الكاتب : د أحمد هندي |
04:04 pm 31/10/2020
| رأي
| 2311
تعد إسرائيل العدو الأول لمصر والمصريين منذ نشأتها فى عام ١٩١٧، وتعد المهمة الرئيسية لكل رئيس للولايات المتحدة الأمريكية هو ضمان أمن أسرائيل وتفوقها على كافة دول الشرق الأوسط، وهى السياسة الراسخة والثابتة للولايات المتحدة الأمريكية تجاه إسرائيل مهما أرتكبت من جرائم وأنتهاكات فى حق الدول العربية الإسلامية المحيطة بها.
ولضمان التفوق الاسرائيلي أقتصاديا وعسكريا تمنح الولايات المتحدة الأمريكية مساعدات مالية نقدية تقدر ٣.٨٠٠ مليار دولار سنويا تصرف فى شهر أكتوبر كل عام. وهو مايساهم فى جعل إسرائيل كيانا محوريا فى الاقتصاد الأقليمي، ولاعبا رئيسيا على الصعيد الدولى، بفضل الإمكانيات التكنولوجية التمويلية المتوفرة لدى إسرائيل، والتى لاتتوافر لأى من الدول الشرق أوسطية المحيطة بها، نظرا للأزمات الأقتصادية التي تعاني منها الدول.
الغاز الطبيعى بشرق المتوسط ودعم الشركات الأمريكية لملف الطاقة الاسرائيلي.
لم تكن منطقة شرق البحر المتوسط قبل عام ٢٠٠٩، محط أهتمام فى مجال الأكتشافات البحرية للطاقة، وأنحصرت فى قيام شركتي أموكو الأمريكية، والشركة الدولية للزيت فى تنمية أنتاجهما بالحقول البحرية بالمياه الإقليمية المصرية بنظام أقتسام الإنتاج، وأعلان رغبتهما فى تصدير حصصهما من الغاز الطبيعي إلى إسرائيل بأعتبارها أقرب سوق أستهلاكي.
وتم تشجيع مصر على الاستفادة من كميات الغاز المستخرجة وتصديرها إلى الأردن وسوريا وإسرائيل من خلال خط لنقل الغاز من الحقول إلى الأسواق، فتم تأسيس شركة غاز شرق المتوسط بموجب القرار رقم ٢٣٠ الصادر فى ١٨ مارس ٢٠٠٠، وقامت شركة أيني الإيطالية بتنفيذ خط الغاز بمحازاة البحر المتوسط حتى مدينة العريش ومنها إلى إسرائيل، وكان المبرر أن الخط يجعل الاقتصاد الاسرائيلي تحت ضغط مستمر!!
وبدء ضخ الغاز الطبيعي عبر الخط إلى مدينة عسقلان الإسرائيلية فى ٥يوليو ٢٠٠٨، وكانت مدة العقد ٢٠ سنة، وتم ابرام عقد تصدير لمدة ١٧ سنة فى ٢٧ يوليو ٢٠٠٩، على الرغم من أن شركة نوبل أنرجي الأمريكية المتخصصة فى مجال البحث والأستكشاف نجحت فى أكتشاف حقل تمار الاسرائيلي فى يناير ٢٠٠٩، بأحتياطيات تقدر ٢٧٤ مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وفى شهر يونيو ٢٠١٠، أكتشفت الشركة الأمريكية حقل ليفاثيان الاسرائيلي بأحتياطيات تقدر ٥٦٦ مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وفى مصر كانت الدعاوى القضائية من حملة لا لنكسة الغاز، واندلاع احداث يناير ٢٠١١، وفى شهر ديسمبر فى نفس العام أكتشفت نوبل أنرجي الأمريكية حقل أفردويت القبرصي بأحتياطيات ٢٥٤ مليار متر مكعب، ولم تقترب من المنطقة الأقتصادية المصرية!
لتتحول مصر من دولة مصدرة للغاز الطبيعي إلى دولة غير قادرة على الاكتفاء الذاتي محليا، وتوقف إنتاج شركتي أموكو والدولية للزيت دون معرفة السبب، وتعرض خط التصدير إلى عمليات تفجير أدت إلى توقف التصدير نهائياً فى ٢٠١٣!!
ولجأت الشركاء الأجانب بشركة شرق المتوسط والشركات الإسرائيلية للتحكيم بالرغم من الأكتشافات الغازية فى إسرائيل، حيث كانت الخطة كيفية الأستيلاء على خط التصدير مقابل غرامات التحكيم.
