الكاتب : د أحمد هندي |
08:38 am 07/10/2020
| رأي
| 2253
يجمع علماء الفقة الدستوري أن الوطن مالكا للجميع بغض النظر إلى أى مبرر يوجد حالة من التمييز بين المواطن والآخر، كأختلاف الدين، أو العقيدة، أو العرق، أو الجنس، أو اللون، أو الذمة المالية، أو الوظيفة الأجتماعية، أو المسئولية أو السلطة..
لأن المجتمع الذى يقوم على الأيديولوجية التمييزية مجتمع متخلف، لأن مبدأ المساواة ليس قابلا للتجزئة حتى لاتوجد مساحة من التدليس على المواطنين بين النص والتطبيق.
وبالتالي فإن المشرع الدستوري وهو ينظم أسلوب الأنتخاب فى اي بلد من البلدان يهدف بهذا التنظيم إلى تحقيق أهداف سياسية معينة، فكثير من الآثار يمكن أن تترتب على الأخذ بهذا الأسلوب دون ذاك.
وتتباين النظم الأنتخابية بين نظم تأخذ بنظام الأنتخاب الفردي، وأخرى تتبنى نظام الأنتخاب بالقائمة، وثالثة تجمع بينهما بحيث تخصص مقاعد للمرشحين الفرديين، واخرى للقوائم الأنتخابية.
فليس هناك نظام أنتخابي معياري أو أمثل تعتمد عليه الأنظمة الأنتخابية المعمول بها فى العالم، ولكن يتوقف أختيار النظام الأنتخابي على الوضع السياسي والأجتماعي القائم حيث يطبق هذا النظام.
ومن أهم العوامل الرئيسية التى على أساسها يتم أختيار النظام الأنتخابي لأي مجتمع فى العالم، البنية الأجتماعية على الأصعدة الأيديولوجية، والدينية، والأثنية، والعرقية، والأقليمية، واللغوية، والأجتماعية.
فأهم القرارات بالنسبة لأي نظام سياسي ديمقراطي هو أختيار النظام الأنتخابي لتحديد الحياة السياسية، ونمط الديمقراطية هل راسخة أم أسمية؟ هل توجد حياة حزبية؟ وأن كان للمشرع سلطة تقديرية فى أختيار النظام الأنتخابي، إلا أن سلطته فى هذا الشأن تجد حدها فى عدم الخروج على القيود والضوابط والمبادئ التى نص عليها الدستور، وعدم المساس بالحريات والحقوق العامة التى كفلتها النصوص الدستورية.
وقد أخذت مصر منذ صدور دستور ١٩٢٣، بعدة نظم أنتخابية غلب عليها النظام الفردي، بأستثناء مرة وحيدة تم خلالها تطبيق نظام الأنتخاب بالقائمة فى أنتخابات مجلس الشعب ١٩٨٤، وأخرى تم خلالها الجمع بين نظامي الفردي والقائمة، مع الأنحياز الواضح لنظام القائمة فى أنتخابات مجلس الشعب ١٩٨٧، والتجربتين لم يكنا متسقان مع أحكام دستور ١٩٧١، فتم العدول عن نظام القائمة والعودة إلى النظام الفردي منذ عام ١٩٩٠ وحتى أنتخابات مجلس الشعب ٢٠١٠.!!
وعقب صدور دستور ٢٠١٤، عاد النظام الأنتخابي إلى الفردي والقائمة فى انتخابات مجلس النواب ٢٠١٥، وأنتخابات مجلس الشيوخ ٢٠٢٠، وأنتخابات مجلس النواب ٢٠٢٠!!
ولكل نظام أنتخابي عيوبه ومميزاته.
النظام الأنتخابي الفردي الذى أستقر عليه الوضع فى مصر طوال تاريخنا الدستوري، بتقسيم أقاليم الجمهورية إلى دوائر صغيرة تبعث كل منها بأثنين من الأعضاء.
ومن مميزات النظام الأنتخابي الفردي أنه يوثق العلاقة المباشرة بين الناخب والنائب وهو مايحقق العدالة لكافة المواطنين، فيسمح بتمثيل كافة الأقاليم والمحافظات والمراكز والأقسام والقرى، أي كافة الفئات الأجتماعية التى يتكون منها المجتمع.
ويعاب على هذا النظام ضعف الأحزاب السياسية منذ عام ١٩٧٩، فقد غلب على كافة الأحزاب أقتران الحزب بأشخاصه وليس العكس، فيما عدا الحزب الوطني الديمقراطي المرشحين التابعين للحزب لم يبرز داخلهم الشخصية القيادية سوى أمناء التنظيم فى المحافظات!!
النظام الأنتخابي بالقائمة.
يقوم هذا النظام على التعددية الحزبية إلى مالا نهاية، وكثرة الأحزاب كثرة كبيرة آفة خطيرة تؤدي إلى عدم الأستقرار السياسي بكل ماتحمله من نقص فى الأداء فى جهاز الحكم.
ذلك لأنه يجعل من الصعب أن يحصل حزب واحد على الأغلبية المطلقة فيضطر إلى الدخول فى أئتلاف مع بعض الأحزاب الأخرى، ويضطر إلى التنازل عن كثير من برامجه وأهدافه.
ويساهم النظام الأنتخابي بالقائمة فى تقوية الأحزاب السياسية، ولكن يعيبه الأخلال بمبدأ تكافؤ الفرص للمستقلين لتجاهله عدم المساواة بين مرشحي القوائم والمستقلين من حيث مساحة الدوائر الأنتخابية، وعدم وجود علاقة مباشرة بين الناخبين والنواب، بالأضافة إلى أن التنافس بين القوائم حول الأفكار والبرامج والمبادئ الحزبية، والنائب مجرد كائن ناطق للحزب الذى يتبعه.
فكما هو ثابت فإن الأحزاب السياسية هى جماعات منظمة تعنى أساساً بالعمل بالوسائل الديمقراطية للحصول على ثقة الناخبين بقصد المشاركة فى مسئوليات الحكم لتحقيق برامجها التي تستهدف الأسهام فى تحقيق التقدم السياسي، والأقتصادي، والأجتماعي.
فلو تم أجراء الأنتخابات طبقا لهذا النظام، نجد أن اخر بيان صادر عن لجنة شئون الأحزاب فى عام ٢٠١٨، حدد عدد الأحزاب ١٠٤ حزب سياسي مسجل رسميا ومعتمد، وبالتالي تجري العملية الأنتخابية فيما بين ١٠٤ قائمة فى ٢٧ محافظة، لأن الأحزاب لها مقراتها وأعضائها فى كافة المحافظات.!!
ومن وجهة نظري بعد العرض السابق أن الحد الفاصل بين النظامين هو المنافسة الأنتخابية التى تقوم فى النظام الفردي على العصبية، والقبلية، والعائلية، أما التنافس بين القوائم إذا وجدت سيقوم على رأس المال من خلال تبرع المرشح للحزب بمبلغ ٤٠ مليون جنيه، وأستخدام البلطجة والرشوة الأنتخابية مابين الرشوة العينية السلع الغذائية، والرشوة المالية سعر الصوت ١٠٠ جنيه!!!
وللحديث بقية عن النظام المختلط الفردي والقائمة المطبق منذ أنتخابات ٢٠١٥، ومدي أتفاقه مع أحكام الدستور وملائمته للمجتمع المصري!!!