الكاتب : د أحمد هندي |
01:51 am 15/07/2021
| رأي
| 3923
القانون هو الذى يحدد ما إذا كانت الإدارة تملك السلطة في تنظيم مسألة معينة، وقد يمتد بتنظيمه إلى جزئياتها وتفاصيلها. فإذا نص مثلا على أن الترقية لبعض الوظائف تكون على أساس الأقدمية، ففي هذه الحالة يكون المشرع قد بين للإدارة أن المسلك، الذي يتعين عليها أتباعه فى شأن قراراتها المتعلقة بالترقية على أساس الأقدمية، ويكون أختصاصها فى هذا الشأن مقيدا ولايجوز لها تجاهل مبدأ الأقدمية.!!
وقد يتعرض المشرع لذات المسألة وهي الترقية على نحو يترك فيه للسلطة المختصة سلطة تقديرية. فإذا نص على أن الترقية لدرجات الإدارة العليا تكون بالأختيار دون أن يضع أي ضابط آخر، ففي هذه الحالة يكون المشرع قد ترك للإدارة سلطة تقديرية بشأن تقدير كفاية الموظف ووزن الملاءمة فى الأختيار دون أن يلزمها بأساس مفروض عليها كمعيار للترقية!!
الترقية تكون بالأقدمية إلى حد كبير فى الدرجات والوظائف الدنيا، وتكون بالأختيار أو الكفاءة إلى حد كبير في الدرجات والوظائف الأعلى، وتنعدم الأقدمية ويكون المعيار الوحيد هو الأختيار بالكفاءة وحدها فى الوظائف والدرجات العليا.
إن الترقية من درجة وظيفية إلى درجة أعلى لها صورتان فى الأنظمة المختلفة من حيث الأساس الذى تقوم عليه عملية الترقية.
الصورة الأولى هي الترقية على أساس الأقدمية، والصورة الثانية هي الترقية على أساس الأختيار، ولكل من الصورتين مزاياها وعيوبها إذا أخذ بهما على إطلاقهما!!!
فالترقية بالأقدمية لها ميزة العدالة المطلقة بين الموظفين، لأنه إذا خلت درجة أو أكثر فى الإدارة فسيرقي إليها أقدم الموظفين شاغلو الدرجة الأسفل..
فالموظفون مرتبون تصاعديا بحسب أقدميتهم فى التعيين او الخدمة، وسيتم ترقية كل موظف فى دوره طبقا لأقدميته بالنسبة لزملائه. فالكل سيعمه الشعور بالعدالة والطمأنينة والمساواة، وسينغلق تمامآ كل باب للمحسوبية او أستغلال النفوذ والمحاباة..
ولكن الأخذ بنظام الترقية بالأقدمية لوحده وعلى إطلاقه له عيوب إيضا، وهى أنه من ناحية يقتل ويغتال أو يقلل لدى الموظف النشط الدافع للإجادة والتفوق لعدم إمكانية ترقيته إلا فى موعده بالأقدمية، ومن ناحية ثانية هناك عيب آخر وهو أن الأقدمية وحدها تحرم الإدارة من أصحاب الكفاءات المتميزة بالذات فى الوظائف العليا.!!!
والترقية بالأختيار المطلق لها ميزة ولكن لها عيب هام هى الأخرى. فهي تعنى أنه اذا خلت وظيفة من درجة أعلى فالأدارة تختار إليها أكفأ الموظفين فى الدرجة الأدنى، دون نظر لأقدميتهم أي حتى ولو كان من أختارته أحدث الموظفين!!
وميزة هذه الطريقة أنها تدفع الموظفين النشطين إلى الإجادة والتفاني للفوز بالترقية رغم أنهم ليسوا الأقدم بين زملائهم، ويرتبط بها ميزة أستفادة الأدارة بأصحاب الكفاءات بالذات للوظائف الرئيسية والعليا..
ولكن يعيب طريقة الأختيار المطلق أنها تفتح الطريق للمحسوبية، والمحاباة، والمجاملة، والرشوة، وأستغلال النفوذ ، وهو مايؤدي إلى تخطي الأقدم فى الترقية بزعم كفاءة الموظف الأحدث، وتكون الغاية إيثاره بميزة عن أقرانه وهذا العيب بدوره يؤدي إلى عدم الأستقرار بين الموظفين وشيوع روح التذمر بينهم.. ( ولكل واحد على مدار حياته تجربة يمكن أن يتذكرها)!!
لذلك فالطريقة الأفضل هي أسلوب الجمع بين صورتي الترقية بالأقدمية والترقية بالأختيار، للأستفادة من مزايا كل منهما وتلافي عيوبهما فى ذات الوقت فيما لو أخذ بأيهما على إطلاقه. ويكون أسلوب الجمع أو المزج بينهما هو أن تكون الترقية بالأقدمية هي القاعدة أو الأصل في الترقية للدرجات الدنيا أي من أول السلم التنظيمي للدرجات حتى درجة مدير إدارة هذه هي الدرجات الدنيا، بينما تكون الترقية بالأختيار بناء على الجدارة والكفاءة في الدرجات والوظائف العليا والتي تبدأ من درجة مدير عام مساعد حتى درجة وكيل وزارة أول!!!
هذا وقد سلك المشرع المصري مسلك القوانين واللوائح الحديثة فى الجمع بين صورتي الترقية بالأقدمية والترقية بالأختيار، فالترقية بالأقدمية هي القاعدة العامة فى الدرجات الدنيا، ثم تبدأ تفسح مجالا متصاعدا للترقية بالأختيار إلى أن تصل للدرجات العليا فنجد أن القاعدة العامة في الترقية تصبح هي الترقية بالأختيار..!!
إن الإدارة فى الأصل لاتلتزم بإجراء أي ترقيات فى تاريخ معين بالذات، فلها دائمآ تقدير الوقت الذى تراه ملائما لذلك، وتعتبر الترقية نافذة ونهائية بصدور القرار من السلطة المختصة، الوزير لدرجات الإدارة العليا أو رئيس مجلس إدارة الشركة والذي يصدر القرار بناء على أقتراح لجنة شئون العاملين للوظائف الدنيا..!!!
وحددت المادة ٢٢ من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للبترول الحدود الدنيا لمدد الخبرة اللازمة لشغل الوظائف طبقا لجدول المعرفة النظرية والخبرة العملية، ويجوز لوزير البترول الأستثناء من مدد الخبرة المشار اليها عند الترقية لوظيفة أعلى..
وأكدت المادة ٢٤ من اللائحة أن الترقية لوظائف الإدارة العليا تكون بقرار من وزير البترول أما باقى المستويات يكون بقرار من رئيس مجلس إدارة الشركة بناء على توصية لجنة شئون العاملين، وهو مايعني أن وظائف مدير عام مساعد، ومدير عام، ومساعد رئيس شركة، ونائب رئيس شركة، ورئيس مجلس إدارة، ودرجات الإدارة العليا بالهيئة العامة للبترول وديوان الوزارة يختص بها الوزير وحده وفقا لسلطته التقديرية والتى تصل إلى حدها الأقصى!!
اذن السلطة التقديرية للوزير هي الأصل فى الترقية لوظائف الإدارة العليا، وللوزير حرية أختيار الوقت الذى يراه مناسبا لأصدار قراره، وهو ما أكدته أحكام مجلس الدولة المصري التى ذهبت إلى أنه بلا جدال فى إنه فى غير الأحوال التى تقييد فيها سلطة الإدارة التقديرية بنص فى قانون أو لائحة او بمقتضي قاعدة تنظيمية ألتزمت بها، ويصبح التقدير من إطلاقات الوزير يترخص له بمحض أختياره فيستقل بوزن مناسبات قراره، وبتقدير ملاءمة أو عدم ملاءمة إصداره بما لامعقب عليه في ذلك من محكمة القضاء الأداري، مالم يثبت أن قراره ينطوي على إساءة أستعمال السلطة، ومنها حالة الترقية لطوائف العاملين بالأختيار على أساس الكفاءة والتقدير هنا لارقابة للقضاء عليه ولاسبيل لمناقشته في تقدير ذلك لتعلق ذلك بصميم أختصاصه الذى ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانه.!!!
ولقد كانت الأمور تسيير بشكل دوري كل عام تثبيت وندب المستحقين لدرجات مدير عام مساعد ومدير عام كل ستة أشهر في يناير ويوليو من كل عام، حتى دخل عام ٢٠٢١، لم يصدر الوزير قراره للمستوفيين سواء بالتثبيت أو الندب، وتم أرسال الدفعة الثانية يوليو ٢٠٢١، ولم تصدر أي قرارات ندب او تثبيت، بل لم تصدر قرارات للتنفيذيين أو النمطيين، والكل فى ألأنتظار، ومن البديهي أن عدم صدور القرار له غاية أصلاحية وخصوصا في شركات القطاع العام..
فقد صدرت حركة القطاع الأستثماري في يناير الماضي، فمن تم ترقيتهم على مدار السنوات الماضية لدرجات الإدارة العليا محظوظين، لأن الزمن غير الزمن لذلك على الجميع التحلي بالصبر والسير في طريق التطوير والتحديث، لأن كل قرار يصدر أو قرار يتم تأخيره يكون من أجل المصلحة العامة للدولة والخاصة للعاملين بقطاع البترول، حيث أن وزير البترول والثروة المعدنية المهندس / طارق الملا شديد الحرص على الأرتقاء بالجميع وفقا لبرامج حديثة متطورة تصب في صالح الجميع...
فإذا صدرت حركة الترقيات في أي وقت لأن السلطة التقديرية للوزير في الترقيات للإدارة العليا في حدها الأقصى لايوجد ألزام عليه ولاتملك سلطة مراجعته.
لكل من ينتظر الترقية لدرجات مدير عام مساعد، مدير عام، مساعد رئيس شركة، اذا صدرت الحركة ووجدت نفسك فيها..قل ( ياما انت كريم يارب)
لننتقل إلى الزيادات المالية والسلطة التقديرية للوزير..
وللحديث بقية مادام في العمر بقية