12:07 pm 26/12/2020
| رأي
| 2288
لاشك أن ما تمر به الآن دول العالم تحديداً منذ أن بدأت جائحة كوفيد-19 والتي لا تزال مستمرة إلي أن يأذن الله بزوالها، هي فترة تتسم بعدم اليقين وعدم وضوح الرؤية، مما أدي لتشكيل الكثير من الأزمات و التحديات في كافة المجالات، إقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً و سياسياً. و بالرغم من ذلك، وجدنا أن من أراد البقاء و الإستمرار سعي إلي تطوير الخطط و الإستراتيجيات من أجل التعايش. حتي و إن بدي الأمر ساكن عند البعض إلي أنه في الخلفية الكثير من التحضيرات لإنطلاقات جديدة. و إتضح أن القوة الإقتصادية لأي دولة لا تقل أهمية عن قوتها العسكرية. حيث برهنت الجائحة، أن تدهور أو إنهيار الدول، قد بات إنهيار إقتصادي أكثر منه سياسي أو عسكري. و بذلك أختلفت المعايير لتصنيف الدول الكبري لدي البعض.
فالنظام العالمي الجديد، قد إتسم بخصائص جديدة تعتمد في المقام الأول على قدرات إقتصادية عملاقة، لذلك وجب على الدول الراغبة في البقاء أن تمتثل لهذه الخصائص الجديدة وتسعى لإستباق التغيرات من خلال الإنصات إلى محيطها من أجل إقتناص الفرص الممكنة. نختص بحديثنا علي مصر، فقد حباها الله بالكثير من الثروات الطبيعية التي تميزت بها عن كثير من الدول، نقصد هذه المرة الثروات المعدنية، و التي إستُغِلَّ بعضها والبعض الآخر لم يتم الكشف عنه أوإستغلاله أو إدارته بالشكل الجيد حتى الآن. فعلي سبيل المثال لا الحصر و بعيداً عن تقسم ثروات مصرالمعدنية المقسمة وفقًا لرؤية مصر الإستراتيجية 2030، نذكر منها رواسب الحديد في شرق أسوان و في الواحات البحرية و في الصحراء الشرقية و خام المنجنيز في منطقة أم بجمة في محافظة جنوب سيناء و الذهب و التيتانيوم و النحاس و الكروم و غيرها من المعادن و الخامات.
و للثروة المعدنية المصرية مميزات عدة تجعلها تلاقي ترحيباً من المستثمرين، منها:
1- تتميز ثروات مصرالمعدنية الطبيعية بأنها ذات إحتياطيات كبيرة .
2- تواجدها المناسب بأماكن قريبة من الطرق الرئيسية والموانئ، مما يسهل عملية النقل والتصدير.
3- عمليات إستخراج وتجهيز الخام المنتج لاتحتاج إلى تكنولوجيا معقدة، حيث أن معظم هذه الخامات موجود على سطح الأرض بما يعرف لدى الجيولوجيين بـopen book، وهو أجود الوضعيات الجيولوجية للثروات الذي يسمح بإستخراج المعادن بطريقة المنجم المكشوف (المحجر) القليل التكلفة.
4- قرب المواقع من مواطن العمالة المتخصصة وخاصة فى محافظات قنا وأسوان .
إن قطاع البترول و الثروة المعدنية يحظى بدعم مستمر ومتابعة من الرئيس عبدالفتاح السيسى من أجل وضع الثروة المعدنية فى المكانة التى تستحقها مستغلين ما حققته مصر من نجاحات من إصلاح وإستقرار إقتصادى وسياسي وأمني لزيادة مساهمته فى الدخل القومى لمصر تفعيلاً لرؤية مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، و أنه بالرغم من تحديات كورونا التى طالت العالم، كانت مصر من الدول القليلة التى حققت نمواً إقتصادياً إيجابياً في هذة الفترة، حيث قام القطاع علي وضع خطط تقوم على التوازن بين سير الأعمال والحفاظ على سلامة عامليه.
فعلي صعيد قطاع الثروة المعدنية، و الذي بدأ يحظي بمثل أضواء قطاع البترول، هذا القطاع المتمثل في الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية (E.M.R.A) هي أحد أركان الهيكل التنظيمي الخمس لوزارة البترول، قد تم طرح المزايدة الأولى للذهب في شهر مارس 2020 وحظت بإهتمام 23 شركة، قامت بشراء حزم المعلومات المتاحة، في إقبال إستثمارى غير مسبوق، و قد فاز منها 11 شركة أجنبية و مصرية بـ82 قطاعاً على مساحة 14 ألف كيلو متر مربع بالصحراء الشرقية بإلتزام إستثمارات بحد أدنى 60 مليون دولار فى مراحل البحث الأولى. وقد أعلنت المزايده الثانية في 19 نوفمبر 2020 و يحين موعد إغلاقها في 15 مارس 2021 تحت نظام الإتاوة و الضرائب و نسبة المشاركة المجانية للهيئة.
