الكاتب : د أحمد هندي |
12:30 am 10/11/2019
| رأي
| 2130
مازال الإنسان هو محور صراع الظواهر الأجرامية، يجرب شتى الأساليب، ويجري العديد من التجارب، ويلهث وراء هذه الظاهرة ولكن دون جدوى، ويجهل الإنسان أن الأديان الثلاثة وآخرها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا قد عالج هذه الظاهرة على نحو يحقق الثبات والأستقرار، ويلبي دواعي التطور والتغيير، فوضع للبشرية العديد من التدابير الواقية من الأجر ام بصفة عامة..
هذه التدابير تحول دون وقوع كل جريمة على حدة، وتقسيم الجرائم إلى فئتين، الأولى لاتتغير بتغير الزمان أو المكان أو الأحداث أو الأشخاص هي الحدود والقصاص، فثبت عقوبتها ووحدها وأستلزم توقيعها.
اما الفئة الثانية تتغير بتغير العوامل هي التعزيزات، فترك زمام العقاب عليها بيد ولي الأمر، يحدده في ضوء المصلحة العامة، بمناسبة كل حالة على حدة ليحقق الردع الخاص والعام معا، ويعيد تأهيل المكلف تأهيلا يحقق إصلاحه، ويصون له كرامته ويرد له أعتباره.
وواقع الحال ان التاريخ في جوهره، منذ بدايته وحتى يومنا هذا، تاريخ من الدماء والقتل المتتالي والمتعاقب، فلم يعرف تاريخ الحياة البشرية يومآ واحدا مر علي البشرية بدون أرتكاب جرائم القتل، فسائر الأحياء الموجودة في كوكب الأرض، لاتعيش مع بعضها البعض في سلام دائم، بل الأغلب هو وجود العداء والصراع والمنازلة والمقاتلة فيما بين جميع البشر.!!
قال تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون ( البقرة _ ٣٠).
فاللجوء إلى القوة والقتل وسفك الدماء طبع أصيل من طباع البشر، ومنطق القوة أقوى منطق، وبالتالي أسرف البعض من الفقهاء فى أن يسحب المسئولية عن القتل على حالات يفرض عليها القانون أو الآداب أو الأخلاق واجب التدخل لمنع موت الغير.
والثابت في توراة اليهود، وأنجيل المسيحيين، وقرآن المسلمين على حد سواء، أن أول جريمة قتل بشرية تشهدها الأرض هي التي أرتكبها إبن لآدم على أخ له.
فقد أشير إلى الواقعة فى أول أسفار العهد القديم وهو سفر التكوين، ويشتمل العهد القديم على خمسة وأربعين من الأسفار يطلق على الخمسة الأولى منها أسم التوراة، ويعتقد اليهود أن العهد القديم قد كتبت أسفاره خلال فترة زمنية طويلة بواسطة البعض من أحبار بنى أسرائيل، وأن هؤلاء الأحبار كانوا ملهمين ومعصومين وموجهين من قبل الرب أثناء كتابتهم)لأسفار العهد القديم.
أما العهد الجديد يشتمل على سبعة وعشرين من الأسفار هي الأناجيل الأربعة ( متي _ مرقص _ لوقا _ يوحنا)، وأعمال الرسل والرسائل وعددها أحدي وعشرون رسالة، ورؤيا يوحنا.
ويعتقد المسيحيون أن العهد الجديد قد كتب بواسطة عدد من القديسين المعروفين بالأسم وإنهم كانوا ملهمين ومعصومين وموجهين من قبل الروح القدس أثناء كتابتهم للأسفار المكونة للعهد الجديد.
ولايخفي أن السيد المسيح، فى عقيدة المسيحين، ليس بالنبي المرسل، ولكنه الأقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة ( الأب _ الإبن _ الروح القدس) المكونة للثالوث المقدس وهو عند المسيحيين إله واحد.
ويعتقد المسيحيون أيضا أن السيد المسيح قد تجسد في صورة بشرية ليفتدي بصلبه الخطيئة الأولى خطيئة آدم.
والمسيح في عقيدة المسيحيين، وكما بين الأنبا يؤانس أسقف الغربية في كتابه عقيدة المسيحيين في المسيح.. يتصف بجميع صفات الله ص ٧٨، معطي الحياة وواهبها ص ٨٣، موجود في كل مكان وزمان ص ٨٦، يغفر الخطايا ص ٨٩، ويعلم الخفايا والسرائر ص ٩١، بيده سلطان الحياة والموت ص ٩٨، القدرة على كل شيء ص ١٠٩، وهو مساو للأب في الجوهر وفى الذات الإلهية ص ١١٣، ويعرف الأب معرفة عيانية ص ١١٦، ومساو للأب في الكرامة ص ١٢٢..
ولايخفي أن المسيح عليه السلام فى عقيدة المسلمين، نبي مرسل أنزل عليه الأنجيل، ولايعترف اليهود بأي من أسفار العهد الجديد، ولايعترفون إلا بثمانية وثلاثين فقط من أسفار العهد القديم، وهي المكونة دون غيرها للكتاب المقدس حسب عقيدتهم.
وقد جاء في الأصحاح الرابع من سفر التكوين عن أول جريمة قتل والنفس القاتلة ( وعرف آدم حواء إمراته فحبلت وولدت قايين. وقالت أقتنيت رجلا من عند الرب. ثم عادت فولدت أخاه هابيل. وكان هابيل راعيا للغنم وكان قايين عاملا في الأرض.
وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب. وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه. ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر. فأغتاظ قايين جدا وسقط وجهه.
فقال الرب لقايين لماذا أغتظت ولماذا سقط وجهك. إن أحسنت أفلا رفع. وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها. وكلم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله!!
فقال الرب لقايين أين هابيل أخوك. فقال لا أعلم. أحارس أنا لأخي. فقال ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض. فالآن ملعون أنت من الأرض التى فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك.
وقد أشار القرآن الكريم إلى الجريمة في سورة المائدة بقوله تعالي ( وأتل عليهم نبأ إبني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين. لئن بسط إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف رب العالمين. إني أريد ان تبوأ بأثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين.
فطوعت له نفسه!!!!!! قتل أخيه فقتله!!!!!! فأصبح من الخاسرين. فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين..!!!!!
وقد أشار القرآن الكريم إلى التوراة والأنجيل فى آيات عدة، منها قوله تعالى ( وأنزل التوراة والأنجيل) آل عمران ٣، وقوله ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور) المائدة ٤٤، وقوله تعالي ( وأتيناه الأنجيل فيه هدى ونور) المائدة ٤٦، وقوله ( وقفينا بعيسي بن مريم وأتيناه الأنجيل) الحديد ٢٧.
فيجب أن يفهم المنتمي لأي من الأديان السماوية الثلاثة عقائد الآخرين، وان يتقبل الخلاف محترما حق الآخرين في حرية العقيدة والعبادة والرأي..
النفس القاتلة الشريرة والجرائم بصورها، وما ارخص الدم المسلم؟؟؟ ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم..