03:33 pm 13/07/2021
| رأي
| 3068
يحكى أنه كان يوجد ملك اسمه النمرود ويعد «النمرود» أول جبار في الأرض، وكان حاكم بابل بالعراق، ولد 2053 قبل الميلاد، وهو شخصية تاريخية ذكرت لأول مرة في التوراة بالاسم كملك جبار تحدى الله، واسمه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، بحسب ما ذكره ((ابن كثير)).
وقال ابن كثير، في كتاب «بداية ونهاية» أنه أول من وضع التاج على رأسه وتجبر في الأرض وادعى الربوبية، واستمر في ملكه أربعمائة سنة، «وكان قد طغا وتجبر وعتا وآثر الحياة الدنيا»
لقد كان النمرود يدّعي الإلوهيّة، فلمّا دعاه إبراهيم -عليه السلام- لعبادة الله الواحد تجبّر وحاجّ إبراهيم في ربّه، فيذكر الطبري أنّ إبراهيم -عليه السلام- خرج مع الناس لجلب الميرة -أي المؤونة- من النمرود، فكان كلّما وصل إليه رجلٌ سأله النمرود من ربّك؟ فيقول: أنت، فلمّا وصل إبراهيم -عليه السلام- سأله النمرود من ربّك؟ فقال: ربي الذي يحيي ويميت، وجرت بينهما المناظرة المعروفة.
بينما يذكر ابن كثير في البداية والنهاية أنّ إبراهيم -عليه السلام- قد دعا النمرود للإيمان بالله -تعالى- فأخذته العزّة بالإثم، وأصرَّ على ادّعائه الربوبيّة قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
وقال علماء السلف إنّ النمرود لمّا قال له إبراهيم -عليه السلام- إنّ الله يحيي ويميت فإنّه أتى برجلين ممّن صدر حكم بإعدامهما فأمر بواحد فقُتِل، وأمر بالآخر فأُطلقَ سراحه، وهذا مخالف لما أراده إبراهيم -عليه السلام- من قوله إنّ الله يحيي ويميت، فلمّا رأى إبراهيم إصراره على الكفر وعلى محاولته تشعيب المناظرة قال إنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب، وهنا بُهِتَ النمرود بعدما أفحمه نبيّ الله إبراهيم عليه السلام.
وهنا كانت فرصة النّمرود للنّيل من سيّدنا إبراهيم، فقال: "اجمعوا حطب كثيرة، واعملوا حفرة عظيمة، وأشعلوا ناراً قويّة"، وكانت أعظم نار تقام في المدينة، ورموا بها إبراهيم، وتركوها أيّاماً ليجمعوا رماد الرّجل الذّي تجرّأ على الآلهة، فوجدوا أنّ النّار لم تمسّ إبراهيم عليه السّلام، غضب النّمرود غضباً شديداً، وهنا بدأت النّاس تؤمن بربّ إبراهيم، وطلب النّمرود من إبليس أن يساعده، فحينها قال له إبليس أنّ إبراهيم عليه السلام شيطان من الشّياطين، لذلك لم تمسّه النّار، ولم يخبره أنّه نبيّ منزّل، فقال النّمرود: "ما الذّي يملكه إبراهيم ولا أملكه أنا"، فقال إبليس أنّه لا يملك شيئاً غير الحيلة.
وهنا غضب النمرود من حليفه إبليس، الذي عجز عن مساعدته، وأعلن عصيانه له وتمرده عليه. فأراد الله له الهداية وأرسل له ملكاً يدعوه لعبادة الله ولكن النمرود تكبر ورفض. فبعث الله له ملكاً ثانياً ولكن النمرود رفض أيضاً. فبعث الله له ملكاً ثالثاً فأصر النمرود على رفضه لثالث مرة.
فرد الملك للنمرود قائلاً أجمع جموعك في غضون ثلاثة أيام، فقام النمرود في الصباح بجمع وحشد جيشه الجبار، وبعث الله لهم جيشاً وحشداً من البعوض الذي تناول لحومهم و أبادتهم جميعاً إلا النمرود، أراد الله عز وجل أن يجعل من موتة آية وعِبرة لمن يعتبر.
حيث أرسل الله عز وجل للنمرود الجبار بعوضة، دخلت إلى أنفه ثم تسللت إلى دماغه، و إستقرت بها لمدة حوالي 400 عام من العذاب والهوان والذل. وهي نفس المدة التي حكمها النمرود الجبار، فكان هو عذابه في الدنيا هذه البعوضة التي جعلته، لا يهدأ إلا بالضرب على دماغه بالمطارق والنِعال الحديدية طوال هذه المدة، إلى أن جَن جنونه و هلك ومات من كثرة الضرب!
والى لقاء فى حكاية أخرى من حكايات دنيا .