الكاتب : محمد أمين |
12:27 am 13/11/2019
| رأي
| 2888
الناس فى الغالب تتلقى الدعوات على العشاء، وحفلات التخرج، وحفلات الأفراح، وليس «دعوة على السجن»، ولو كان لمتابعة حالة السجناء، والاطمئنان أنهم يقيمون فى فنادق!.. فقد تلقيت دعوة من إعلام الوزارة على سجن طرة، واعتذرت فوراً وبلا تردد.. فمن العبيط الذى يذهب إلى السجن برجله؟.. لم أفكر أنه منتدى، وأنه «سُنة حسنة»، وقلت: الله الغنى!.
كانت الدعوة لحضور المنتدى الثالث للسجون المصرية، بمنطقة طرة.. وكان يسبق الدعوة جملة «يشرفنا حضوركم الكريم»، وكلام من هذا القبيل.. لم أشعر طبعاً أنه فخ، أو كمين.. بالتأكيد يريدون أن يشرحوا ما حدث من مبادرات لإصلاح السجون، والعفو عن الغارمات.. كل هذا لم يجعلنى أقبل الدعوة، ولو من باب الفضول.. فقلت يكفى حضور النيابة والنواب!.
وقطعاً، كانت الوزارة تريد أن ترد على بعض الاستفسارات، أو كانت تريد أن تخلص ذمتها أمام الرأى العام.. هذا صحيح.. وأتفهمه وأقدره.. ولكنى حرصت أن أعرف أخبار المنتدى من بعيد، وأتابع صور الزملاء بجوار النعام فى مزرعة طرة، وأتابع التقارير فى المطاعم والمطابخ، والوجبات الصحية التى يقدمونها للمساجين.. وقلت أحسن من كل هذا أن يخرج المساجين!
معلوم بالطبع أن هناك مطاعم صحية، وأن العاملين هناك يتم توقيع الكشف الطبى عليهم، ويلتزمون بالضوابط الصحية.. ومعلوم أن الطهى طبقاً للاشتراطات الصحية، وطبقاً لقائمة المعهد القومى للأغذية.. ومعلوم هناك رعاية رياضية، وأنشطة ترفيهية ودورات كرة قدم.. إنه مجتمع كبير.. له احتياجات إنسانية تعليمية وصحية.. ولكنه يقيم «خلف الأسوار»!
فالقصة ليست أن يأكل السجناء، فكل البشر يأكلون.. الجديد أن الفلسفة العقابية هدفها تأهيل النزلاء ليكونوا مواطنين صالحين لخدمة الوطن.. وأول شىء فى هذه الفلسفة أن نعاملهم بإنسانية.. السجن سجن، ولو كان فى قصر، وليس فى عنبر.. ولا أطالب بإخلاء السجون أو غلقها، فهذا كلام رومانسى.. إنما أطالب بإطلاق سراح من تحققت فيه الفلسفة العقابية فعلاً!.
وأعرف أن هناك مبادرات رئاسية، منها «سجون بلا غارمين»، وقال رئيس المصلحة إنه تم الإفراج عن 20 ألف غارمة.. كما تم الإفراج عن 20 ألفًا آخرين بعفو رئاسى، فضلاً عن الإفراج عن 15 ألف نزيل بإفراج شرطى.. وهى أرقام مخيفة.. هؤلاء خرجوا فى عام واحد، فكم هناك؟.. يمكن أن نغير طريقة العقاب فى بعض الجرائم.. وأظن أننا نسير فى هذا الاتجاه!.
باختصار، دولة طرة ليست دولة عادية ولا صغيرة.. دولة «مكتملة الأركان».. كان فيها رئيس جمهورية، وسميتها جمهورية طرة، وكانت فيها حكومة كاملة، سميتها حكومة طرة.. وتعددت الجمهوريات والحكومات.. فلما تلقيت الدعوة على «سجن طرة»، قلت نشوفكم فى الأفراح.. إن شاء الله!.