الكاتب : محمود جلال |
10:04 am 28/01/2021
| رأي
| 2291
الغرض من المقالة هو تعريف الجودة وتوضيح تأثير الجودة على الاشخاص والشركات والاقتصاد والدول.
تعريف الجودة:
للجودة تعريفات عديدة لكنها خلصت إلى مفهوم واحد وهو مطابقة السلع والخدمات بالسمات والمواصفات والمعايير المتفق عليها مثل (المعايير ، المواصفات ، اللوائح ، الاتفاقيات ، العقود ، القوانين ..الخ). يتم احتساب تكلفة السلع والخدمات بناءًا على تكاليف إنتاج منتج أو تقديم خدمة وفقًا للسمات والمواصفات والمعايير المتفق عليها. عندما يتم تقديم المنتجات أو الخدمات بمواصفات أقل من المتفق عليها ؛ فبالتالى هذه المنتجات أو الخدمات تعتبر ذات جودة منخفضة. الجودة العالية للمنتج أو الخدمة لا تعني أفضل المواصفات ؛ ولكنه يعني مدى مطابقة ذلك المنتج أو تلك الخدمة بالمواصفات والشروط المتفق عليها. فكلما زاد تطابق المنتج او الخدمة للمواصفات والشروط كلما زادت جودة المنتج او الخدمة. وبالتالى لا يعتبر السعر أو الاسم التجاري أو اسم المُصنع او مقدم الخدمة هى الاداة الوحيدة للحكم على مستوى الجودة ولكن مدى مطابقة المنتج او الخدمة بالمواصفات والشروط المتفق عليها هى أداة قياس مستوى الجودة.
فمثلا؛ إذا تعاقدت إحدى المؤسسات مع شركتين مختلفتين لتقديم منتجين ، منتج بمواصفات منخفضة وسعر منخفض من شركة ، ولتوفير منتج اخر بمواصفات عالية وسعر مرتفع من شركة أخرى ، فإذا تم توريد كل منتج مطابق للمواصفات المتفق عليها فالبتالى يكون كل منتج عالى الجودة على الرغم من الاختلاف فى المواصفات وكذلك سعرها.
فمعيار او مقياس مستوى الجودة هو مدى مطابقة المنتج او الخدمة للمواصفات المتفق عليها.
أهمية الجودة وأثرها:
تمس الجودة كل شخص في جميع أنحاء العالم. كل شخص يتعامل مع السلع والخدمات بصورة يومية. لكل منتج وخدمة تأثير على (الصحة ، السلامة ، البيئة ، الأمن ، السعادة ، التكاليف ، الأداء ، السمعة .. الخ). يجب أن يكون لكل منتج وخدمة حد أدنى من الجودة لتحقيق رضاء العميل سواء كان العميل يتمثل فى شخص او شركة اوهيئة او دولة.
انخفاض جودة المنتجات والخدمات سيؤدى إلى عدم رضاء العملاء مما يؤثر سلبًا على الطلب على هذه المنتجات او الخدمات وبالتالى سيؤثر سلبًا معدل الانتاج ومعدل تقديم الخدمات مما ينعكس سلبا على (الموظفين ، والشركات ، والمتسثمرين والاقتصاد ، والحكومات ، .. إلخ). كما يؤدي تدني جودة السلع والخدمات إلى خسائر للعملاء بسبب تلف المنتجات قبل نهاية عمرها الافتراضي مما يؤدي إلى إعادة الشراء مرة اخرى. كما تؤدي السلع والخدمات الرديئة إلى نفقات وخسائر اضافية نتيجة لسوء الأداء مما يؤدي إلى عواقب وخيمة ناتجة عن هذه المنتجات والخدمات الرديئة مثل (الوفاة ، إصابات ، توقف الإنتاج ، انخفاض معدل لانتاج ، انخفاض في المبيعات ، سمعة سيئة ، عدم رضاء العملاء ، ضياع الوقت ، أمراض ، تكاليف اعادة الاصلاح ، تاخر الجدول الزمنى للمشروعات ، فقد العقود ، غرمات تأخير ، خسائر ارباح ناتجة عن التأخر فى بدء التشغيل ، عقوبات قانونية ، عزل من مناصب ، .. الخ).
لذا فإن الجودة مهمة لكل شخص وكل شركة وهيئة ومؤسسة ودولة على مستوى العالم.
وبالنسبة للاقتصاد ، فيتأثر الاقتصاد على مستوى Macro-economic and Micro-economic في أي بلد بمستوى الجودة. فعلى مستوى الشركات والمؤسسات Micro-economic، فيؤثر مستوى جودة الانتاج و التشغيل فى أي شركة على جودة منتجاتها اوالخدمات التي تقدمها هذه الشركات وبالتي ستؤثر على سمعتها ومبيعاتها وإيراداتها ووضعها المالي .. إلخ. فبالتالى إذا كان مستوى جودة منتجات وخدمات الشركات في بلد ما منخفضًا فإن الوضع المالي لهذه الشركات في تلك البلد سيكون سيئًا بسبب عدم رضاء العملاء مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على تلك المنتجات والخدمات من تلك الدولة ومن ثم انخفاض الإنتاج والإيرادات مما سيؤثر بالسلب على كل دورة التشغيل والإنتاج والتصدير فينعكس بالسلب على الاقتصادعلى مستوى الدولة Macro-economic لهذه الدوله.
