الكاتب : د أحمد هندي |
10:54 pm 04/11/2019
| رأي
| 2643
اننا نعيش مرحلة فاصلة من مراحل العمل الوطني، تتطلب من جميع أفراد المجتمع ومواصلة الجهود من أجل تحقيق الأصلاح الشامل...وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية خلال أفتتاحه مصنع الغازات الطبية والصناعية رقم (٣) التابع لشركة النصر للكيماويات الوسيطة، ومصنع فوق أكسيد الهيدروجين بمنطقة أبو رواش، فقد لفت الرئيس نظر مجلس النواب بقوله ( وأنتم كمؤسسات مسؤولين عن حماية الدولة لصالح الدولة وليس لصالح النظام عشان كل موضوع تروا أنه محتاج يتحقق فيه حققوا!!
ويجب على اللجان التصدي للأتهامات ومش هنزعل والمفروض منزعلش!! والكلام ليا وللحكومة طالما فيه أتهام أو إساءة يبقى الأتهام صحيح أو مش صحيح،!! وهنا البرلمان يفصل بلجانه المختلفة ويعلنوا النتائج.
وهذا ليس توجيها وأتحدث مع أنفسنا وحتى يسمع المصريين، وعشان مؤسسات الدولة لا تتألم من ذلك وخاصة لما يتعمل أستجواب لمسئول ما ياخدش الأمور بحساسية وقد نخطئ وقد نصيب، ولكن علينا التحدث بموضوعية وحقائق مهما كانت البيانات صعبة).
وتفسير الكلام يعني أن مجلس النواب لايقوم بدوره الرقابي فيما يخص مكافحة الفساد، وسعي كل نائب إلى تحقيق مطالب مواطني دائرته الأنتخابية ومناصريه، من خلال الصفقات التبادلية بين أعضاء المجلس والحكومة!!
ولفت النظر من جانب الرئيس واضح وصريح لمواجهة الفساد والشائعات التي تبثها المواقع الأعلامية، وهنا قال الرئيس ( لا تتركوا الدولة تقاتل بمفردها، وكل المؤسسات معنية بالدفاع عن الدولة وإلا هيبقى خطر، ودا فراغ يجب ألا يترك، بطلبات الأحاطة، والأسئلة، والأستجوابات).
الرئيس يطالب أعضاء مجلس النواب عدم شخصنة السلطة بربط السلطة بشخص الرئيس، حيث تمارس الهيئات العامة أختصاصاتها بناء على توجيهاته وطبقا لتعليماته، وبما يتفق مع نظرته وفهمه للشئون العامة، وهو ما يجعل من المجلس مجموعة من البصمجية الذين يوافقون أو يجيزون القرارات والأفعال وليس لديهم القدرة على الأمتناع عن البصمة أو الرفض!!!
ويعتبر الأستجواب أحد أهم الأدوات الرقابية للشعب على السلطة التنفيذية، فهو أستيضاح، او أستفهام، أساسه الأتهام، وليس مجرد طلب بيانات من الوزير، فهو ليس مجرد حوار بين مقدمه والموجه إليه، بل تعقبه مناقشة على نطاق واسع، وتبدو خطورة الأستجواب في أنه المحرك للمسئولية الوزارية، وسحب الثقة من الوزير، فلم تعد التهمة مجرد أهتزاز الثقة بل اليقين بأنعدام الثقة..
وغالبا ما ينتهي الأستجواب بقرار يصدره المجلس الموقر!!، أما أن يقرر المجلس شكر الوزير وهو مايعني إنتصار الوزير، وأما أن يقرر المجلس الإنتقال إلى جدول الأعمال، وهذا يعني ألا مدح ولا لوم للوزير، وأما أن يقرر المجلس سحب الثقة من الوزير، وهنا تتحرك المسئولية السياسية للوزير وأعتزاله المنصب التنفيذي!!
وعلى مدار تاريخ الحياة البرلمانية المصرية لم يسفر أستجواب واحد عن سحب الثقة من الحكومة أو من احد الوزراء!!؟؟
ويعتبر المجلس العالي الذي اسسه محمد علي اول صورة للبرلمان المصري في نوفمبر ١٨٢٤، ثم مجلس المشوري في عام ١٨٢٩، ثم مجلس شوري النواب في عهد الخديوي اسماعيل عام ١٨٦٦، ثم مجلس شوري القوانين ١٨٨٣ في عهد الخديوي توفيق، فالجمعية التشريعية عام ١٩١٣.
وصدر أول دستور مصري ١٩٢٣، وتشكيل المجالس النيابية، ثم دستور ١٩٣٠ والذي تم وقف العمل به واعادة العمل بدستور ١٩٢٣ في ١٩ ديسمبر ١٩٣٥!!، حتى قيام ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، واسقاط الحياة الملكية وأعلان قيام الجمهورية المصرية.
وتوالت الدساتير الجمهورية دستور ١٩٥٦ وتشكيل مجلس الأمة، دستور ١٩٥٨ مجلس الأمة المشترك المصري السوري (دستور الوحدة ومجلس الأمة المشترك).
دستور ١٩٦٤ وتشكيل مجلس الأمة، دستور سبتمبر ١٩٧١، مجلس الشعب ثم مجلس الشورى، دستور ٢٠١٢ مجلسي الشعب والشوري في قبضة الإخوان، دستور ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ الصادر في عام ٢٠١٤ وتشكيل مجلس النواب الموقر!!!!!!
ونصت المادة ١٠١ من دستور ٢٠١٤، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين في الدستور.
ونصت المادة ١٣٠ من الدستور على أنه لكل عضو في مجلس النواب، توجيه أستجواب لرئيس مجلس الوزراء، او احد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، لمحاسبتهم عن الشئون التي تدخل في أختصاصاتهم.
ويناقش المجلس الأستجواب بعد ٧ أيام على الأقل من تاريخ تقديمه وبحد أقصى ٦٠ يوما، إلا في حالات الأستعجال التي يراها، وبعد موافقة الحكومة!!!
ومن أشهر الأستجوابات على مدار تاريخ الفصول التشريعية للمجالس النيابية، الأستجواب المقدم لرئيس مجلس الوزراء على لطفي، حول أحداث الأمن المركزي التي وقعت في ٢٥ فبراير ١٩٨٦، حيث تظاهر ٣ آلاف جندي في معسكر الأمن المركزي بالجيزة، نتيجة بث شائعة مد سنوات الخدمة العسكرية من ٣ إلى ٥ سنوات، ونتج عن هذه الشائعة حالة من الأنفلات الأمني لمدة أسبوع وتدخلت القوات المسلحة وفرضت الأمن العام، وتم إقالة وزير الداخلية في ذلك الوقت اللواء احمد رشدى.
وهناك الأستجواب الشهير المقدم من النائب طلعت رسلان ضد وزير الداخلية ذكي بدر، والذي حضر الي مجلس الشعب وقام بصفع النائب مقدم الأستجواب على وجهه عام ١٩٩٠، وتم إقالته من وزارة الداخلية.
وبغض النظر عن هذه الأستجوابات التي لم تكتمل، فالجدير بالذكر أنه وعلى مدار دور الأنعقاد الخمسة بالفصل التشريعي الأول لمجلس نواب دستور ٢٠١٤، لم ينجح نائب واحد في تقديم أستجواب مستوفي الأركان كما ينص الدستور والقانون ولائحة مجلس النواب..
ومن الجدير بالذكر أيضا وما اثبتته التطبيقات والممارسات الفعلية خلال دور الأنعقاد الخمسة منذ ٢٠١٦، عدم أكتمال النصاب القانوني (تزويغ الأعضاء من حضور الجلسات)، وبالتالي عدم توافر الأغلبية الخاصة المتمثلة في ٢/٣ الأعضاء، وهو مايصرح به رئيس مجلس النواب، فلا يوجد نظام الحضور والانصراف عن طريق أجهزة البصمة أو البوابات الألكترونية!!
إلا أن اللافت للنظر عدم قدرة أعضاء مجلس النواب على التمييز في تحديد مشروعات القوانين التي تتكفل بتنظيم الحقوق والحريات، ويخرجون في وسائل الإعلام للحديث عن مشروعات قوانين تمس الحقوق والحريات التي حفظها الدستور!!
وسبب فشل الأعضاء في تقديم الأستجوابات هو ادراك الأعضاء أنه سلاح ذو حدين، فقد حددت اللائحة الداخلية للمجلس إجراءات تقديم الأستجواب وأهم فقرة (وما يراه المستجوب من أسانيد تؤيد ما ذهب إليه، ويقصد بكلمة أسانيد الحجج والبراهين والمستندات التي يعتمد عليها المستجوب وعليه أن يرفق هذه المستندات بالأستجواب، فأذا أقتصر على الأشارة إليها وجب عليه تقديمها قبل تحديد الموعد المحدد للأستجواب بوقت كاف!
أما الحد الثانى للأستجواب فقدان مميزات العضوية بكافة صورها الموروثة، والتي منها على سبيل المثال بيع تأشيرات حج بيت الله الحرام، التي تخصصها الدولة بالمجان لأهدائها لأبناء الدوائر ٢٠٠٠ تأشيره، بالرغم من أن المادة ١٠٩ من الدستور تنص على أنه في حالة تلقى العضو هدية نقدية أو عينية، بسبب العضوية أو بمناسبتها، تؤول ملكيتها الي الخزانة العامة، فهل قامت وزارة الأوقاف بسداد قيمة التأشيرات للخزانة العامة كما ورد بالنص الدستوري.
لذلك فقد انعدمت الشفافية نتيجة سوء إستخدام السلطة الممنوحة من أجل تحقيق منافع خاصة، وهو السلوك الذي يتم ممارسته بهدف الأثراء من أموال الشعب وبصور غير قانونية، ومن خلال السلطة الممنوحة لهم (الحصانة).
لقد وصلت الأعمال والأفعال الغير مشروعة لمرحلة الجرائم الجنائية، مثل إصدار شيكات بدون رصيد، منح تسهيلات أئتمانية بدون ضمانات، تقديم مستندات مزورة للتهرب من الضرائب، الدخول في عمليات غسيل أموال، الأتجار في المخدرات والآثار والسلاح، وتهريب السلاح والبضائع، والغش في الأعمال العامة، تقديم عمولات سرية ورشاوي نظير قضاء الخدمات أو تيسير الحصول على التأشيرات.
فقد تم إهدار اكثر من مليار ونصف في مشروع العلاج على نفقة الدولة، وإصدار قرارات علاج وهمية لأشخاص توفاهم الله، إجراء جراحات تجميل وشفط دهون وأزالة السمنة على نفقة الدولة، والأستيلاء على الأجهزة التعويضية حتى أن أحد الأعضاء حصل على ٢٧٧ مليون جنيه في شهر واحد!!!
ولاتنسى نواب السيديهات الفاضحة للمخرج السينمائي العضو بالبرلمان والذي كان يصور فيلم (الليالي الحمراء للمعارضة)، ونائب المكالمات الجنسية، وهي اتهامات جنائية وأخلاقية وتأديبية، وتمثل أنتهاك صارخ للقانون والضلوع في جرائم قتل وبلطجة وجرائم آداب مثل قضية نواب سميحة الذين طالبوا فتاة الليل بعمل تخفيض لهم بأعتبارهم اعضاء!
سيدي الرئيس أنهم يعيشون اليوم بنفس أحلام وفساد الماضي، فلم يفهوا او يعوا التحديات ولذلك لن يتغيروا ولن يمارسوا ادورهم الرقابية!!!
لكن هل أدرك الأعضاء الأستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التى تم إطلاقها عام ٢٠١٤ حتى لو ٢٠١٨؟.. فكيف يتقدموا بأستجوابات والفضائح تلاحقهم؟......لفت نظر.