الكاتب : د أحمد هندي |
02:47 pm 11/12/2020
| رأي
| 2018
تحتفل الأمم المتحدة في التاسع من ديسمبر كل عام باليوم العالمي لمكافحة الفساد ، وهو اليوم الذي يجتمع فيه ممثلي الدول والمؤسسات الدولية المالية والهيئات الأكاديمية ، لتجديد تعهداتهم الأفتراضية بمكافحة كافة أشكال الفساد .
وبما أن الفساد حتي يومنا هذا لم يتم الوصول لتعريف شامل جامع له ، وخصوصا في ظل تفشي وانتشار جائحة كورونا والتي تعد شكل من أشكال فساد الدول الكبري ، وتشكيك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نزاهة الانتخابات الرئاسية كشكل من أشكال الفساد ، ولأن مصطلح الفساد ومكافحته ومناهضته ، اصبحت مصطلحات يشوبها عدم الدقة التعريفية والتفسيرية ، حتي أن الكثير من الفقهاء والعلماء يتحرجوا من القول بأن اصطلاح مكافحة الفساد أصبح خفيف علي الألسنة ثقيل في التطبيق العملي في ظل نجاح وسائل الإعلام المختلفة في ترسيخ شعارات المكافحة الشكلية دون المكافحة الموضوعية لجرائم الفساد نتيجة أنعدام الوازع الدينى عن طريق الخيانة والجور علي الوطن .
أن الالتزام الأسلامي الأولي وفي كافة الأديان السماوية التي انزلها الله للبشر علي أختلاف دياناتهم وأجناسهم هو الأمانة التي غابت والتي من مفرداتها مصطلح الفساد ومكافحته ومناهضته .
وفي الشريعة الإسلامية أمام غياب هذا الألتزام وما نراه من أنحرافات في كافة نواحي الحياة التنفيذية والإدارية والمالية ، والتي يلجأ إليها معدومي الأمانة .!
قال تعالي في كتابه الكريم ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها ) وقد نزلت هذه الآية الكريمة لتواجه امور تحمل المسئولية في الدولة أيا كانت درجة المسئولية وحجمها ، فهي خطاب لكل مسلم ينتمي للديانة الأسلامية ، فالآية تأمر كل مسلم أن يؤدي أمانته التي أولاها له الله إلي أهلها فالمسئولية أمانة كبري .
أما من يمارسها بهواه ومزاجه ، فإنه بذلك يكون قد خان أمانته ، وخان الله ، وخان رسوله ، وخان وطنه ، قال تعالي في كتابه الكريم ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وانتم تعلمون ) . فكل من حمل أمانة وتولي من أمر الناس شيئا فأمر عليهم أحداً محاباة أو محسوبية ، فعليه لعنة الله ، لأن الأمانة تعني لا ظلم لا محاباة ، لا خوف ، لا مجاملة ، لا فساد !
ولقد بلغ الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه درجة من الأمانة علي أموال المسلمين ، رواها صاحب الطبقات الكبري قول الفاروق ( لو مات جمل ضياعا علي شط الفرات لخشيت أن يسألني الله عنه ) ، أما لو قلنا مكافحة الفساد فما أكثر معدومي الاحساس بالأمانة الذين لا يخشون سؤال الله ؟
أن مكافحة عناصر الجماعة الإرهابية في مصر أمانة أمام الله ، لأن قصتهم إفساد الوطن يرتكبون كافة أشكال الفساد في الأرض ، ويلجأوا إلي كافة الوسائل الواسطة والمحسوبية والرشاوي ، ويجدون أشخاص معدومي الضمير والوطنية ، حتي اصبحت هناك حالات معلومة ومعروفة لدرجة الفجور ، وما أسهل كلمة حقوق الإنسان التي يحتمي خلفها أهل الفساد بكافة اشكالة ، مهما وصلت درجة خيانتهم ، منذ عام 2011 , وتتعرض مصر للأرهاب وبعد تسع سنوات يتم القبض على ثلاثة من القيادات بتهمة تمويل التنظيم الإرهابي ، فإذا كان هذا حال القيادات بالجماعة ، فالوصول إلي الخلايا والأتباع قد يستغرق عشرات الأعوام !
وللأسف قد يحصل الإرهابي علي حقوقه وحرياته كاملة بحجة حقوق الإنسان ، أو كلمة ( معلش ) وهذه الكلمة ليس لها وجود في ديانات الله .
وثمة عبرة كبري يعيشها البشر نتيجة أنعدام الوازع الديني وتفشي الفساد وأنعدام الأمانة ، ابتلاء الله للبشرية بفيروس كورونا ، الذي يحصد الأرواح وينهك الأجساد ، ويوجه مصير ملايين البشر .!
فقبل مكافحة الفساد ومناهضته يجب دعم الأمانة بالبلاد ، أفضل من الأحتفال بيوم أفتراضي هو اليوم العالمي لمكافحة الفساد .
الفساد جوهره خيانة الأمانة ، دعم الأمانة يخف الفساد ، وتجفيف منابعة أمانة فمن هم أهل الأمانة في اليوم العالمي لدعم الفساد الدولي !