الكاتب : د أحمد هندي |
11:34 pm 19/11/2019
| رأي
| 4183
مصطلح النقابة مشتق لغويا من النقيب، ويعرف عند العرب بأنه سيد وعريف القوم وجمعها نقباء، ويقال لكبير القوم نقيبا او رئيسا او عميدا، فهو شاهد القوم ومن ينقب عن أحوال قومه، بمعنى يفتش في شئونهم، ويستدل أخبارهم، والنقيب هو كل من يعرف دخيلة قومه ويستدل عن مناقبهم، وقد وردت في القاموس العربي بقوله ( وقد نقب عليهم نقابة)!
وعلى أساس ذلك تم تأسيس الأتحادات والنقابات والجمعيات، ولكل نقابة نظامها الداخلي الذي يعد بمثابة الدستور الواجب أتباعه، ومن أبرز مهام النقابات العمالية الدفاع عن حقوق أعضائها منذ عام ١٨٧١، تاريخ تأسيس اول نقابة عمالية في إنجلترا للدفاع عن حقوق العمال في ظل النظام الرأسمالي..
وخلال فعاليات الدورة النقابية الرياضية الثانية المقامة بملاعب نادي العاملين بشركة الإسكندرية للبترول، دار بيني وبين النقيب البترولي السيد محمد جبران، حوار على هامش الحفل الختامي، وهو ما كشف عن شخصية النقيب ودماثة خلقه، وأحتفظت لنفسي بالحوار في الذاكرة، لأنني أؤمن بأن لكل حدث حديث، إلا أنني اليوم شعرت بضرورة أسترجاع محتوى الحوار وفقا لما تذكرته من هذا الحوار!!!
وغرضي من كتابة هذا المقال اليوم ليس الدفاع عن النقابة العامة ومجلسها التنفيذي، بقدر ماهو الدفاع عن حقوق العاملين وكشف بعض الحقائق الغير واضحة لدي البعض!!
يوجد ارتباط وثيق بين علاقة الأمن القومي والعاملين بقطاع البترول، والتي تحاول بعض الأصوات الطائشة والتيارات الظلامية جر النقابات إلى المجهول تحت دعاوي مختلفة، ومنها تراجع قوتها ودورها في الحفاظ على حقوق العاملين.
يقع على النقابة العامة للعاملين بقطاع البترول ومجالس النقابات الفرعية، عبء المشاركة في تنفيذ خطط التنمية والعمل على رفع الكفاءة الأنتاجية، والمستوى الأقتصادي، والأجتماعي، والثقافي لأعضائها دون الأقتصار على الطلبات الخدمية الشخصية، والحصول على تأشيرات خاصة!!
حيث تهدف النقابة العامة للعاملين بقطاع البترول إلى الأرتقاء بالمستوى المهني للعمال، وتكوينهم، وتشجيع المنافسة فيما بينهم، ورفع المستوى الأجتماعي والصحي للعاملين وعائلاتهم، وإطلاع السلطة المختصة بمشاكل العاملين وتحويلها إلى مطالب مشتركة، وهو مايحدد المسار الصحيح للعمل النقابي ويحدد قوة المجالس النقابية وقدرته على التفاوض الودي السلمي!!
فينصب أهتمامنا فى ظل التحديات الراهنة، التعبير الصادق عن القضايا والمشكلات التنظيمية للعمل، ومحيطه، والحاجات المادية والمعنوية لكل العمال.
إلا أن الحرية ليست مرادفا للفوضي والديمقراطية لاتلغي سيادة القانون او هيبة الدولة، لأن مهمة النقابات العمالية هي الوقاية والأحتواء وليس تسهيل او حصول أي عامل على ميزة دون وجه حق، حتى لايتحول شعارنا هيا بنا نعمل أو ننتج إلى هيا بنا نفشل ونخسر!!
المتسترون بالحرية والديمقراطية يقولون كلاما يبدو مغريا فى شكله، وجذابا فى دعايته، ولذيذا ومقبولا لدي العمال، لأنهم يعزفون على أوجاعهم، ونتيجة ذلك يلحق الضرر بالجميع، فليس من مصلحة احد الترويج للفساد، والتأكيد عليه، والدعاية له حتى يفقد الناس الأحساس بخطره، وليس من مصلحة أحد التشكيك في أجهزة الدولة ومسئوليتها..
