الكاتب : سماح صبري |
01:32 am 25/10/2016
| رأي
| 2759
أثير جدل بالأمس حول أسعار تذاكر السفر التى تطرحها شركة مصر للطيران، وسبب الجدل كان تجربة طرحتها إحدى المواقع حيث المقارنة بين سعر تذكرة الطيران للمسافرين من مطار القاهرة الدولي وسعر تذكرة الوافدين إلى مطار القاهرة. وأتهم البعض الشركة أنها ترفع السعر على المواطنين بالعملة المحلية، إذ ظهرت سعر تذكرة السفـر للمسافر من القاهرة بمبلغ 4808 جنيها بينما للوافدين على نفس الدرجة بلغت 178.71 دولارا فقط، وبالتالي فإن تسعير الدولار بلغ 27 جنيها ويفوق بمراحل معدل السعر الرسمي المعلن من البنك المركزي. وقد قمنا بتجربة مماثلة للتأكد من أن السياسة التسعيرية لتذاكر الطيران تخضع لعدة عوامل مختلفة ومتداخلة، ولا يخص الأمر شركة مصر للطيران بعينها. حيث تم عمل حجز مبدئى للتذاكر على خطوط الطيران البريطانية "بريتش إير وايز" لرحلة سفر (ذهاب وعودة) تبدأ من مطار القاهرة إلى مطار هيثرو لندن خلال الفترة من 23 نوفمبر إلى 28 نوفمبر القادم، فكان السعر 9069 جنيها مصرياً للفرد الواحد على الدرجة السياحية (الإقتصادية) نتيجة الإقبال والضغط الشديد على الحجز، بينما بلغت تكلفة الرحلة (ذهاب وعودة) للوافد من مطار هيثرو إلى مطار القاهرة على نفس الدرجة 361.45 جنيها إسترلينيا (المبلغ يساوي 3925 جنيها مصرياً حسب سعر الصرف المعلن اليوم 10.86 من البنك المركزي المصري). فى حين إذا تمت قسمة تكلفة تذكرة المسافر 9069ج على تكلفة تذكرة الوافد 361.45£ يتبين لنا أن معدل التحويل 25 جنيها وهو ما يفوق سعر الصرف الرسمي.
ومن ثَم أُضيفُ.. أن سعر السلعة أو الخدمة يتحدد وفق قواعد محاسبية وإعتبارات إقتصادية عديدة لتحقيق هدف أساسي هو تغطية التكاليف ثم تعظيم الربح. ومن أهم هذه العوامل المحددة للسعر على سبيل المثال هو مرونة العرض والطلب، وتوقيت حجز التذكرة، ومقدار الرسوم والضرائب المفروضة، ولا يتم تحديد السعر بناءا على المسافة بين المدن أو المدة الزمنية للرحلة فقط. كما أود توضيح النقاط التالية:- [if !supportLists]1- [endif]إنخفض طلب الوافدين على شراء تذاكر خطوط مصر للطيران نتيجة الحوادث المؤسفة مؤخراً للشركة وضعف الإقبال السياحي، مما يستدعي المتابعة وطرح أسعار تذاكر تنافسية لتشجيع المسافرين على الحجز والسفر على الخطوط المصرية بغرض السياحة أو الترانزيت. [if !supportLists]2- [endif]الإقبال على الحجوزات وزيادة أعداد المسافرين من مصر إلى الخارج لأغراض مثل العلاج أو العمل أو السياحة أو التعليم أو التجارة، من شأنه أن يؤدي إلي إرتفاع سعر تذكرة الطيران الخارجي. مع الأخذ فى الإعتبار أن الطائرة تسافر محملة بالمسافرين وتعود فى الغالب نصف فارغة. إذا آلية التسعير وفق مرونة العرض والطلب حتمية لأى كيان إقتصادى يسعى لتحقيق التوازن وتغطية التكاليف. [if !supportLists]3- [endif]يلعب توقيت وموسم حجز تذكرة الطيران دوراً هاماً فى تحديد أسعار تذاكر السفر، فالحجز قبل السفر بوقت كافي يخفض سعر التذكرة نسبياً. ويرتفع سعرها لدرجة رجال الأعمال (يأتي قرار سفرهم غالباً مفاجئ) كما يرتفع السعر فى مواسم معينة للسفـر (الأعياد والمهرجانات والعطلات الأسبوعية... إلخ). [if !supportLists]4- [endif]تشكل تكلفة الدعم اللوجستي التى تحصل عليه شركة مصر للطيران خارج أرضها عاملاً جوهرياً في سياسة التسعير. فعندما تهبط الطائرة فى مطار بالخارج، تحتاج إلى بعض الخدمات والموارد التى تدفع ثمنها بالعملة الأجنبية، كعمليات الشحن والتفريغ أو التزود بالوقود أو الحصول على معلومات أو دفع رسوم الهبوط. [if !supportLists]5- [endif]أعلنت شركة مصر للطيران حسب ما نُشر أنها فرضت دفع سعر التذكرة للقادمين من الخارج بالدولار للوقوف ضد ظاهرة التلاعب والإتجار فى العملة من جانب بعض الأفراد والشركات، لأنه تلاحظ لجوء البعض إلى حيلة الحجز عن طريق