الكاتب : د أحمد هندي |
02:46 pm 20/11/2020
| رأي
| 6302
من أبرز المشاكل الإدارية التى تعاني منها التنظيمات الإدارية العليا بالدولة، أزمة الأقدمية وأن الأكبر سنا لايجوز أن يرأسه الأصغر منه سنا وأقدمية ، لتجد الأقدم والأكبر سنا يرى فى نفس الأحقية.
إلا أن المشرع القانوني حرص على أن يطلق سلطة السلطة الرئاسية العليا في الأختيار الحر من بين أصحاب الكفاءة وليس من بين الذين يعتقدون ان الوظيفة العليا محجوزة لأن الدور عليهم فى طابور الأختيار.!
والثابت فى القانون وأحكام القضاء والتطبيق العملي أن الأقدمية وحدها تحرم الوظائف التنفيذية العليا من أصحاب الكفاءات المتميزة.
ولكن حتى يكون المعيار صحيحا من الناحية التطبيقية يفترض فى السلطة الرئاسية العليا المختصة بالأختيار من بين الكفاءات بالذات، التمتع بالشفافية والنزاهة والضمير والحس الوطني، والبعد عن الهوى والمجاملات من أجل الصالح العام الذى هو فوق كل أعتبار ، ووفقا لهذه الفرضية أنه فى حالة خلو إحدى وظائف الإدارة العليا التنفيذية ، فعلي السلطة المختصة صاحبة القرار النهائي أن تختار الأكفأ، دون النظر للأكبر سنا والأقدمية ، حتى لو وقع الأختيار على الأصغر سنا طالما هو الأجدر بالقيادة ولديه القدرة على تحقيق النتائج بالأجادة والتفاني..
والأمثلة التطبيقية لذلك كثيرة من أعلى منصب فى التسلسل الهرمي للدولة.
ونبدأ بمنصب رئيس الجمهورية ، فقد كان الرئيس عبد الفتاح السيسي أصغر أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة سنا، وبالرغم من ذلك أصر المشير محمد حسن طنطاوي على خروج جميع الأعضاء، ليتولي الفريق عبد الفتاح السيسي، منصب وزير الدفاع..ليجد فيه الشعب المصري الأمان والأمل والمستقبل، وهو ما تأكد عملا فقد أطاح بأكبر تنظيم أرهابي فى العالم، وشهد له قادة العالم بأنه كفء لتحمل المسئولية، وشهد له الشعب بالتميز والأجادة والتفاني فى حب الوطن.
ولم يتخلى الرئيس عن المعيار، ففي الهيئة العامة للبترول ووزارة البترول، فقد تم أختيار المهندس طارق الملا رئيسا تنفيذيا للهيئة وهو أصغر نواب الهيئة سنا، ووزيرا للبترول وهو من أصغر الوزراء الذين أعتلوا منصب وزير البترول.، وأثبت جدارة وكفاءة على كافة المستويات، الدولي، والأقليمي، والمحلي.!
وعلى ذات المعيار تبني الوزير معيار الكفاءة دون النظر إلى السن والأقدمية والخبرة ..مثال: المهندس ياسر صلاح، والذي دفع به وزير البترول ليتولي شركة غاز القاهرة فى سن ٤٨ عاما، ثم رئيسا لشركة غاز مصر، وحاليا رئيسا لشركة جاسكو، ونجح وحقق الكثير من الأنجازات.
ومثله المهندس وائل جويد ، وهو أول شاب بعد ياسر صلاح يتولى شركة غاز مصر ، وقد حقق فيها نجاحات تذكر ، ولأول مرة الشركة ترفع رأسمالها في البورصة لمليار جنيه .
وكذلك المهندس عبدالفتاح فرحات أول رئيس شركة ، لتمويل السيارات من قطاع غاز السيارات ، وهو من الشباب الذين راهن عليهم الوزير وهاهي شركة غازتك تشهد نهضة كبرى في عهده .
كذلك المهندس صلاح عبدالكريم الذي تنقل بين 4 شركات ولايزال لم يتخطى الخمسون من العمر ، وقد حقق انجازات كثيرة في كافة الاماكن التي شغلها.
كذلك المهندس ناصر أمين ، وهو ثاني قيادة تتخرج من قطاع غاز السيارات، فهو ابن غازتك ، وتولى رئاسة شركة كارجاس ، وهاهي انجازاته في كارجاس تتحدث عن نفسها .
