01:43 pm 27/04/2021
| رأي
| 2139
من عظيم هذا الدِّين أن أثبت ما للمرأة من مكانةٍ وأهميّة كما للرجل، فأعطاها ما لها من حقوق، وقد برزت على مرِّ التاريخ الحافل بالأحداث الجِسام أسماءٌ كثيرة لنساءٍ كان لهُنَّ الدور الواضح في نُصرة دين الله بطريقةٍ أو بأخرى، ومن بين تلك النسوة كانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن والدها.
لُقِّبت أسماء -رضي الله عنها- بذات النِّطاقَين بعد حادثة الهجرة النبويّة من مكة إلى المدينة، وكان سبب ذلك اللقب أنها أعدَّت الطعام للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ولوالدها رفيقه في طريق الهجرة أثناء هجرتهما وقبل خروجهما من مكة، فلم تجد حينها ما تشدُّ الطعام به، فعمدت إلى نطاقها -خمارها- فشقّته نصفَين، فشدّت السّفرة بنصفه وتطوّقت بالنصف الآخر؛ لذلك أطلق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليها ذات النِّطاقَين.
وهذا ليس موقفها الوحيد .
حدث معها حين الهجرة أنّه لمّا هاجر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع أبي بكر أتت إلى بيت أبي بكرٍ جماعةٌ من قريش، وكان فيمن أتى معهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا عند باب دار أبي بكر رضي الله عنه، فخرجت إليهم ابنته أسماء، فقالوا لها: (أين أبوك يا بنت أبي بكر)؟ فقالت لهم: (لا أدري والله أين أبي)، حينها لطمها أبو جهل بيده على خدِّها، وكان فاحشًا خبيثًا - فطُرح قرطها من لطمته تلك. من مواقفها كذلك أنّه لمّا خرج والدها أبو بكر -رضي الله عنه- مع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة، حمل معه جميع أمواله، وقد بلغت حينها ما يقارب خمسة آلاف درهم إلى ستة آلاف، فجاء إليهم جدّها لأبيها أبو قحافة وكان حينها أعمى، فقال: (والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه)، فقالت له أسماء: (كلّا يا أبتِ، قد ترك لنا خيراً كثيراً)، فجمعتِ الكثير من الحجارة ثمّ وضعتها في ركنٍ من أركان البيت كان أبو بكر يضع فيه ماله، ثمّ أخذت ثوباً فغطّتها به، ثمّ أمسكت بيد جدها وقالت له: (يا أبتِ؛ ضع يدك على هذا المال)، فوضع يده على الحجارة المُغطّاة، ثمّ قال: (لا بأس، إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم). قالت أسماء: (لا والله ما ترك لنا شيئاً، ولكنّي لأردت أن أسكن الشيخ بذلك).
أسماء بنت أبي بكر أكبر سناً من السيّدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنهما، وهي أختها لأبيها -غير الشقيقة، أمّا عبد الله بن أبي بكر فهو شقيق أسماء رضي الله عنهم جميعاً، وقد وُلِدت السيّدة أسماء -رضي الله عنها- قبل الهجرة بسبعٍ وعشرين سنةً، وكان عمر أبيها حين مولدها عشرين سنةً ونيّفاً، وقد كانت أسماء بنت أبي بكر من السَّبّاقات إلى الإسلام حيث كان ذلك بعد إسلام سبعة عشر شخصاً، ولمّا هاجرت إلى المدينة المنورة كانت حاملاً بعبد الله بن الزبير، فولدته قبل وصولها إلى المدينة، وكان مولده في قباء تحديداً
حين جاءت الوفاة أسماءَ -رضي الله عنها- طلبت من أهلها أن يُجْمِرُوا ثِيَابِها بعد موتها ثمّ يُحنّطوها، وطلبت منهم ألّا يذَرُوا عَلَى كَفَنِها حَنُوطًا وَلا يُتبعوها من ثِيَابِها شَيْئًا، وكان موتها بَعْدَ مقَتلِ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بن الزبير بعدّة أيام، وقد كان مقتله يوم الثلاثاء السابع عشر مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ للهجرة.
والى لقاء فى حاكيه أخرى من حكاوى دنيا...