الكاتب : دينا عبدالكريم- المصري اليوم |
08:09 am 27/12/2020
| رأي
| 2534
واحدة من أشهر الجمل التى يعاتب بها الإنسان الله عند حدوث التجربة (لماذا أنا؟!)، وهو أحد أصعب الأسئلة التى طرحت فى تاريخ البشر عمومًا.. يتوه الإنسان ويتخبط كثيرًا إذا لم يفهم ما وراء التجارب وكيف تدير يد الله العالية كل شؤون الكون.
لكن الحقيقة أنه يبدو لى معكوسًا تمامًا الآن، زارنى الوباء والرعب الذى هدد العالم كله وغير شكل الحياة والعلاقات وأسواق العمل.. واختطف الآلاف من الأحباء، وترك آثارا عنيفة لقسوة الرحيل المفاجئ لكل من فقد عزيزا وصديقًا وزميلًا.. زارنى ضيفًا خفيفًا جدًا- حتى الآن- نعم تراودنى تلك المخاوف القاسية عن الموت المفاجئ حتى بعد التعافى.. لكنى أراها جرس إيقاظ عظيما للمشغولين بالأحلام الكبيرة مثلى.. يبدو لك حلم النفس الهادئ دون اختناق، أهم كثيرًا من هذه الفرصة التى ضاعت!.
يبدو لى احتضان ابنتى أهم كثيرا من كل الأشياء التى انتهت بسخافة!، يبدو لى أن سلامة زوجى وأمى وبناتى وعدم التقاطهم العدوى.. أغلى من كل نجاحات الدنيا!.
ويبدو لى السؤال لماذا لست أنا؟!، لماذا مات فلان بالفيروس ونجوت أنا؟!، قد يصبح هذا هو السؤال الجديد الأهم بعد انتهاء هذا الوباء وهذه الغمة بإذن الله.
سيتلفت من نجا ومن تعافى ليسألوا أنفسهم: لماذا لم أكن أنا؟! لماذا بقيت؟! وما هى الغاية من بقائى؟! وكيف سأكمل باقى مسيرتى؟!.
لا تظن أنها أسئلة وجودية عميقة لا وقت لها، بالعكس لقد صارت هذه الأسئلة هى الأهم الآن..
كل شىء سيتغير.. كل شىء قد تغير بالفعل.. والبقاء للأكثر قدرة على طرح الأسئلة المناسبة واستيعاب الإجابات مهما كانت صادمة؟!.
بعض الإجابات ستكون.. بقيت أنت لتأخذ فرصة جديدة لأن ما فات لم يكن حياة على الإطلاق!.
بعض الإجابات ستكون.. إن لم تتأقلم وتتطور سريعًا ستفنى وتخرج من المعادلة ومن أسواق العمل الجديدة؟.
بعض الإجابات ستكون.. يا كل من هزأتم من العلم، هو فى الحقيقة طوق النجاة وقت الخطر، فتعلموا احترامه.
بعض الإجابات ستكون.. لا يصح إلا الصحيح فتوقفوا عن الفهلوة أيها الشعوب التى أهانت الذكاء عندما حولته لفهلوة وأهانت الدين حينما فشلت فى اختبارات الإيمان الحقيقى!.
بعض الإجابات ستكون.. كذب من قالوا إن الشيطان يكمن فى التفاصيل، فالتفاصيل الصغيرة تسكنها رحمة الله وعنايته لعباده، والتفاصيل يسكنها حلو المشاعر وحلو البشر.
دعائى الوحيد الآن للجميع بالتعافى من المرض، ومن الوحدة، ومن الغشاوة التى تسكن قلوبنا ولا تزيحها سوى إنذارات كبيرة كهذا الوباء.