتوبر قرر الوزراء البدء في خفض الإنتاج 5% وتزداد أو تقل النسبة بمدى تعاون الدول المستهلكة مع إسرائيل.
إن سلاح البترول شارك في نجاح حرب اكتوبر بنسبة كبيرة، وذلك عندما اتفق العرب بأن يكون لهم دور حاسم وفعال في المعركة وإعادة ما سلب منهم من أراضي وموارد مالية وبترولية، فكانت حرب العاشر من رمضان هي أكبر فرصة للعرب للمشاركة فيها لإعادة حقوقهم المنهوبة.
كما كان البترول المصري له دوره الفعال والمؤثر في حرب أكتوبر إلا انه مازال برجالة الشرفاء يقدم أروع المثل في التضحية وتقديم كل ما يملكون من طاقة وجهد في سبيل خدمة الوطن وعلي راس هذه المنظومة وزراء قدموا ارواحهم وأفكارهم في سبيل ذلك، حيث تقلد منصب وزير البترول عشر وزراء منذ حرب أكتوبر 1973 حتى الآن بداية من المهندس/ أحمد عز الدين هلال الذي تولي لمنصب في مارس 1973 وحتي يونيو 1984 ثم تولي الكيميائي / عبد الهادي قنديل الوزارة حتي مايو 1991 وجاء بعده المهندس / حمدي البنبي حتي أكتوبر
1999 ثم المهندس / سامح فهمي حتي فبراير 2011 ثم تولي منصب وزير البترول والثروة المعدنية عدد من الوزراء لفترات محدودة وهم المهندس / محمود لطيف .. لمده عام، ثم المهندس / عبد الله غراب.. لمده عام، والمهندس /
أسامة كمال.. لمده عام، ثم المهندس / شريف هدارة.. لمده شهرين، ثم المهندس / شريف إسماعيل.. لمده عامين حتى توليه منصب رئيس وزراء مصر،
والان يقود السفينة المهندس / طارق الملا.. منذ سبتمبر 2015 حتى الأن.
وقد قدم كل وزراء البترول السابقين الكثير والكثير من اكتشافات وإقامة شركات وصروح صناعية وتوصيل غاز إلى المدن والقري والنجوع وتوفير الطاقة والمنتجات البترولية والبتروكيماوية النهائية والوسيطة داخليا وخارجيا.
وفي النهاية لابد من تقديم الشكر والتقدير والتحية لكل العاملين في قطاع البترول المصري بداية من الوزراء السابقين الي السيد المهندس / طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية وكذلك كل العاملين بالقطاع تحت قيادة السيد الرئيس / عبد الفتاح السيسي الذي قام بتحديث أجنده الدولة للتنمية المستدامة بمشاركة مختلف الوزارات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وبالاستعانة بعدد من أرفع الخبراء في مختلف المجالات، وذلك لمواكبة التغييرات التي طرأت على السياق المحلي والإقليمي والعالمي. وأن تستند رؤية مصر 2030 على مبادئ "التنمية المستدامة الشاملة" و"التنمية
الإقليمية المتوازنة"، وتعكس رؤية مصر 2030 الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي،
فتحيا مصر ويحيا قطاع البترول المصري.