الكاتب : د أحمد هندي |
05:28 pm 20/01/2021
| رأي
| 2132
سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ، ومن أنفسهم ومما لايعلمون ( سورة يس الآية ٢٦) .
لقد شاء الله أن تعمر الأرض بما شاء من مخلوقاته ، وجعل آدم فيها خليفته ، وكرمه هو وذريته ، وفضلهم علي كثير ممن خلق تفصيلاً .
كما شاء أن تتكاثر المخلوقات إلي الأجل الذي كتبه لهذه الدنيا ، فخلق من كل شئ زوجين ليتم التكاثر والتناسل ، وجعل ذلك من آيات قدرته فقال تعالي ( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون )(سورة الذاريات الآية ٤٩) .
وامتن علي بني ادم بهذه النعمة فقال تعالي ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة )( سورة النحل الآية ٧٢).ثم بين لنا بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حقوق الزوجية وآدابها .
فقد شاء الله تعالى أن يجعل آدم وذريته خلفاءه في الأرض ، فأقتضت حكمته أن يخلق له زوجة له من جنسه يأنس بها ويسكن إليها .وتلد له ذرية تتناسل وتتكاثر ، وتعمر بهم الدنيا إلي ماشاءالله ، قال تعالي ( يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيراً ونساء )( أول سورة النساء ).
وقد عد الله ذلك من نعمه التي تستوجب الشكر ، وأستنكر جاحديها كفرهم بها فقال تعالي ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ، ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون ، وبنعمة الله هم يكفرون )( سورة النحل الآية ٧٢) .
لذا فلابد لعقد الزواج من أركان يقوم عليها ، ولايوجد الزواج إلا بها ، وهي الزوج ، الزوجة ، المعقود عليه وهو أستمتاع كل من الزوجين بالآخر ، والأيجاب والقبول .
ولعقد الزواج شروط أنعقاد ، وشروط صحة ، وشروط نفاذ ، وشروط لزوم ، ويقع العقد باطلا في حالة تخلف شرط من شروط الأنعقاد لحدوث خللا في أركانه .!!
ولعل من أهم شروط صحة عقد الزواج أن تكون صيغة العقد مؤبدة أي غير مؤقتة بمدة معينة ، أو غير معينة طويلة أو قصيرة ، وتأقيت الزواج بمدة مفسد له ، إذا لم يقصد به عند التوقيت مايقصد به شرعا بالزواج من دوام العشرة وطلب النسل ، والقرار لتربية النسل وتكوين الأسرة ،بل يقصد لقضاء حاجة تنهي الزواج بإنتهائها .
ومثال للزواج محدد المدة عقد التجربة كنموذج للتحايل علي أحكام الشريعة الاسلامية ، بأن يقول شخص لأمراة تزوجتك ثلاث أو خمس سنوات ، ذلك العقد عند مذهب الأحناف هو من الشروط الفاسدة وحكمها بطلان الشرط ويظل الزواج صحيحاً علي التأبيد ، لأن من المقرر أن النكاح لايبطل بالشروط الفاسدة .
وزواج التجربة هو أن يتفق رجل مع أمراة خالية من الأزواج علي أن تقيم معه مدة ما ، وهذا زواج لايقصد به سوي قضاء حاجة ، وينتهي بمضي المدة ، وهو مايخالف أساس الزواج في القرآن الكريم الذي هو السكن والمودة والرحمة المتبادلة بين الزوجين ، وإلي أن ثمراته تكوين الأسر ، وتحصيل الأبناء والأحفاد ، والتعاون علي تربيتهم ، وما أبعد زواج التجربة من هذا الأساس وهذه الثمرات .
والقرآن قد ربط بعنوان الزوجية أحكاماً كثيرة كالتوارث ، وثبوت النسب ، والنفقة ، والطلاق ، والعدة ، والأيلاء ، والظهار ، واللعان ، وحرمة التزوج بالخامسة وغير ذلك مما يعرفه الناس جميعاً .
والقرآن قد عرض للزواج بلفظه تارة وبلفظ النكاح تارة أخرى في آيات كثيرة ، ولا يفهم منها سوي الزواج الذي جعل أساسه الدوام ، وتكوين الأسر ، وأي زواج أيا كان مسماه ( متعة / مسيار / التجربة ) ، لاتبيحه سريعة الإسلام التي هي شريعة الإحصان والإعفاف .
وقد قال أبو حامد الغزالي في الزواج أنه راحة للقلب ، وتقوية علي العبادة ، فإن النفس ملول ، وهي عن الحق نفور ، لأنه علي خلاف طبعها ، فلو كلفت المداومة علي مايخالفها جمحت وثارت ، وإذا روحت باللذات في بعض الأوقات قويت ونشطت . وفي الأستئناس بالنساء من الراحة مايزيل الكرب ويريح القلب .
أما الإباحة المطلقة كما يذهب البعض ما أسوأها علي المجتمع الإنساني .
إنها تؤدي إلي التحلل من قيود الفضيلة ، وتشيع الرذيلة وتنتشر الأمراض ، ويقضي الرجل وطره الجنسي كالحيوان ، وتمتهن المرأة أمتهانا يشين كرامتها !
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .