الكاتب : سليمان جودة |
08:49 am 13/08/2021
| رأي
| 2577
أظرف ما فى موضوع أفغانستان هذه الأيام أن زلماى خليل زاد، المبعوث الأمريكى الخاص إلى الأفغان، يدعو حركة طالبان المتشددة إلى الجلوس مع الحكومة فى العاصمة كابل على طاولة سلام، ويقول إن الحركة إذا استولت على السلطة بالقوة فلن يعترف بها أحد دوليًا!.
ظريف جدًا هذا الكلام الأمريكى، لأنه فى اللحظة التى كان زلماى يقول فيها هذا الكلام الظريف، كانت طالبان تعلن سقوط سابع ولاية أفغانية فى يدها، وكانت هذه الولاية السابعة مجرد واحدة من بين ٣٤ ولاية هى كل ولايات البلد!.. كان هذا يحدث، ولايزال يحدث.. وكان الأفغان يستيقظون- ولايزالون- فى كل صباح على نبأ سقوط ولاية جديدة، وكان سقوط الولايات السبع يتوالى، ولايزال، وكأنها حبات مسبحة تنفرط واحدة وراء الأخرى!.
طبعًا الأساس فى كل هذه الفوضى التى تمتلئ بها أفغانستان فى الأيام الأخيرة هو قرار الرئيس الأمريكى جو بايدن سحب قوات بلاده من هناك ومعها قوات حلف شمال الأطلنطى!.
ولا أحد يعرف حقيقة دوافع بايدن فى اتخاذ مثل هذا القرار، أو بمعنى أدق دوافع تنفيذه، لأن القرار جرى اتخاذه أيام ترامب.. ولكن ما يعرفه كل متابع أن كل المبررات التى أعلنها الرئيس الأمريكى للقرار ليست مقنعة، وتبدو وكأنها غطاء لشىء لا نعرفه!.
وهى تبدو كذلك لأن أفغانستان على حدود مباشرة مع الصين، وعلى مرمى حجر من روسيا.. والبلدان يمثلان الخصم السياسى رقم واحد للولايات المتحدة منذ جاء بايدن، ومن أيام ترامب أيضًا.. فكيف تقرر واشنطن إخلاء أفغانستان بهذه السهولة أمام خصميها اللدودين.. وما الهدف؟!.
إن حركة طالبان معروفة بتشددها الزائد عن الحد، وهناك معلومات منشورة عن أنها فى زحفها المتواصل تحرق المدارس فى طريقها، وهى تتخذ مواقف شديدة التطرف ضد المرأة فى العموم، ولا تتردد فى الإعلان عن مخاصمة كل ما له علاقة بالعصر.. فهل تشجع الولايات المتحدة هذا كله من وراء ستار؟ وإذا لم تكن تشجعه فلماذا خروجها المفاجئ دون مقدمات، بينما هى تعرف مسبقًا أن كل أرض تتركها من ورائها فى البلاد ستملؤها طالبان على الفور؟!.
كان الله فى عون آحاد الناس الأفغان، الذين ارتكنوا على الأمريكان، فباعوهم فى لحظة إلى طالبان بغير أن يرمش لهم جفن!