كما أن تدني مستوى جودة السلع والخدمات المقدمة فى بلد ما سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد على مستوى الدولة Macro-economic لأن الجودة الرديئة للمنتجات والخدمات لها تأثيران (مباشر وغير مباشر) على اقتصاد الدولة. التأثير المباشر ناتج عن تلف وانهيار المنتج قبل نهاية عمره الافتراضي مما يؤدي إلى إعادة دفع تكاليف الاصلاح او اعادة الشراء مره اخرى لسد الاحتياج. اما بالنسبة للآثار الغير المباشرة وهى توابع التأثير السلبى المباشر لسوء الجودة. فمثلا؛ انهيار او تعطل معدة ما عن الانتاج بسبب رداءة الجودة فى التصنيع او التشغيل او الصيانة او غيره من الاسباب يؤدي إلى آثار مباشرة مثل (حالات وفاة ، إصابات ، خسارة أصول ، خسارة رأس المال ، تعطل انتاج .. إلخ) بالإضافة إلى تأثير غير مباشر مثل (تكاليف طبية ، إعاقة ، سمعة سيئة ، غرامات تأخير ، فقد عقود .. إلخ).
بالاضافة الى ذلك فإن ردائة الجودة تؤدى الى زيادة تكلفة الفرصة البديلة.
"تكلفة الفرصة البديلةopportunity cost " (تكلفة الخسائر) وهو مصطلح اقتصادي وهو فقدان وخسارة الفوائد المحتملة بسبب اختيار الخيار السيئ. وبالتالى تؤدي الجودة السيئة إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة (تكلفة الخسائر) بسبب إعادة الاستثمار ودفع التكاليف مرة اخرى نتيجة لسوء الجودة وعواقبها والتى كان من الممكن الاستفاده بها فى منافع اخرى مما يؤثر بالسلب على اقتصاد الدولة والمواطنين فى هذه الدولة.
تكلفة الجودة:
تتكون تكلفة الجودة من تكلفة المطابقة لمعايير الجودة وتكلفة عدم المطابقة لمعايير الجودة. تكلفة المطابقة هي تكلفة النظم الموضوعة لضبط وتحقيق مستوى الجودة والمحافظه عليها والتي تشمل (التفتيش ، والاختبار ، والتدريب ، والتوعية ، والإجراءات القانونية ، والمراقبة ، .. إلخ). اما تكلفة عدم المطابقة تتمثل فى (الوفاة ، الإصابات ، فقدان الأصول ، الإغلاق ، الأداء المنخفض ، إعادة الاصلاح ، إعادة دفع التكاليف ، رفض المنتجات ، إلغاء العقود .. إلخ) وهى ذات تكلفة أعلى بكثير من تكلفة المطابقة. لذلك لابد من الاستثمار في الاجراءات والانظمة المتبعة عالميا لضمان مطابقة الجودة مثل (التفتيش ، والاختبار ، والتدريب ، والتوعية ، والإجراءات القانونية ، والمراقبة ، .. إلخ) والتى ستؤدي إلى تقليل تكاليف عدم المطابقة وتعزيز الأداء وحماية (الأصول ، والحياة ، والصحة ، والبيئة ، ..إلخ).
أخيرا؛ الجودة هي معامل حاسم في حياتنا على مستوى الاشخاص والشركات والمؤسسات والاقتصاد والدول ، وإذا تحكمنا فيها بكفاءة فستكون لدينا حياة تتحلى ب (حياة صحية ، مزيد من السعادة ، غذاء أفضل ، أمراض أقل ، أمان أكثر ، مزيد من الأمن ، قيمة مكتسبة عالية ، توفير الوقت ، توفير التكاليف ، بيئة أفضل ، قيمة مكتسبة أكثر ، اقتصاد اقوى .. إلخ). تكلفة المنتجات والخدمات ذات جودة رديئة أعلى بكثير من تكلفة المنتجات والخدمات عالية الجودة. فى النهاية الجودة هي توفير وليست تكاليف.
بقلم المهندس محمود جلال مدير فرع السويس لشركة بروفريتاس مصر
في المقال القادم سنناقش:
العوامل التي تؤثر على مستوى الجودة.
انظمة الحفاظ على مستوى جودة مرتفع
تجارب الدول المتقدمة فى ضبط الجودة وانعكاسها على اقتصاد هذه الدول
المؤشرات العالمية للجودة
المعايير والموصفات العالمية