الكاتب : د أحمد هندي |
12:54 pm 16/10/2020
| رأي
| 4363
التقييم الدستوري.
يستلزم تقييم أي دولة دراسة المبادئ الواردة بدستورها ، وسير العدالة فيها، وكيانها المالي، ومواردها الأقتصادية، والحياة الأجتماعية فيها، والقوانين التى تنظمها، والطرق التى تتبعها فى معالجة المشاكل المتولدة فيها، وقوتها الدفاعية، وسياستها الخارجية، وأستتباب الأمن فيها، وأجهزتها الأدارية، وكيفية سير مرافقها ومؤسساتها، ومستوى التعليم فيها، ووسائلها للمحافظة على تراثها وحضارتها، والرأي العام الداخلي والخارجي فيها!
وعقب الأنتهاء من دراسة هذه المبادئ دراسة تطبيقية مقارنة، تكون النتيجة أستخلاص صورة صادقة عن الدولة..وبتطبيق الدراسة التقيمية على النظام الجمهوري فى دولة مثل جمهورية مصر العربية، نجد أن المدة الزمنية للجمهورية التى أعقبت الملكية ٦٨ عام نظام جمهوري تبدأ زمنيا من ٢٣ يوليو ١٩٥٢ حتى ١٩٦٠، ١٩٧٠، ١٩٨٠، ١٩٩٠، ٢٠٠٠، ٢٠١٠، ٢٠١٠.
وبدراسة المبادئ الدستورية خلال تلك الفترة الزمنية، تجد أن الفترة من ١٩٧٠ حتى ١٩٨٠، الأفضل على الأطلاق، بدأت بثورة التصحيح وأعلاء مبدأ سيادة القانون، وصدور دستور ١٩٧١ والذي يعد أفضل دستور طبقا لكافة الدراسات الدستورية َالقانونية، بل قد يكون من أفضل الدساتير الوضعية فى مبادئه، دخول الدولة حرب أكتوبر ٧٣ وتحقيق نصر كاسح على أكبر قوة على الأرض وهو التجمع الأنجلوسكسوني ( أمريكا _ بريطانيا _ أسرائيل).
التطبيق النموذجي للنظرية الدستورية الفصل بين السلطات، والتحول من الأشتراكية الأقتصادية إلى الرأسمالية المقيدة بالقانون.
التفاوض حول أفضل أتفاقية دولية تحت مظلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وانتهت بأتفاقية ١٩٧٩ التى اذهلت الرأي العام العالمي!
ميلاد الأحزاب السياسية وأن اختلفت عن الديمقراطيات فى أمريكا وإنجلترا وفرنسا، ولكن كان لها أثر عظيم فى أكتمال الهيكل التنظيمي للحياة الحزبية فى ثوبها الديمقراطي.
عشر سنوات فارقة تمثل المرحلة الأنتقالية من الأستبداد والرأي الواحد إلى حرية الرأي والتعبير.
التقييم الأداري.
وضع راهب الفكر المصري الحديث توفيق الحكيم فى عام ١٩٥١، النموذج الدائم للتقييم الأداري للأجهزة والمصالح والمؤسسات والمرافق فى مسرحيته لكل مجتهد نصيب!!
فقد كشف الحكيم توفيق فيها عيب من أهم العيوب الماثلة فى حياتنا الإدارية وهو أنعدام تطبيق معيار الكفاءة فى العمل..وتتخلص مسرحية الحكيم فى أن شعبان لم يكن موظفا كسولا، ولم يؤخر عمل اليوم إلى الغد، إنه يتلقى ثلاثين ملفا كل يوم وينتهي منهم فى مدة ساعتين، ليجلس وهو مرتاح الضمير!!
ولكن زميله فى العمل مرسي وصفه بأنه ( حمار شغل)، ففهم شعبان أن السبب فى خيبته هو أجتهاده فى عمله..!
فقدم مرسي النصيحة لزميله شعبان أن ينهي يوميا ثلاث ملفات فقط ويترك ٢٧ ملف، وبعد مرور الوقت تتراكم الملفات وتزدحم الغرفة بالملفات، وهى الطريقة الخبيثة التى لو أتبعها شعبان سيترقي بكل سهولة!
شعبان الموظف الطيب المخلص فى عمله لكن البيئة من حوله كلها فاسدة، فأنتقلت إليه عدوى الفساد من زميله الفاسد مرسي الموظف الشرير الذى ينشر الفساد حوله.
أما المسئول الأول أو المفتش العام فهو إنسان جاهل بطبيعة العمل، ولا يشعر بالمسئولية، وأقتنع بعدما شاهد كمية الملفات أن مرسي لايقدر على أنجاز سوي ثلاثة ملفات فقط يوميا، بل أن مرسي أقترح على المفتش تعيين عشرة موظفين لمساعدته فى أنجاز العمل، أما شعبان فقد أقترح تعيين ثلاثة موظفين فقط ، وطبق المفتش أقتراح مرسي وقام بتعيين عشر موظفين وتمت ترقية مرسي.
وهنا أدرك شعبان أن الطريق إلى الترقية لن يكون إلا إذا أقتدي بمرسي فى الفساد والأفساد.. ليهتف شعبان بعد ترقيته لكل مجتهد نصيب!
وهى تعنى أنه على قدر أحتيالك وتظاهرك بالجد والأخلاص يكون نصيبك من التقدير والمكافاة والترقية، والسبب فى ذلك أن المفتش الكبير ليس لديه القدرة على التمييز بين المجتهد والفاسد، وأن ترقية الفاسد على حساب المجتهد هى أحد سنن الحياة الإدارية!!
فهل أختلف شعبان ومرسي ١٩٥١، عن مرسي وشعبان ٢٠٢٠؟
تقييم برامج التحديث والتطوير التى دخلت حيز التطبيق فى عام ٢٠١٧.
فقد كانت هناك أسباب دافعة لتبني التحديث والتطوير وأهمها الأصلاح والإنجاز لتنطلق البرامج عام ٢٠١٧!!
وبعد مرور ثلاثة سنوات من السريان التنفيذي، تحققت الأنجازات فى البرامج الأول، والرابع، والخامس، والسادس، والسابع بنسب متفاوتة. إلا أن البرنامج الثانى الأصلاح الهيكلي، والبرنامج الثالث التنمية البشرية، مجرد برامج نظرية جامدة بلا فاعلية، حتى الربع الاخير من عام ٢٠٢٠ ، فلم تصبح أمرا قائما وحقيقيا ولكن مجرد سطور مدونة على الورق، يتم أذاعتها بين الحين والآخر، فإذا جاءنا إلى التطبيق العملي مجرد بخار!
لأن المرحلة الثانية وهى مرحلة التنفيذ وأهم عواملها الأعتماد على الكفاءة وهذا المعيار من ٢٠١٧ حتى ٢٠٢٠ معيار معدوم بنسبة ١٠٠٪، وأهم عوامل النجاح الواسطة، المحسوبية، المحاباة، حتى لو كنت أخواني، أو مرتشي، أو مختلس، أو مهمل، أو جاهل، أو فاسد، فالأخواني بالواسطة أفضل وأحب من الوطني الكفاءة، فكلمة الكفاءة مجرد شعار متوارث يتم الأتجار به أمام الكاميرات فى المؤتمرات والمناسبات.
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال فى آخر كلماته فى الدنيا ( أيها الناس، والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم، فتهلككم كما أهلكتهم.