وعملت شركة نوبل أنرجي الأمريكية على تدعيم العلاقات الأستراتيجية بين إسرائيل، وقبرص، واليونان، فأكتشفت الشركة حقول تمار الاسرائيلي، ليفاثيان الأسرائيلي، أفردويت القبرصي، كالبيسو القبرصي، وجلاوكسي القبرصي، خمس حقول مكتشفة بشرق المتوسط من جانب الشركة الأمريكية، وكان الوضع فى مصر شديد التعقيد وقطاع البترول والغاز الطبيعي يعاني من الديون!!
أمن الطاقة الأوروبي ودور المفوضية الأوروبية لشئون الطاقة، حيث شعرت دول الأتحاد الأوروبي بالقلق الشديد نتيجة بروز الدور الروسي والصيني والصراع التقليدي مع الولايات المتحدة الأمريكية، ودخول تركيا، وإيران، وقطر، حلبة الصراع وهيمنة الأجهزة الأستخباراتية الأمريكية والاسرائيلية على أنظمة الحكم فى تركيا وقطر، لتصبح تلك الدول مصدر قلق من وجهة نظر صانعي السياسة فى الأتحاد الأوروبي، وهو مادفع المفوضية الاوروبية لشئون الطاقة إلى تشجيع الشركات إلى الأستثمار فى مصر، لتقوم شركات بريتش غاز البريطانية، أيني الإيطالية، توتال الفرنسية، شل الهولندية، لضمان أمن الطاقة لدول الإتحاد الأوروبي من خلال شراكة أستراتيجية مع مصر!!
وتعتبر شركة أيني الإيطالية من أقوى شركات البترول داخل الأتحاد الأوروبي، وسبق لها توجيه ضربات موجعة للشركات الأمريكية منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي..
فقد وجهت الشركة ضربة شديدة القوة لشركة نوبل أنرجي الأمريكية، بأكتشاف حقل ظهر عام ٢٠١٥، والذي وضع مصر كقوة كبرى كأكبر أكتشاف بشرق المتوسط، ليغير الموازين ويجعل دول الاتحاد الأوروبي غير خاضعة للضغط الأمريكي الاسرائيلي!!
وتمتلك مصر محطتي الأسالة بدمياط وأدكو لتحويل الغاز الطبيعي إلى غاز مسال بنظام المشاركة مع شركة يونيون فنيسيا الإسبانية، وهو مادفع إسرائيل وقبرص إلى بحث تصدير الغاز إلى المحطتين بعيدا عن الصراع التقليدي بمنطقة شرق المتوسط.
وتعمدت الولايات المتحدة الأمريكية أستبعاد ثلاثة دول من خريطة الأكتشافات الغازية حرصاً على الأمن الاسرائيلي وهم، سوريا، وتركيا، ولبنان، الدول المعزولة نتيجة التطورات السياسية والجيوسياسية حيث أختلفت صورتهم أمام المجتمع الدولي!!
أما مصر بفضل رؤية القيادة السياسية وأستقلالها فى أتخاذ قراراتها، نجحت فى أن تكون شريكا أستراتيجيا لدولتين من دول الأتحاد الأوروبي، قبرص واليونان، لتصبح المسافة بين مصر وإسرائيل مسافة متساوية!!
فتم تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط مطلع ٢٠١٩، كأول منظمة دولية فى أقليم الشرق الأوسط مقره القاهرة، ويضم مصر، وإيطاليا، واليونان، وقبرص، والأردن، وإسرائيل، وفلسطين، والولايات المتحدة الأمريكية والمفوضية الأوروبية لشئون الطاقة!
والملاحظ أن الشركات الأمريكية العاملة فى مصر، شركات أستنزافية فلم تكتشف حقول بترول أو غاز مثل الحقول المكتشفة فى قطر، الكويت، الإمارات، السعودية، قبرص، إسرائيل، بل شركات منح رخص بالدولار، نقل
تكنولوجيا، شركات أستشارية، الهدف منها أمتصاص ملايين الدولارات وضمان التفوق الاسرائيلي، فلم ينجح قطاع البترول فى الاستفادة من الشركات الأمريكية، التى تهدف إلى تطويق قطاع البترول من خلال الحد من زيادة الموارد لضمان التفوق الاسرائيلي وهو مانجحت فيه الشركات الأمريكية، ولولا محطتي الأسالة بدمياط وأدكو لكانت خسائرنا كبيرة، فقد نجحت الشركات الأمريكية فى الاستحواذ على خط التصدير ليصبح خط توريد.
وللحديث بقية مادام في العمر بقية