الكاتب : د أحمد هندي |
02:54 am 10/12/2020
| رأي
| 10307
عهدت قرارات رئيس مجلس الوزراء ارقام 606 ،717, 718, 719 ,724 ، 739 ، 740 ، 768 ، 852 ،لسنة 2020 ، بشأن التدابير والإجراءات اللازمة للتصدي لأنتشار وتفشي فيروس كورونا، بضرورة قيام مختلف جهات الدولة بتطبيق هذه الإجراءات بشكل صارم في مختلف المواقع الإدارية والخدمية والإنتاجية ، ويعتبر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020 ، بمثابة خطة الدولة الشاملة لحماية المواطنين من أيه تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد!!
وقد ترك هذا القرار وكتبه الدورية سلطة تقديرية للمسئولين عن تنفيذه فيما يتعلق بنسبة الحضور والتخفيف .
فقد رخص القرار لكل وزير ومحافظ أن يصدر القرار الذي يدخل في نطاق أختصاصه طبقا للضوابط المقررة بقرارات رئيس مجلس الوزراء !!
فلما كانت حياة الناس وصحتهم وأمنهم من أهم المقاصد التي حرص عليها رئيس مجلس الوزراء في قراراته والعمل علي حمايتها وصيانتها .
وهناك من المسئولين لم يتخذ مواقف إيجابية تجاه مكافحة الجائحة ،وعدم الألتزام بالقرارات والتمسك بأستمرار الكثافة العمالية علي حالها ، والتهديد والوعيد بالخصم من البدلات والحوافز في حالة عدم الحضور ، بالرغم من أن رئيس الجمهورية ، وقرارات رئيس مجلس الوزراء حظرت علي جميع جهات الدولة بلا أستثناء ، بعدم الأقتراب من الرواتب والأجور لاي سبب كان طوال الجائحة ،وعدم خصم شئ منها ، مع ضرورة توفير كافة الأحتياجات لهم .!
إلا أن هناك من ضرب عرض الحائط بتوجيهات رئيس الجمهورية ،وقرارات رئيس مجلس الوزراء استناداً إلى أنه يدير ( عزبته الخاصة ) ، وللأسف لايجد من يراجعه في قراراته أو يحاسبه علي أخطائه ، حيث التعنت في رفض تقليص عدد العاملين بالرغم من عدم حاجته إليهم ( مثال شاغلي الوظائف النمطية ) ، ويحرص علي الأختلاط والزحام في المكاتب ومواقع العمل ، لتكون الكارثة أن أي شخص حامل أو مصاب بالفيروس بمجرد أن يعطس ويخرج الرذاذ يمتلئ الهواء بالفيروس ، وتحدث العدوى بمجرد اللمس ، فإذا تم لمس سطح سقط عليه الرذاذ وقعت الإصابة بالوباء وأصبح مصدر ناقل له داخليا وخارجيا !
ومن المعلوم أن الوسط العمالي الخدمي والانتاجي يعاني فيه الرجال مافوق سن الخمسين من أمراض القلب والشرايين والضغط والسكري وأمراض الرئة المزمنة ، وللأسف تجد من يتمسك بسلطته التقديرية تجاه هؤلاء وهو يجهل هذه السلطة كل الجهل !
فالسلطة التقديرية يخولها القانون للموظف أو العامل بقصد تحقيق غرض معين من أستعمالها هو دائما المصلحة العامة ، فإن أستهدف من أستعمال سلطته تحقيق غرض آخر لايمت إلي الصالح العام باي صلة ،كان عمله غير مشروع .!!
فيلزم لإباحة عمله من حضور جميع العاملين في ظل جائحة كورونا أن تكون الغاية مشروعة ، ومشروعية الغاية من ممارسة العمل تتعلق بالجانب المعنوي للموظف عندما يقوم بالعمل أستعمالا لسلطته التقديرية ، فيجب أن يستهدف من أستعماله لسلطته التقديرية تحقيق الغرض الذي من أجله منحه القانون هذه السلطة .!
وفي ظل قرارات رئيس مجلس الوزراء والكتب الدورية لايجوز لمستخدم السلطة التقديرية التمسك بأنه كان حسن النية ، لأن حسن النية يعني الجهل بالعيب الذي يشوب عمله وأعتقاده أن هذا العمل مشروع .
فحسن النية يتوافر إذا كان الموظف يجهل ماينطوي عليه عمله من مخالفة للقانون ، ولذلك فالجهل الذي يعتد به القانون لنفي المسئولية عن العمل الذي قام به بالمخالفة للقانون هو الذي يبلغ الحد الذي ينتفي به القصد الجنائي ..فمن يتعمد أو يهمل في إتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمكافحة تفشي وانتشار الفيروس في بيئة العمل ويتسبب فى أصابة العاملين ووفاة العديد منهم بحجة سلطته التقديرية ، فهنا القرار الذي أصدره والذي يخالف القانون يتمخض عن جريمة ، ولاسبيل إلي إعفائه من المسئولية لأن القصد الجنائي لديه متوافر ، لأن الجهل بالوقائع والأحصائيات اليومية الصادرة من وزارة الصحة والتي تدل علي تزايد الاعداد ، وماله من آثار خطيرة علي صحة الإنسان وحياته ..!!
وتعتبر اللجنة العليا المشكلة لمكافحة وباء كورونا بكل وزارة أو هيئة أو مصلحة ، أو جهاز ، أو محافظة مسئولة مسئولية تضامنية عن مخالفات الجهات التابعة لها بعدم الالتزام بالاجراءات والتدابير وما ترتب عليها من حالات إصابة أو وفاة ، لانه من الواجب عليها متابعة تنفيذ الإجراءات والتدابير بكل دقة وحزم وصرامة كما جاء بقرار رئيس مجلس الوزراء ، وذلك حفاظا علي حياة النفس البشرية التي قال عنها الله عز وجل في كتابه ( من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) .
فكل منا مسئول بسلوكه وتصرفاته عن الحفاظ علي الأنسان وحياته بسلوكه الحضاري الذي يدل على الرقي والتحضر .
لأن تعمد تعريض حياة الناس وصحتهم إلي الهلاك بسبب ( عقدة المريسة أو المنظرة وحب الظهور ، أو إثبات ماليس هو حقيقة في الواقع ،او الحرص علي عدم تحمل المسئولية حتي لو هلك الجميع ) ، كلها آفات أصابت الكثير من الجهلاء الذين تولوا المسئولية في ظل فساد الدولة العميق ، فلا يعقل أن يقود الأعمي القافلة ليلا ، ولا الجاهل أن يخرج عملا صحيحا .
هؤلاء يجب اتخاذ أقصي الإجراءات الرقابية معهم وهي الفصل من الخدمة أو الإحالة إلى المعاش ، والاحالة إلي النيابة العامة بتهمة تعريض صحة وأرواح العاملين للهلاك ، والأستخفاف بأرواحهم في ظل جائحة كورونا ..