المال عصب الحياة ، فهو نعمة من الله تعالى على خلقه ،وقد أودع الله عز وجل فى الإنسان حب المال ، فهو من الفتن الكبرى التى يبتلى بها المسلم ،وهو ما اخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : إن لكل أمة فتنة ، وإن فتنة أمتى المال ...والمحافظة على المال العام من اقدس الواجبات المنوطة بالموظف العام ، لذلك يطلق على العديد من الوظائف مسمى ( أمين ) ،والأمين هو الحافظ والحارس والموثوق به .
قال تعالى : وإنى عليه لقوى أمين ( سورة النمل الآية ٣٩ ) ، فتجد فى دنيا الوظائف العامة مسميات" الأمين العام-أمين مكتب -أمين المجلس-أمين اللجنة-أمين الصندوق-أمين الجمعية-أمين المخازن-أمين العهدة-أمين السر- أمين المكتبة-أمين الأمناء-كبير الأمناء-مساعد الأمين "،-حتى أصبح عم أمين الحارس فى كل مكان على المال العام !!
إلا أن الأمناء الآن أصبحوا يعملون على تحقيق مكاسب مادية ومعنوية من وراء الأمانة من خلال استغلال نفوذ الأمانة فى التأثير على الأجهزة الأخرى أو الدائرة التى يعمل فيها بحكم مركزه الوظيفى الذى يشغله ، فتجد من يقول على الأمين (الكل فى الكل - دا بتاع الراجل الكبير - عليك وعلى الأمين ) ، ليصبح كل أمين المسئول عن كافة أعمال الوساطة والمحسوبية والمحاباة !
والملاحظ ارتباط وظائف الأمين بجرائم المال العام ، ولأن الأمناء هم كاتمى أسرار الفساد ، تجد أسماءهم فى مقدمة كشوف الأموال ، وفى جميع تشكيلات اللجان المتنوعة ، فتجد الأمين فى البدلات والمكافآت والترقيات ، والتقارير الممتازة ، والأمين أولى الناس بالعلاوات التشجيعية فيحصل عليها مرة بعد أخرى لأنه أمين يا راجل !!!!
وأمين شبكة من العلاقات تجعله فى مركز قوة وسيف مسلط على رقبة الجميع ، لتسمع مقولة الكبير ماشى والأمين قاعد عشان كدا لازم تشترى خاطر الأمين على حساب كله ، عشان تلاقى نفسك فى كشوف البركة والنهب المنظم التى يعدها الأمين بنفسه ، فتجد أن طبيعة عمل الأمين الآن كبير الحرامية !!
فتجد رشاوى التعيينات والأمين له الأولوية فى الحصول على تأشيرات التعيينات ، وفى كثير من الأحيان تجد الختم مع الأمين ادفع اختم !!!
ولايسرى على الأمناء قانون من اين لك هذا ؟حتى أن إقرارات الذمة المالية التى يقومون بكتابتها مضروبة !!!
وبعد سنوات من الأمانة تجد الأمين الذى بدأ حياته الوظيفية ( جربوع ) أصبح من الأعيان لديه الأراضى والعقارات والسيارات والمشغولات الذهبية ، والارصدة البنكية ، وشاليه ، وتختلف دخول الأمناء بين القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص والاستثماري والمشترك ، كل أمين على حسب حظه ، الأمين لازم يكون من أصحاب الملايين ، فتجد الأمين يتجاوز راتبه الشهرى المليون لأنه كل حاجة فى كل حاجة !!!
ويصبح الأمين فى دنيا الفساد حظه حلو ، فقد أصبح احسن من الدكتور والمهندس والكيميائى ، فتجد الأمين فى بعض الأحيان مؤهل متوسط لكن وضعه المالى على قمة شبكة الفساد !!
ومع انعدام الرقابة تفشى الانحراف والظلم نتيجة أن السلطة أصابها الضعف والهزال ، لتجد الموظف الضعيف ضائع أمام جبروت الفساد العلنى ، وانتهاك كافة المحارم فى المال العام بغير وازع أو رادع !!
لنجد استغلال النفوذ مرتبط بعم أمين فى كل صوره وأشكاله المحرمة ، وهناك من يحاول أن يجد مبرر للأمين الحرامى بمقولة ( غلبان ) ..
وتسمع مقولة ( شوف الحظ لعب معاه أول ما أتعين كان مش لاقى ياكل شوف لما أشتغل أمين بقى ايه بقى حرامى كبير ، فعندما تذهب الى مكان وتجد أمين أعلم أنه كبير الحرامية !!