09:53 pm 21/07/2021
| رأي
| 2287
داخل بيت عُمره يزيد على مائة سنة، فى مدينة شنغهاى الصينية، وقف الرئيس الصينى شى جينبينج يخطب فى أول أيام هذا الشهر!.. كان البيت هو المقر الذى من داخله أعلن ماوتسى تونج تأسيس الحزب الشيوعى الصينى فى الأول من يوليو ١٩٢١، وكان خطاب الرئيس شى بمناسبة مرور قرن كامل على قيام الحزب الذى لايزال يحكم البلاد!
ولأن الاحتفال بمرور القرن جاء فى أجواء من الحرب الاقتصادية وغير الاقتصادية المشتعلة بين الولايات المتحدة وبين الصين، فمن الطبيعى أن يظهر ذلك فى الخطاب بشكل من الأشكال!
وكان من علامات ذلك أن يتحدث جينبينج عن أن زمن إخضاع الصينيين قد مضى، وأنهم مستعدون لسحق كل من يحاول إخضاعهم، وأن كل الذين قد يفكرون فى إخضاع الصين أو قهرها سوف يجدون فى انتظارهم سورا من الفولاذ!
وللوهلة الأولى سوف يتخيل الذين سمعوه يتحدث عن السور الفولاذى، أنه يقصد سور الصين العظيم الذى يمتد ويطوق البلاد من أكثر من اتجاه، والذى يبلغ طوله ٢١ ألف كيلومتر، والذى بناه الصينيون القدماء فى مواجهة الأعداء، والذى لايزال مزارا للسياح باعتباره واحدة من عجائب الدنيا السبع!
تخيل الذين سمعوا الخطاب أن الرجل يقصد ذلك السور الشهير، فإذا بالذى يدقق فى خطابه وكلماته يكتشف أن المقصود هو سور آخر من البشر.. سور يتشكل من الصينيين الذين يبلغ عددهم فى آخر تعداد مليارا و٤٠٠ مليون من المواطنين!
وهذه لابد هى المرة الأولى التى نسمع فيها عن سور فى الصين بخلاف سور الصين العظيم، الذى يمتد ويتمدد وينثنى ويطلع وينزل فى مساره بالغ الطول، وكأنه ثعبان لا يستقر فى مكان ولا يستقيم له مسار ولا يستوى على طريق!
وبالطبع.. فإن شى جينبينج لا يقصد سور البشر فى بلاده من حيث العدد وفقط، لأن الأمر إذا كان أمر عدد فالهند على الحدود الصينية المباشرة قادرة على أن تنافس بعدد سكانها الذين يزيدون أيضا على المليار.. إن القصة فى السور الصينى الجديد هى قصة بشر جرى الاستثمار فيهم وفى تعليمهم بالذات بما يكفى، وبما يجعل منهم سورا يحمى بلدهم فى مواجهة كل خطر!
لولا الاستثمار الجيد فى البشر، ما كان الرئيس شى قد وجد الشجاعة للكشف عن سور عظيم جديد يقوم فى بلاده للمرة الأولى!