02:06 pm 02/04/2021
| رأي
| 1806
الشر ليس أمراً جديداً على الطبيعة البشرية ولا هو دخيل عليها بل هو نابع من نفوس أصحابه، فالإنسان بطبيعة الحال مخلوق لا يبغى المسالمة كما يعتقد أصحاب فكرة المدينة الفاضلة، بل هو على العكس يفضل المغالبة والصراع، فالشر صفة متأصله فى سلوك البشر إلا ما ندر منهم، وهو ملازم لهم منذ نشأتهم بصراع الأخوين قابيل وهابيل، فمبدأ البقاء للأقوى كان وما زال يتحكم بعالمنا، وكلما زاد التطور العلمى والمعرفي والتحضر والتمدن تلاشى في المقابل الكأئن الطيب السمح ذو القلب الظمأن للحب، بل وصل الأمر لاعتقاد البعض أن الشر لابد منه للدفاع عن الحياة وحماية كل منا لنفسه وان الأنسان يحتاج مع الصداقة والمحبة إلى قدر من القوة والمهابة لإقامة توازن بينه وبين نظرائه وذلك من مبدأ "أن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب".
ولأن الشر دائماً ما يخلق التباعد ويرسخ فقد الثقة فى التعاملات ويزرع الحقد والضغينة ويمزق العلاقات والروابط الإجتماعية، نجد كافة الأديان السماوية والعبادات العقائدية تحث على نبذه ومحاولة السيطرة عليه داخل النفس البشرية ونشر الخير والتسامح، فكما قال السيد المسيح "عليه السلام" «إن إستطعتم التسامح والمغفرة سيغفر لكم الله أيضاً أخطائكم وإن لم تغفروا للناس لايغفر لكم الله زلاتكم لأن الله يري المتسامح ويري المنتقم ويُجازي كل واحد حسب عمله»، وجاء علي لسان أشرف الخلق سيدنا محمد (ﷺ) «من يُحرم الرفق يحرم الخير» و«إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه» وقال الله ﷻ في كتابه العزيز { يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَٱعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } صدق الله العظيم.
فالخير هو الفعل الإرادي الذي يؤدي لنفع الناس بينما الشر هو الفعل اللاإرادي الذي يؤدي إلي ضررهم، لذا فالشر هو اختيار النفوس الهشة والضعيفة أما النفوس القوية فلا تقبل باختيارات الضعفاء، فالشر مهما بدا منتصراً فإن الخير هو الفائز الأخير ، ولنتذكر جميعاً إن أفضل دواء للشر والعنف هو العفو والتسامح، عافانا الله وإياكم من نفوس إمتلأت بالأذى وقلوب أفسدها الشر.