تكشف لنا ملامح الموازنة العامة للدولة للعام المالي ٢٠١٧ / ٢٠١٨ ، مدى الحالة السيئة التى وصل إليها نظام السوق الحر والإقتصاد الموجه ، فقد وصل الحال إلى فوضى أقتصادية ونظام مالى يتداعى لا يتصاعد ولايساير المقومات الإقتصادية الواردة فى الدستور المصرى الصادر في ٢٠١٤ ، المواد من ٢٧ حتى ٥٠ لم ننجح فى تطبيق مادة واحدة من المواد السابقة !!
لا تعرف الموازنات العامة للدول سوى لغة واحدة هى لغة الأرقام فقط ، ووفقاً للبيانات الصادرة عن ملامح الموازنة الجديدة فإن الأرقام كاشفة ، حيث أن فوائد الديون وصلت إلى ٣٨٠ مليار ، وتكلفة الدعم ٣٣١ مليار، إجمالى مصروفات 1.2 تريليون جنيه !!
نصيب دعم الطاقة ٢٠٠ مليار ، البرنامج الإجتماعى ٢٠٠ مليار ، الأجور ٢٤٠ مليار ، ويتم حساب فارق العملة على اساس ان سعر الدولار هو ١٦ جنيه ، أى أن الفرق بين الموازنتين ١٠٠ % لأن سعر الدولار كان ٨ جنيهات !!!
وهناك عوامل ساهمت فى وصول الوضع الإقتصادي والمالى إلى هذه المرحلة الحرجة ، أهمها تراجع التصنيع والإنتاج الصناعى فعليا ،على الرغم من امتلاك مصر الكثير من الموارد والثروات المتنوعة التى تتفوق بها على كثير من دول العالم ،إلا أن عملية أستغلالها عبارة عن كلام على الورق لا يرقى إلى التطبيق وهو ما يجعلها مثل كتب الأحلام الاقتصادية الغير واقعية !!
وهناك عوامل شديدة القسوة فيما يتعلق بعملية الإقتصاد الموجه كالصفقات المشبوهة، والبيروقراطية الثقيلة ،وعدم كفاءة فى المستويات الإدارية العليا !!!
وقد كشفت هيئة الرقابة الإدارية مدى تغلغل جريمة الرشوة فى مجال الوظيفة العامة وأضرارها بالمال العام ، حتى أصبحت ظاهرة يومية تمارس على كافة المستويات الوظيفية العليا والدنيا ، ومع اندلاع ثورة يناير تم محاكمة الكثير من القيادات على جرائم الرشوة المتنوعة هدايا وعمولات وصفقات !!
الرشوة أصبحت من مبادئ الحياة المعاصرة وهو ما حول المال العام إلى صفقات ومنافع مشتركة ،التمسك بالبيروقراطية الثقيلة والتى تقتل الزمن وتجعل عقارب الساعة متوقفة عن الحركة !!
وتكتمل الصورة بقيادات غير مؤهلة للإدارة ألا أنها تجد من يدافع عنها مهما تحققت نتائج سلبية ضارة بالمال العام ويكفى ما كشفته تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات عن بعض شركات البترول وعدم القدرة على حماية المال العام من المرتشين !!
لقد وصل الحال إلى مرحلة عدم القدرة على المواجهة بل البحث عن الحلول الأكثر تعقيداً وهى البحث عن الديون والقروض الخارجية والمنح والمساعدات من أجل ضخها لتمتصها الفئات الفاسدة وتصبح الديون وفوائدها طوق فى رقبة الإقتصاد !!