08:34 am 20/06/2021
| رأي
| 2758
كان يوم 15 نوفمبر 1948 يوما إستثنائيا فى تاريخ مصر .. فقد شاء الله فى ذلك اليوم أن يفضح جماعة الإخوان الإرهابية فضيحة كبرى .. وقد إرتبط هذا اليوم فى التاريخ المصرى بما أصبح يعرف باسم "قضية السيارة الچيب".. فما هى قصة هذه السيارة ولماذا دخلت تلك السيارة التاريخ المصرى من أوسع أبوابه؟.
فى صباح هذا اليوم تمكن البوليس المصرى من الإمساك بسيارة چيب مملوكة لجماعة الإخوان الإرهابية، وقد تبين أن هذه السيارة كانت مليئة بكمية ضخمة من الأسلحة من طرازات متنوّعة وكميات من المواد الناسفة، وعدد من الصناديق المليئة بالذخيرة، وديناميت إيطالى، ومجموعة من المتفجرات، ومدافع سريعة الطلقات، وأجهزة لاسلكية، وعدد من الأوراق والمستندات الهامة .
وكشفت تحريات البوليس أن السيارة الچيب يمتلكلها أحد كبار قيادات الإخوان وإسمه محمود الصباغ.. وكشفت تحريات البوليس أيضاً أن محتويات السيارة كانت موجودة بإحدى الشقق التي تخص أحد أعضاء الجماعة بحى المحمدي (إسمه إبراهيم محمود على).. ولكن الجماعة قررت بسبب إعتبارات أمنية أن تنقل هذه المحتويات إلى شقة أخرى بحى الوايلى شارع جنينة القوادر منزل رقم 38.. وكلفت الجماعة أحد أعضائها (واسمه أحمد عادل كمال) ليكون مسؤولا عن عملية النقل، ويساعده طاهر عماد الدين، وكان يقود السيارة مصطفى كمال عبد المجيد .
والغريب أن وقوع السيارة فى أيدى البوليس قد تم بالصدفة البحتة.. ولحكمة إلهية فقد تعطلت السيارة فجأة، ولاحظ أحد المخبرين أن السيارة بدون أرقام، فذهب المخبر لاستطلاع الأمر، وهنا هرب الإخوان الثلاثة وطاردهم المخبر واستطاع بمساعده الناس أن يقبض على إثنين منهم (المسؤول عن العملية ومساعده) وأما السائق (مصطفى كمال عبد المجيد) فقد تمكن من الهرب، وأسرع السائق إلى منزل مصطفى مشهور (المرشد الخامس للجماعة) وأبلغه بالأمر، فقام مصطفى مشهور بإخلاء المنزل تحسبا لأى تفتيش متوقع ووضع كل الأوراق الهامة فى شنطة وحملها وغادر المنزل، ولكن البوليس تمكن من القبض عليه فى شارع عبده باشا واستولى على الشنطة بكل مافيها من أوراق ومستندات هامة.
وأما محمود الصباغ صاحب السيارة المضبوطة فقد داهم البوليس منزله، وعثر عنده على كل الأوراق الخاصة بالتنظيم المسلح وأسماء أعضاء التنظيم وعناوينهم.. كما كشفت المضبوطات متى ولماذا وكيف تم تأسيس هذا التنظيم الإرهابى، وما هى أهدافه الحقيقة.. وكان هذا كنزا هائلا من المعلومات التى لاتقدر بثمن والتى كشفت مدى عنف ودموية هذا التنظيم الإرهابى المجرم .. وكانت هذه الحقائق مفاجأة مذهلة وصدمة كبرى للمصريين.. فقد إكتشف المصريون لأول مرة أن جماعة الإخوان لديها جهاز سرى مسلح لم يكن أحد يعلم عنه شيئا.. كما أثارت القضية أيضا ردود أفعال ضخمة على المستوى العالمى.. وعلمت الدنيا كلها أن حسن البنا هو نفسه من أسس هذا النظام العسكري السرى عام 1940 وذلك بغرض التخلص من الخصوم السياسيين للجماعة، وأن حسن البنا هو من إختار عبد الرحمن السندى ليكون أول رئيس لهذا التنظيم السرى..