المكاتب أو المعارف المقيمين بالخارج بالجنيه وتبادل الدولار بينهم بشكل ودي. كما أن الدفع بالدولار للوافدين يساعد على توفير العملة الأجنبية التى تحتاجها الشركة لسداد قيمة فواتير الوقود ودفع أقساط شراء الطائرات الجديدة وقطع الغيار. [if !supportLists]6- [endif]لا يقتصر إضافة عمولة إضافية على سعر التذكرة (بواقع 200 جنيه للفرد حال الحجز المباشر من مكاتب الطيران بخلاف الحجز أونلاين) على شركة مصر للطيران فقط. إن مبدأ فرض عمولة إضافيةextra charge على الطلب المباشر للخدمة يُطبق على العديد من الخدمات المقدمة للمواطن سواء فى الداخل أو الخارج نظير توفير الموظفين والمكاتب وطبع التذاكر. مثال على ذلك، تفرض بعض البنوك المصرية عمولة إضافية قدرها 10 جنيهات فى حالة السحب المباشر من شباك الفرع. كما تفرض إدارات الملاهي والمتاحف فى مختلف دول العالم عمولة إضافية عند شراء التذاكر من الشباك وتقدم عروض تشجيعية وتخفض السعر حال الشراء أونلاين والدفع عن طريق كروت الائتمان أو الخصم. [if !supportLists]7- [endif]كانت وزارة الطيران المدني قد قررت الشهر السابق إيقاف وكلاء السياحة عن إصدار تذاكر طيران لعملاء لا يقيمون في مصر للسفر من دولة أجنبية لأخرى دون المرور بمصر، وهو ما يُعرف بنظام (SOTO)، وذلك لمدة عام إعتبارا من 5 أكتوبر الجاري. جاء القرار بعد ملاحظة محاولات بعض شركات السياحة الاستفادة من فروق سعر صرف الجنيه المصري مما شكل ضرراً على الإقتصاد المصري نتيجة هذا الإحتيال المالي. وعلى الجانب الأخر من القرار.. أتخوف أن تتم المعاملة بالمثل من جانب شركات الطيران العالمية، ويتم فرض دفع ثمن التذكرة بالدولار على مسافري مطار القاهرة المستخدمين لخطوط طيران دولية. وهنا سيضطر المسافرون إلى سوق العملة الموازي لتدبير سعر التذكرة، نظراً لتحديد البنك المركزي مبلغاً زهيداً يحق للمسافر سحبه من البنوك المصرية مرة واحدة كل ثلاث شهور. الأمر الذي سيشكل عبئاً إضافياً على الجنيه المصري ويؤدي إلى إرتفاع سعر الدولار نتيجة قلة المعروض منه، مما قد يُوقف مصالح المسافرين للخارج لصعوبة تدبير العملة. وفى هذا السياق، لابد أن أشير إلى قرار خطوط الطيران البريطانية "بريتش إير وايز" مطلع العام الحالي، حيث أوقفت الدفع الكاش بالجنيه المصري داخل مكاتبها بمصر، وقررت بيع تذاكرها من خلال بطاقات الائتمان فقط للتغلب على صعوبة تحويل الجنيه إلى دولار. كما أن عددا من شركات الطيران العالمية قد أعلنت عن خطط توقف رحلاتها إلى مصر نتيجة ضعف الإقبال، وعدم الجدوى الإقتصادية من تشغيل الرحلات، وأيضاً بسبب مشاكل فى تحصيل المستحقات بالعملة الأجنبية أو تحويل الأرباح للخارج. فى النهاية.. أرى أن القرار لا مفر منه فى الوقت الحالي، وأن شركة مصر للطيران بما لديها من قواعد بيانات ومتابعين لحركة الإنتقال والأسعار ومحللين للأسواق، قامت بتقدير أقصى وأدنى تكلفة لسعر التذاكر وفق آليات وضعها خبراء ومختصون، آخذه فى الإعتبار الوضع الإقتصادي الحالي الحرج وسعي الدولة للسيطرة على سوق صرف العملة. كذلك أتفهم رغبة الشركة فى زيادة مواردها من الدولار ووقف تلاعب المضاربين بالعملة المصرية فى السوق غير الرسمي، وتشجيع الركاب على إختيار خطوط الشركة المصرية عن طريق طرح سعر تنافسي للوافدين. كما أتفهم محاولة تحجيم وتقييد حركة سفر المصريين للخارج سواء بغرض السياحة أو المستغلين الذين يجمعون عدد من بطاقات الائتمان - تخصهم أو ذويهم – للسحب النقدي من الخارج (ما يعرف بالدولرة)، بينما تعجز البنوك المصرية عن تدبير وتحويل العملة ودفع المستحقات التي تم سحبها. وكان الله فى عون طلاب العلم والعلاج الذين أتصور أن يصدر لهم قراراً إستثنائياً – إن لم يكن هناك قرار بالفعل – يُمكنّهم من سحب العملة المطلوبة حسب التكاليف المقدرة وبناء على مستندات رسمية معتمد من جهات حكومية، إنقاذا لمستقبلهم وأرواحهم.