06:52 am 21/01/2021
| رأي
| 2213
لنبدأ مقال اليوم بسؤال هل هناك توقيت معين أو حدث محدد يجب علي الإنسان التوقف عنده لبدأ مرحلة جديدة أخري في رحلة حياته؟ أو علي الإنسان أن يسعي ويمضي قدماً و كلما تعثر يبحث عن الحل ثم يواصل الرحلة؟ أو عليه وضع خطط إستعدادية لمواجهة مواقف محتملة؟
ما يقال علي الإنسان يمكن أن يقال علي الشركات.
وبعيداً عن المقدمة المعتادة "بأن دول العالم في الآونة الأخيرة منذ أن بدأت جائحة كوفيد-19 قد شهدت تغيرات متعددة ومتسارعة في كافة المجالات، وهذا الواقع في ظل العولمة نتج عنه ضغوطات و تحديات كثيرة مؤثرة علي سلوك بيئة الأعمال، خاصة فيما يتعلق بتوجهاتهم الإسراتيجية". بعيداً عنها و من وجهه نظري البسيطة أري أنه يمكن أن نستبدل كلمة تحديات أو أزمات التي توحي لي شخصياً بوجود وضع متأجج و مضطرب، إلي كلمة مستجدات أو تطورات التي ربما تكون الأنسب و الأوقع لواقع نعيشه و نتعايش معه تلقائياً، لأنه علي ما يبدو أن التسارع في الأحداث هي سمه مستمره لعصرنا الحالي.
علي المؤسسة الإقتصادية أن تدرك حقيقة أنه لا ينبغي عليها الإنتظار لرؤية ما سيحدث في بيئة عملها، و لكنها بحاجة إلى التفكير بشكل إستباقي حول التغييرات المستقبلية، وضرورة التحضير لها، لأن تلك التغييرات المستقبلية قد تخلق فرصاً واعدة لها أو تحمل في طياتها تهديدات محتملة.
وفقًا لذلك، علي المؤسسة الإقتصادية أن تقوم بإتباع نظٌم أو تطوير إستراتيجيات تسمح لها بإستباق المعلومات المفيدة، المناسبة، الملائمة و المنتقاه بشكل سليم خاصة و أننا في زمن يتميز بغزارة تدفق المعلومات، فالمعلومة هي مورد إستراتيجي للمؤسسة ككل و لا تقل أهمية عن الموارد البشرية و الموارد المالية، لهذا من الضروري الإهتمام بها والحصول علي تلك المعلومات التي تمنحها ميزة إتخاذ القرارات في الوقت المناسب و تجنبها من ردود الفعل المتأخرة. فقد وجد أن قدرة المؤسسة لم تعد تُقاس على تكيفها البيئي في بيئة تتسارع فيها التغييرات، بل بالإستجابة السريعة والمناسبة.
للتعبير عن ما تقدم، هناك الكثير من المصطلحات الأكاديمية التي باتت تظهر و بقوة مؤخراً علي سبيل الإيجاز لا الحصر مثل مصطلح "المسح البيئي"...فالملاحظ أنه بدأنا و بشكل غير مباشر في الربط بين التطبيق العملي و المعلومة الأكاديمية.
المسح البيئي:
يتضمن جمع المعلومات حول الأحداث والإتجاهات والعلاقات من البيئة الخارجية كمدخلات لتخطيط مسار عمل الشركات (Aguilar 1967). أو أنه يقوم بإستيعاب المعلومات حول القضايا الناشئة والمواقف و المشاكل المحتملة من البيئة الخارجية التي يحتمل أن تؤثر على عملية صنع القرار في الشركة، حيث يٌمكن المسح البيئي الشركات من الإطلاع على التأثيرات المحتملة من البيئات الخارجية وكيف يمكن للشركات أن تستجيب بشكل إستراتيجي في الوقت المناسب وبطريقة أكثر فاعلية. و يُنظر إلى المسح البيئي أنه تكتيك فعال لمساعدة الشركات على التكيف مع البيئة الخارجية (2004 Albright). وللبقاء على قيد الحياة في السوق الديناميكية والتنافسية، يجب علي الشركات أن تفهم وتفسر بشكل كاف الإشارات المستمدة من البيئة الخارجية وأن تحدد وتجمع وتحلل وتعالج هذة المعلومات بشكل منهجي (Hough and White 2004; Albright 2004 1967; Aguilar).
السؤال الأن، هل تقوم المؤسسات الاقتصادية اليوم بهذا العمل أو تطبق هذا النظام؟ هل لديها أفراد أو إدارات متخصصة تقوم وظيفتها على ما ورد في التعريفات السابقة؟
لنعطي مثال بسيط له علاقة و يمكن تطبيقة علي قطاع البترول، نحن في إنتظار المزايدة العالمية للبحث و التنقيب عن النفط والغاز لعدد من القطاعات التي ستطرحها وزارة البترول والثروة المعدنية ممثلة في الهيئة العامة للبترول (EGPC) في نهاية الشهر الحالي يناير 2021. هل ستكون الشركات مستعدة بالمعلومات الكافية عن المناطق التي سيتم طرحها؟ بمعني أخر، هل لدي الشركات قواعد بيانات بالحزم المعلوماتية عن بعض المناطق التي قد تم الحصول عليها مسبقاً إما بالشراء “Purchase” أو بالتبادل “Data Trade” أو من مصادر أخري.... و من ثم تم الإعلان، تكون الشركات مستعدة بالتقييمات الأولية لبعض المناطق أو يكون لها القدرة علي إتخاذ القرار المدروس بشكل كاف دون أن تقع تحت ضغط الوقت والموارد البشرية و المادية لعمل التقييم المناسب من أجل إتخاذ القرار الصائب. لأن عدم الإستعداد قد ينتج عنه عدم القدرة أو التأخر وربما ضياع الفرصة المتاحة.
من هنا أختم بأن أساليب الإدارة بالأمس لم تعد مناسبة لمستجدات أو تطورات اليوم والغد...و التغيير هو الحقيقة الثابتة في الحياه
وللحديث بقية مع مقالة و مصطلحات أكاديمية.....