اننا نريد نقد موضوعي وواعي وبعيد عن الهوى، فالعمل النقابي ليس أن تقول كلمتين جافتين عن الفساد والأنحراف والمستقبل المظلم، وفى تقديري أن ذلك خلط أوراق ومشاتم، والغريب أن هؤلاء يتصورون أنهم قهروا الفساد، ونوروا المستقبل، وعملوا ماعليهم وهذا ليس صحيحا على الأطلاق!!
وأناشد جميع العاملين بقطاع البترول التحلي بالأخلاقيات وعدم التعرض للنقابات بالسباب والشتائم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأن الدور الأساسي الذى تلعبه النقابات العامة، النهوض وأعادة البناء وأستعادة ثقة العاملين والمؤسسات، وهي دعوة للجميع بألتزامنا بواجبنا تجاه وطننا الغالي.
الأداء النقابي الذي أتمناه وأريده هو أمتلاك البرامج الجادة، ورؤى، وتصورات محددة تستكشف أحتياجيات العمال ومتطلباتهم، وتفهم ظروفهم، ومعطياتهم، وأدراك ضرورة أن تكون البرامج المقدمة قابلة للتنفيذ!!
فإذا كان على النقابة أن تدير الحوار، وإذا كان على الوزير أن يساهم فيه تنظيما وموضوعا وترشيدا وتصويبا، فإن الضامن الأهم والأساسي للقرار الصائب الذي يراعي مصالح العاملين هو وزير البترول شخصيا، والذي إن لم يجد أن الحوار قد أنتهي إلى صورة متكاملة، لن يوافق على أي أجراء غير سليم أو يثير اي مخاوف..وهو ماحدث في قرارات صرف العلاوات الخاصة للعاملين بقطاع البترول عامي ٢٠١٨ و ٢٠١٩، حيث يعتبر القطاع العام والمشترك البترولي الوحيد على مستوى الدولة، الذى تم إقرار العلاوة الخاصة سواء بحد أقصى عام ٢٠١٨، او منح علاوة أستثنائية عام ٢٠١٩، لعدم المساس بمكتسبات العاملين والحفاظ على حقوقهم المالية.
وتدرك النقابة العامة أنها تراهن بسمعتها ومكانتها وهى تخوض أي حوار، وبالتالي عليها أن تحصل على قرار ناضج وغير متعجل، فإن شروط نضج القرار هو ان يأخذ وقته، وأن يستغرق الحوار وقتا كافيا.
وتحرص النقابة العامة للعاملين بقطاع البترول على الحفاظ على مكاسب العمال، من خلال التفاوض وفقا للنهج الديمقراطي، ومبدا الحوار لتحقيق الفعالية ومسايرة التنمية، والتخلي عن ثقافة الأضراب والأعتصام والتجمهر، والتخلي عن ثقافة فكرة الدولة المانحة التي تقدم كل شئ.
وعد فأوفي وكسر حاجز الحوارات الشفهية بتقديم مذكرة كتابية اليوم، للسيد المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، بزيادة بعض الحقوق المالية وهي :_
١-زيادة بدل الصحراء أو بدل إقامة العاملين في المناطق الصحراوية، وهي المواقع التي تتميز بصعوبة نسبية لظروف الحياة فيها أثناء أقامتهم بها، ولايخضع هذا البدل للضرائب.
٢-البدلات المرتبطة بظروف العمل والتي تستدعي وتعزيزها وأستحقاقها بتوافر هذه الظروف وتنقطع بزوالها.
•بدل الوردية نظام ١٢ ساعة.
•بدل البحر -بدل المخاطر -بدل السفر-بدل الأنتقال.
٣-رفع الحد الأقصى للمنحة الشهرية، الشهور التي تم توزيعها بمناسبة عيد البترول، والمحدد لها حدا أقصى!!
كل ذلك وغيره كثير، هو مادعانا للقول أن هناك متغيرا ايجابيا بدا واضحا ومميزا طوال الجلسات الحوارية مع اي مؤسسة، يتمثل في الشعور بالتفاؤل بما تم إنجازه بالفعل، والأمل والثقة فيما يمكن تحقيقه في المستقبل بإذن الله.
ومن هنا لايسعني إلا ان أؤكد مجددا شدة أحترامي وأعزازي للسيد المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، والنقيب محمد جبران، رئيس النقابة العامة للعاملين بقطاع البترول، ونائب رئيس اتحاد عمال مصر.
فالواجب اليوم ان اقول له واعضاء المجلس التنفيذي، واعضاء النقابات الفرعية، شكرا لكم على كسر حاجز الصمت !