الكاتب : د أحمد هندي |
09:37 pm 29/01/2021
| رأي
| 2342
خلق الله الخير والشر، الفضيلة والرذيلة، الحق والباطل، الحلال والمنكر، لتكون عوامل التجاذب بين هذه الأضداد، بين الطبائع الدنيا فى نفوسنا والمثل العليا التى تدعونا إليها الرسالات السماوية، فهي مصدر النشاط والقوة.
العنصران موجودان فى الطبيعة البشرية لحكمة الهية هى إيجاد النشاط على الأرض. وإذا كانت في نفوسنا هذه النوازع التي تجذبنا إلى الوراء أو تجذبنا إلى أسفل، كان ولابد أن تكون هناك قوي خيرة إيجابية متجددة ترتفع بنفوسنا فوق النوازع الشريرة، فوق المطامع الفردية والنوازع المادية، فوق شهوات الحياة التى تحيد بنا عن الطريق!!
أن الضمير هو القوة الباطنة التى توجه السلوك الأنساني، ومقتضي ذلك هو الإيمان بيوم الحساب وأن لنا يومآ قريبا أو بعيدا يحاسبنا الله فيه على كل ما أدينا وكل ماتركنا وكل ما سلكنا، كل ما فعلناه وكل ما أبينا أن نفعل، ومحاسبة كل أنسان نفسه قبل أن يأتي يوم حسابه، وهو ما ينشئ في نفوس المؤمنين أحساسين يختلفان بعض الأختلاف أو يتقاربان بعض التقارب، أحدهما الأحساس بالخوف والآخر الأحساس بالحب!
أما الأحساس بالخوف، فيحمل المؤمن على ألا يجاوز في كل ما يحمل وفى كل مايترك حدود الله، حذر الحساب من يوم الحساب، فيقدم أو يحجم، ويفعل أو يمتنع، لأنه هناك ميزان يوم الحساب.
أما الأحساس الاخر فهو أحساس النفوس الصافية النقية الشجاعة المؤمنة بالحق حق الإيمان، وهو اساس يحملها على تصور كامل ليوم الحساب، فهو أمامه بصورته الكاملة في كل لحظة، تتمثله فتتشوقه تشوق الحب، وفى كل أطار ما تتمثل من صورة اليوم الآخر تكون صورة أعمالها، ويكون مانفعل أو نترك، لأن ماتفعله وماتتركه هو تمام تلك الصورة التى تتمثلها ابدأ تمثل المحب المشتاق.
الخوف أو الحب، هما الأساسان اللذان يقومان في نفوس المؤمنين ليوم الحساب، حين يقوم في النفس أساس الخوف من الحساب، أو أحساس الحب الذي شوقه يوم الحساب، حيث يكون الضمير الذي يصحب الأنسان حياته فيحمله على محاسبة نفسه خوفاً أو حبا.
فالإيمان بيوم الحساب هو الذي ينشئ الضمير في نفس المؤمن، فلا يتم أيمان المؤمن ألا أن يكون له ضمير يوجهه في كل ما يعمل، ويوجهه في كل ما يفكر، ويوجهه في كل ما يتمنى، ويوجهه مخافة الله وحده هو الذى نتقيه في كل ما يحاول من محاولة ليرضي نفسه أو ليقاوم شهوات نفسه!!
الله وحده هو الذي يملك مصيرنا، الله وحده هو الذى يأمرنا وينهانا، الله وحده هو الذى يكلفنا أو يرفع عنا التكليف الله وحده هو الذى نرجوه ولكن هذا وحده يكفي لفهم مدلول ( لا إله إلا الله).
لا إله إلا الله يحب أن يكون لها مفهوم أعمق وأبعد أثرا في النفس وفي السلوك، اكثر من ترديدها كلمة!!
والإيمان بها عقيدة، أن مفهومها ومدلولها وأثرها السلوكي، أن يكون المؤمن فوق كل الضرورات، فوق كل المخافات، فوق كل أسباب الرجاء، أن يكون أقوى من كل أسباب الخوف، ومن كل أسباب البطش ومن كل أسباب الجبروت، ذلك لأن الله حين يفرض علينا أن نؤمن بأنه لا إله إلا هو، يفرض علينا أن نتحرر فلا نذل لمخلوق يريد أن يستعبدنا، وأن نقوى فلا نضعف أمام مخلوق يريد أن يسيطر علينا، وأن نسمو فلا نخضع لاحد غير الله الواحد الذى يملك مصيرنا، لا إله إلا الله هي الحرية، والقوة، وكرامة الإنسان.
فلا معنى لشهادة أن لا إله إلا الله مالم يكن أثرها في نفوسنا تحررا وسموا وكرامة تحملنا على الا نخاف ولانرجو ولا نتوقي ألا الله..لأن يوم الحساب يحاسبنا الله فيه عن كل شيء ما أدينا ولو بمثقال ذرة!
لا اله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.