وكذلك المهندس علي قنديل، الذي صعد بانتاج شركة جمسة ، ثم تولى رئاسة شركة شمال سيناء للبترول وانجز فيها فيها الكثير .
وكذلك المهندس محمد قنديل، أحد شباب غاز مصر والذي تولى رئاسة غاز القاهرة وانجز فيها، ثم تولى رئاسة شركة تاون جاس ، وهاهي الشركة تحرز اهداف كبيرة في عمليات توصيل الغاز الطبيعي .
وكذلك المهندس محمد فتحي، احد شباب غاز مصر أيضاً ، والذي ظل لفترة مساعداً لرئيس شركة تاون جاس ، ثم تولى غاز القاهرة ، وها هي الشركة تخطو للامام .
الدكتور أيمن المرشدي ، الذى عين رئيساً لشركة بترو أمير للبترول، وفى مارس ٢٠٢٠ وكيل وزارة البترول ورئيسا للإدارة المركزية للمناجم والمحاجر بقطاع الثروة المعدنية، وأصغر وكيل وزارة فى تاريخ الوزارة..
المهندس أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء والقائم بأعمال رئيس مركز المعلومات ودعم أتخاذ القرار وعمره ٣٨ عاما، بدأ حياته باحث بالمكتب الفني لوزير البترول.
المهندس محمد صبحى عامر رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية للبترول، ورئيس اللجنة الجغرافية البترولية بالأسكندرية، تولى المدير التنفيذي للشركة المصرية للتكرير وحقق أنجازات حتى تم تشغيل المشروع.
وهو أصغر رئيس مجلس إدارة شركة بالمنطقة الجغرافية البترولية بالأسكندرية، للإيمان الرئيس، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير البترول، أن الكفاءة غير مرتبطة بالسن..
وهذا المعيار من المعايير الأسلامية التى طبقها الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصديق وعمر.
فقد كانت سياسة الرسول صلوات الله عليه تتجه إلى منازلة الروم وإنزال الهزيمة بهم فى غزوة حاسمة، لأن الروم كانوا سادة المنطقة الذين هزموا الفرس وأصبحوا القوة العظمى، فكانت غزوة مؤتة ومن بعدها غزوة تبوك، وقد أخذ الرسول يجهز جيش المسلمين وأختار لقيادته أسامة بن زيد بن حارثة.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد أختاره الله إلى جواره، وجاء الصديق وقد وجد الجيش الذى جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتال الروم والقبائل الموالية لهم.!!
وطلب أسامة بن زيد من الفاروق عمر أن يراجع الخليفة ابو بكر الصديق، حيث أن الجيش يضم عددا من كبار الصحابة، وكثيرا من أجلاء المهاجرين والأنصار، أيجوز أن يسير تحت إمرة أسامة بن زيد وهو لم يبلغ العشرين من عمره؟؟
وقد عرف عن أسامة منذ حداثته بالشجاعة والأقدم، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل له قيادة هذا الجيش تقديرا منه لشجاعته، ولكن بعد وفاة الرسول لم يسترح البعض لقيادة أسامة للجيش، وطلبوا من عمر بن الخطاب أن يراجع الصديق ليولي عليهم رجلا أقدم سنا من أسامة!!
فماذا كان رد الصديق على الفاروق؟؟ قال له ( ثكلتك أمك وعدمتك يابن الخطاب.. إستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمرني أن أنزعه!
وخرج الصديق ليشيع الجيش وهو ماش وأسامة راكب، فقد أراد أن يدعم هيبة القائد الشاب.
ولكن أسامة هاله أن يرى خليفة رسول الله يسير إلى جانبه.
فقال له : يا خليفة رسول الله لتركبن او لأنزلن..
فرد عليه الصديق : والله لاتنزل ووالله لا أركب وماعلي أن أغير قدمي ساعة فى سبيل الله.!
وقد بلغت الرغبة لدى الصديق فى تكريم القائد الشاب أمام الجيش، يستأذن أسامة فى بقاء عمر بن الخطاب فقال له : إن رأيت أن تعينني بعمر فأفعل.
وكان يستطيع أن يستبقي الفاروق دون إذن من أحد وهو القائد الأعلى للمسلمين وولي أمرهم..!!!
النتيجة لاعلاقة للقيادة بالسن، بل الكفاءة والأجادة والأتقان، والتميز، بلا واسطة، أو محسوبية، أو محاباة، أو مجاملة، أو أستغلال نفوذ..
معيار المفاضلة بين الناس الكفاءة..