الكاتب : د أحمد هندي |
12:56 am 01/11/2019
| رأي
| 4809
الكثير من الكتاب حاولوا تشخيص الأمراض المزمنة التي أصابت العاملين بشركات القطاع العام، والتي تقف حائلا بينهم وبين تقدم وتطور هذه الشركات، وعلى رأس هذه المعوقات (سوء الإدارة).
ونتيجة لهذه المشاكل يتعرض العاملون بالشركات إلى الكثير من الضغوط اليومية في العمل، والتى تولدت نتيجة المشاكل المتراكمة في بيئة العمل دون حل صحيح لها، وهو ما أدى إلى الكثير من التوتر والأزعاج والذان يقفان حائلا في طريق النجاح والتفوق لصالح الشركة.
وتتسبب الإدارة الفاشلة في العديد من تراكمات هذه المشاكل دون أن تعي ذلك، نتيجة الجهل بسياسات التحفيز الانتاجي لضمان استمرار الحماس في بيئة العمل.
وتنحصر المشاكل المزمنة للعاملين بشركات القطاع العام البترولي، في مجموعة من القضايا التي وصلت لمرحلة التعقيد، فلو تم تفريغ صناديق الشكاوي بوزارة البترول او الهيئة العامة للبترول، أو النقابة العامة للعاملين بقطاع البترول، أو اللجان النقابية بالشركات، ستنحصر الشكاوي على النحو التالي :_
واول هذه المشاكل تبدأ من الباب الثاني بلائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للبترول والشركات التابعة لها وهي، الشركة العامة للبترول، شركة أنابيب البترول، مصر للبترول، الجمعية التعاونية، بتروجاس، البتروكيماويات، القاهرة، السويس، النصر، الإسكندرية، العامرية، أسيوط لتكرير البترول.
فنجد ان الفصل الثالث من اللائحة المواد من ١٤ حتى ٢٣ الخاصة بحساب مدد الخدمة والخبرة السابقة، ويتلاحظ أن المادة ٢٣ فيما يتعلق بالحدود الدنيا لمدد الخبرة لشغل الوظائف طبقا لجدول المعرفة النظرية والخبرة العملية متفاوتة التطبيق بين الهيئة وشركاتها التابعة بالرغم من أن اللائحة نفس اللائحة!!!
حتى أن الفقرة الأخيرة من المادة والتي نصت على أنه يجوز لوزير البترول الأستثناء من مدد الخبرة المشار إليها عند الترقية لوظيفة أعلى بناء على عرض من رئيس الهيئة العامة للبترول ( وهذه الفقرة زينة اللائحة فلم يتم تطبيق الفقرة نهائيا، فما هو فائدتها؟؟).
اما ثاني المشكلات المزمنة بالفصل الرابع من اللائحة المواد من ٢٤ حتى ٣٤ التعيين في شركات القطاع العام، ونتيجة السيولة في نظام التعيينات بالشركات خلال الفترة من عام ٢٠٠٠ وحتى عام ٢٠١٣، تم تعيين اعداد كبيرة بالشركات عن طريق اعضاء المجالس النيابية (شعب _شوري _ محليات _ قضاء _ شرطة)، للأهل والأقارب والجيران وأبناء الدوائر الانتخابية، حتى تجاوزت العمالة الإدارية أضعاف العمالة الفنية والتخصصية!!
ليصدر قرار وقف التعيينات نهائياً للمواطن العادي، وصدور قرارت تعيين استثنائية والغريب والمدهش أنها تعيينات إدارية وليست فنية!!
بل أن الفقرة ( ب) من المادة ٢٨ بأن الأولوية في التعيين لمن حصلوا على مؤهل أعلى أثناء الخدمة، ونتيجة نظام التعليم الجامعي المفتوح، حصل الكثير من العاملين بالادارات الفنية على مؤهلات عليا من كليات الآداب، والتجارة، والحقوق، والجامعات العمالية والمعاهد العليا، ويريدون ضم مؤهلاتهم والتعيين على درجات المستوى الأول وهي المشكلة التي تم مواجهتها بوقف الضم دون مراعاة مبادئ تكافؤ الفرص والمساواة وكأنهم ( أبناء البطة السوداء أو المواطن الغلبان)!!
اما المادة ٣٤ الخاصة بالأقدمية والتي تحسب من تاريخ صدور قرار التعيين، فعلي سبيل المثال لو صدر قرار تعيين بنظام العقد المؤقت او المكافأة الشاملة في عام ٢٠٠٠ ولمدة خمس سنوات، أما من تم تعيينه بالمحسوبية في عام ٢٠٠٤، يصبح هو الأقدم حتى لو تم ضم مدة الخبرة للأول إلا أنه فاقد الاقدمية.
اما الفصل الخامس الخاص بتقارير الكفاية، نجد أن المادة ٥٣ في حالة توافر شروط الترقية في أكثر من عامل تتم المفاضلة فيما بينهم وفقا لترتيب العناصر الآتية :_
١_مدة الخبرة المتخصصة.