وأصدر رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى أمراً عسكريا بحل جماعة الإخوان واعتقال جميع أعضائها وفصل كافة المنتمين لها سواء كانوا موظفين أو طلاب.
وفى 25 سبتمبر 1949 وضع النائب العام محمد بك عزمى تقرير الاتهام فى القضية، وقدم 32 متهما بتهمة الاتفاق الجنائى على مايلى :--
(1). قلب وتغيير دستور الدولة وشكل الحكومة بالقوة بواسطة عصابة مسلحة (بالمخالفة للمادتين 81 و88 من قانون العقوبات)
(2). إتلاف سيارات وأسلحة الجيش المصرى (بالمخالفة للمادة 80 من قانون العقوبات)
(3). تخريب المنشآت الحكومية وأقسام ومراكز البوليس ومحطات الإنارة والمياه وغيرها (بالمخالفة للمادة 90)
(4). قتل عدد من المصريين والأجانب (بالمخالفة للمواد 230، 231، 232)
(5). تعريض حياة وأموال الناس للخطر (بالمخالفة للمادة 358)
(6). تعطيل وسائل النقل العام ونسف جسور السكك الحديديّة والطرق والكبارى (بالمخالفة للمادة 167)
(7). إتلاف الخطوط التلغرافية والتليفونية وقطع أسلاكها عمدا (بالمخالفة للمواد 165 و166)
(8). سرقة البنك الأهلي وبعض المحلات بطريق الإكراه (بالمخالفة للمادة 314)
(9). إتلاف مبانى شركة قناة السويس وترام القاهرة (بالمخالفة للمادة 361)
(10). قتل خيول البوليس عمدا بطريق التسمم (بالمخالفة للمادة 355)
(11). إقامة واستعمال محطات سرية للإذاعة اللاسلكية بدون ترخيص (بالمخالفة للأمر العسكرى رقم 8)
وفى 17 مارس 1951 صدر حكم المحكمة، بحبس مصطفى مشهور و5 آخرين لمدة 3 سنوات، وكذلك حبس محمود الصباغ و7 آخرين لمدة سنتين، هذا بالإضافة لأحكام أخرى متفاوتة على متهمين آخرين .. وجاءت حيثيات الحكم فى 224 صفحة من ورق الفولوسكاب (قضية النيابة العمومية رقم 3394 الوايلى سنة 1950 (ورقم 227 سنة 1950 كلى)..
ثم بعد ذلك بسنوات قليلة إنشق عن الجماعة أحمد عادل كمال (الذى كان مسؤولا عن عملية السيارة الچيب) وأصدر كتابا بعنوان "النقط فوق الحروف" كشف فيه أسرار التدريبات العسكرية التى كان يقوم بها أعضاء التنظيم.. كما إنشق عن الجماعة أيضا محمود الصباغ (وكان أحد كبار قيادات التنظيم السرى) وأصدر كتابا خطيرا بعنوان "حقيقة التنظيم الخاص" (الكتاب موجود على النت ويمكن تحميله بسهولة) كشف فيه الكثير من الأسرار المذهلة وكيف كانت الجماعة تحصل على كل هذا الكم الهائل من الأسلحة بحجة تحرير فلسطين !! ويعترف محمود الصباغ فى كتابه بأن قضية فلسطين بالنسبة للجماعة لم تكن سوى فقط مجرد وسيلة لتجميع الأسلحة بحجة قتال اليهود ، وأن الغرض الحقيقي كان فى الواقع الاستعداد للوصول للحكم والتخلص من خصوم الجماعة السياسيين.
وختاما فهذه صفحة من التاريخ الأسود لجماعة الإخوان الإرهابية التى نجحت للأسف فى خداع الكثير من البسطاء والسذج وإقناعهم بأنها جماعه إسلاميه مسالمه تدعو إلى الله بالحكمه والموعظة الحسنه !!