الكاتب : د أحمد هندي |
05:06 pm 20/03/2021
| رأي
| 1903
تحاول إسرائيل أن تلعب دورا مركزيا فى منطقة شرق البحر المتوسط لتصبح متفوقة على مصر التى تملك القدرات اللازمة لتكون مركزا إقليميا للطاقة والدولة المركزية فى منطقة شرق المتوسط، لذا فكافة التحركات الإسرائيلية فى المنطقة لاتشير إلى مؤشرات سلام ولا تطبيع وإنما أعتداء على حقوق دول الجوار ونهب ثرواتها الطبيعية دون سند قانوني، بأعتبارها دولة محتلة تسعي إلى هز أستقرار دول شرق المتوسط.
فقد تجاهلت أتفاقية ترسيم الحدود البحرية القبرصية الإسرائيلية المبرمة في عام ٢٠١٠، أتفاقية ترسيم الحدود البحرية اللبنانية القبرصية المبرمة فى عام ٢٠٠٧، وترتب على ذلك فقدان لبنان منطقة بحرية تزيد على ٨٦٠ كيلو مترا مربعا وهي المنطقة التى تحتوي على أكبر حقول الغاز الطبيعي التى أكتشفتها إسرائيل بالقرب من الحدود البحرية اللبنانية.
ويدور الخلاف اللبناني الإسرائيلي حول مساحة ٨٦٠ كيلو مترمربع، والتى تم تقسيمها لعشرة بلوكات بحرية، والخلاف الرئيسي حول البلوك رقم ٩، وأنصب الخلاف بين الطرفين حول أسلوب ترسيم الحدود البحرية فى تلك المساحة، وتمسك كل طرف بحقه فى أحتياطيات الغاز الطبيعي الموجودة بتلك المنطقة.
ويدور الخلاف حول ثلاث نقاط أساسية وهي.
النقطة الأولى تحديد وتثبيت النقطة ١ عند رأس الناقورة كأخر منطقة حدودية بين لبنان وإسرائيل.
النقطة الثانية أعتبار هذه النقطة الرابط للحدود البحرية بين الدول الثلاث لبنان وقبرص وإسرائيل.
النقطة الثالثة الوضعية القانونية لجزيرة تخليت.
وتسعى إسرائيل إلى ترسيم الحدود البحرية بعيدا عن ترسيم الحدود البرية والتى يدور الخلاف حول وجود ثلاث خطوط حدود برية تم أعتمادها أوائل القرن العشرين.
الخط الأول وهو خط بوليه - نيوكومب الذى تم ترسيمه بين فرنسا التى كانت تخضع لها لبنان وسوريا لنظام الأنتداب، وبريطانيا التى كانت تخضع لها فلسطين والأردن والعراق، ويتضمن الخط ٣٨ نقطة حدودية بين رأس الناقورة والضفة.
أما الخط الثاني فهو خط الهدنة الذى وضعته لجنة الهدنة التابعة للأمم المتحدة بين لبنان وإسرائيل عام ١٩٤٩.
أما الخط الثالث هو الخط الأزرق الذى حددته الأمم المتحدة عقب الإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام ٢٠٠٠.
وتتمسك لبنان بحقها فى ربط حدودها البحرية مع البرية، ولكن إسرائيل تتمسك بأن موضوع ترسيم الحدود البحرية أسهل من البرية، إلا أن حزب الله اللبناني يتمسك بضرورة أستعادة السيادة اللبنانية على مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، أي السيادة على الحدود البحرية والبرية الأرض والمياه.
وقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية التدخل لحسم النزاع بين الطرفين ونجحت في إقناع الطرفين الدخول فى مفاوضات حول النقاط الخلافية بين الطرفين، وتم عقد أولى جولات المفاوضات فى مقر قوة الأمم المتحدة اليونيفيل برأس الناقورة في ١٤ أكتوبر ٢٠٢٠، وهى أول مفاوضات بين لبنان
وإسرائيل منذ أكثر من ٣٠ عاما، ولكن تم تعليق المفاوضات دون الوصول لإتفاق بين الطرفين.
ويرجع سبب توقف المفاوضات إلى تمسك كل طرف بموقفه، حيث تتمسك لبنان بالطابع التقني فى مفاوضاتها مع إسرائيل ورفضها مشاركة رجال السياسة والعسكريين فى تلك المفاوضات، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى أقتراح تقسيم المنطقة البحرية المتنازع عليها بين الدولتين والتى تبلغ مساحتها ٨٦٠ كيلو متر مربع إلى ٥٠٠ كيلو متر لصالح لبنان، و٣٦٠ كيلو متر مربع يتم التفاوض عليها، وهو مارفضته لبنان لأن الترابط بين ترسيم الحدود البحرية والبرية امر لازم، وأن الخلاف حول النقطة ب البرية فى منطقة راس الناقورة البحرية هي أقصى حد للحدود اللبنانية وهو ما يوسع الرقعة البحرية اللبنانية وأعتبارها نقطة أرتكاز ترسيم الحدود البحرية والبرية.
وقد أبرمت لبنان أول أتفاقية للبحث والتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي في منطقتين بحريتين فى عام ٢٠١٨، المنطقة البحرية الأولى هي البلوك البحري رقم ٤، مع شركات إيني الإيطالية، وتوتال الفرنسية، ونوفاتيك. أما المنطقة البحرية الثانية يدور حولها النزاع الحدودي مع إسرائيل وهو مايصعب من عمل الشركات فى تلك المنطقة.
وتعاني الدولة اللبنانية من ضائقة أقتصادية كبري بالإضافة إلى التفكك السياسي والأجتماعي، َهو مادفع إسرائيل إلى فرض الأمر الواقع بترسيم نقاط بحرية مع شركات الغاز الأمريكية في المنطقة المتنازع عليها دون الرجوع إلى لبنان، بل أن وزير الخارجية الأمريكي خلال زيارته للبنان فى ٢٠٢٠، أقترح على الحكومة اللبنانية تسوية النزاع البحري مع إسرائيل مقابل تقديم الشركات الأمريكية ضمانات لقروض مالية تحتاجها لبنان لإنقاذ الأقتصاد اللبناني من الأنهيار.
وتهدف الولايات المتحدة الأمريكية من عرضها تقديم لبنان وحزب الله تنازلات لصالح إسرائيل، ولكن يظل حزب الله فى موقف المراقب، ويهدد بأن سلاحه حاضر لصد أي محاولة لإنتهاك الحقوق اللبنانية سواء ضمن الحدود البحرية أو البرية.
وتحاول إسرائيل أن تجعل من أتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان نواة لأتفاق دائم، وهو مايتطابق مع الرؤية الأمريكية التى ترعى شركاتها البترولية العاملة فى شرق المتوسط وتعزيز صفقات متكاملة فى شرق المتوسط.
وتسعى إسرائيل إلى الأستفادة من الدعم الأمريكي لها لتصل إلى مزيد من الأكتشافات الغازية وزيادة حجم أحتياطياتها، وعقد أتفاقيات جديدة مع الشركات الأمريكية وهو مايمنحها القوة ويجعل منها دولة مركزية لها قدراتها المؤثرة فى منطقة الشرق الأوسط فى ظل الأزمات الداخلية التى تأكل دول المنطقة، فالهدف هو نهب ثروات الدول العربية وهز أستقرارها لضمان الأمن الاسرائيلي..