وفي 30 يونيو الماضي، تم الإعلان عن كشف تجاري للذهب بمنطقة "إيقات" بصحراء مصر الشرقية بإحتياطي يقدر بأكثر من مليون أوقية من الذهب بحد أدنى وبنسبة إستخلاص 95%، التي تعد أعلى النسب، حيث يوجد بمصر نحو 270 موقع للذهب، بينها 120 موقعاً ومنجماً معروفين‘ قد تم إستخراج الذهب منهم قديما.وتملك مصر إحتياطات من الذهب ضمن أصولها الإحتياطية بأكثر من 79 طناً، ويبلغ إحتياطي الذهب فى منجم السكري وحده 14 مليون أوقية ذهب، في هذا الصدد تأتي مصر في المركز السادس عربياً و في المرتبة 40 عالمياً.
نجد أيضاً، أنه أثناء الجائحة و في إطار توجهات و إستراتيجيات لتطوير قطاع التعدين، تم إطلاق المرحلة الثانية من برنامج رفع كفاءة وتطوير العاملين بهيئة الثروة المعدنية، حيث أكد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية أن التوسع فى الإستثمار فى الموارد البشرية بقطاع التعدين صار ضرورة حتمية، إنطلاقاً من أن الكوادر المؤهلة تأهيلاً علمياً وعملياً رفيعاً هى الركيزة الأساسية لنجاح تطوير وتحديث قطاع التعدين.
و المعلومة التي أحب إلقاء الضوء عليها و التي سعدت بقرائتها وبعيداً عن الجزء الخاص فيما يخص تعاقداتة السابقة !!!، أن لدي مصر إحتياطيات من معدن التنتالوم تٌقدر بنحو 40 مليون طن في منطقة أبو ضباب في غرب البحر الأحمر في سيناء، 98 مليون طن في جبال نويبع أي أنها "مغارة علي بابا لشركات التعدين". يصنف التنتالوم بأنه واحد من أصلب المعادن التي عرفها تاريخ الإنسان و كونه خامل جداً وصلب جداً وخفيف في نفس الوقت، يدخل في تصنيع محركات الطائرات والسيارات ولا يمكن الإستغناء عنه عند إنشاء أي بنية تحتية للإتصالات و في صناعة الهواتف المحمولة، واللاب توب، والإلكترونيات، والتطبيق الرئيسى لهذا المعدن هو صناعة الطيران العسكرى على وجه التحديد بسب الكفاءة في الصفات الهيكلية، و نتيجة لكثافته القليلة و قوته العالية التي هي أقوى من الفولاذ و سهولة تشكيله و مقاومته الممتازة للأكسدة و الصدء، نجد أنه يستخدم أيضاً في مجال الطيران والفضاء، ومجال الصناعة، والمعالجة الكيميائية ، والمجالات الطبية، والمجالات البحرية، والمجالات الرياضية، وغيرها.....
مصر لديها الكثير و الكثير من الخزائن و الثروات التي تحتاج إلي إدارة ناجحة و عقول متطورة و إستراتجيات حكيمة من أجل تنقيب و إستخراج و إدارة تضمن لها مكانة مرموقة و دخل وفير و هذا ما نلمسه حاليا في حكومتنا و ما تقوم به من جهد و أداء غير مسبوق تسعي به لتحقيق تحول ناجح في قطاع الصناعات التعدينية حيث يسعى برنامج رؤية 2030 إلى دعم قطاع التعدين من خلال: تقييم الوضع الحالي للخامات التعدينية بمصر، وإختيار عدد 5 خامات إستراتيجية، وزيادة القيمة المضافة للخامات التعدينية المصرية، وخلق بيئة ملائمة ومشجعة لإستثمارات القطاع الخاص المحلية والأجنبية في قطاع الصناعات التعدينية، و زيادة صادرات مصر من الخامات التعدينية المصنعة ذات القيمة المضافة العالية، و خلق فرص عمل وخاصة في المناطق النائية.
نذكر حضراتكم، فإن كان بالأمس الوقاية خير من العلاج- فاليوم الوقاية هي العلاج.......
وللحديث بقية.....