٢_ مراتب الكفاية في الثلاث سنوات السابقة وفي حالة التساوي بين المرشحين في التقدير يتم اختيار الأعلى في مجموع التقارير الثلاثة عند جمعها تراكمي.
٣_ الاقدمية في الوظيفة الحالية. ٤_ اجتياز الدورات، فهل سمع احد عن تطبيق تلك المادة عند المفاضلة بين المرشحين للترقية ( ولكن سمعنا عن قولي ياعويس هو كيلو القوطة بكام، أسألك قرني يا قرني)!!
اما الفصل السابع الأجور والعلاوات.
نجد أن المادة ٦٠ تتحدث عن علاوة الجدارة والتي لايجوز منحها إلا مرة كل سنتين، وأصبحت هذه العلاوة عادة مبروكة في الشركات الاستثمارية والشركات المشتركة ومعهم الشركة العامة باعتبارها شركة إنتاج وشراكة، أما باقي الشركات أصبحت لغز محير في تطبيقاتها، فتجد أن موظف يعمل بالهيئة العامة للبترول قضى ١٥ سنة وحصل عليها ٣ مرات، وهناك من قضى ٢١ سنة بالقطاع العام ولم يحصل عليها مرة واحدة على سبيل التكريم، لأن الترقية إلى درجات الإدارة العليا تعني أنه لن يحصل عليها حتى بلوغه سن المعاش، لأن منحها للإدارة العليا بقرار من وزير البترول..
اما المادة ٦١ من اللائحة بمنح العامل علاوة في حالة حصوله أثناء الخدمة على درجة الماجستير أو الدكتوراة، بشرط اتفاق الدرجة العلمية مع طبيعة عمل الوظيفة التي يشغلها وفقا لتقدير السلطة المختصة، واخطر ما في نص المادة هو تقدير السلطة المختصة والتي لها القبول أو الرفض وفقا للأهواء والميول حتى لو كانت الدرجة في ( طبخ الكوسة).
اما الفصل الحادي عشر، النقل والندب والاعارة.
هناك الكثير من العاملين الذين فرضت عليهم ظروف الواسطة أو المحسوبية التعيين في محافظة أخرى بعيدة عن أسرته وأهله، وفي حالة التقدم بطلب للنقل الي شركة قطاع عام قريبة من محل إقامته، يجد أمامه عراقيل وردود سوداء!!
وفي المقابل عقب ثورة يونيو ٢٠١٣، وإصدار الأجهزة السيادية والرقابية توصيات بشأن بعض العاملين، يتم نقلهم من الشركات الاستثمارية والمشتركة إلى شركات القطاع العام بأعتبارها المأوى او ( الثلاجة)، وتتم وفقا للمنظور الإنساني بعدم فصله وإنما نقله إلى إحدى شركات القطاع العام، وسحب الدرجة الإشرافية أو المنتدب عليها، ولايتم إسناد أي عمل تنفيذي له حتى خروجه للمعاش، وهناك العديد من الشكاوي التي لم يتم الرد عليها لأن.
أما الإعارة فلم نرى أو نسمع عن حركات إعارة للعاملين بشركات القطاع العام إلى شركات القطاع الاستثماري أو المشترك في صورة مكافأة للعاملين بشركات القطاع العام، حتى أن حركات النقل بين الشركات قاصرة على شركات القطاع المشترك فقط!!
ولعل هذه هي الأسباب الأساسية للعديد من المظاهر السلبية لشركات القطاع العام، وهي عدم إمكانية العامل الغلبان من الحصول على جزء من وقت المسئولين، وهو إشارة واضحة لعدم شعور العامل بالأمان، وفي حالة حصوله على فرصة لايحصل إلا على الكثير من الوعود الزائفة والكاذبة من المسئولين ولايتم تنفيذها سواء في الترقيات أو الضم لمدد الخبرة أو المؤهلات العلمية ( المهم مع السلامة)!!
وفي ذات الحالة قد يرى العامل أن الآخرين يحصلون على الكثير من التقدير بشكل ليس له علاقة بأنجازهم في العمل، وادراك العامل أن المسئول لايهتم الا بمصحلته الشخصية فقط، راتبه، بدلاته، مكافاته فقط دون باقي العاملين معه.
بالإضافة إلى عدم تلقى العامل أي تقدير لإخلاصه في العمل (وسماعة مقولة أنت بتعمل إيه؟ أحمد ربنا غيرك قاعد على القهوة بدون شغل)، وهو مايجعل العامل يدرك أنه لن يتعلم شيئآ مع شعوره أنه مجرد آله لدى مديره الفاشل!!!!
وقد ترتب على سوء الإدارة أتباع البعض اسلوب المنافسة غير المشروعة، من خلال الأساليب الكيدية والملتوية، والحديث على زملائه وأتهامهم بأشياء باطلة.
ويتطلب العمل داخل قطاع البترول على مستوى العالم العمل ضمن فريق واحد متكامل، إلا أن شركات القطاع العام تفتقد للتعاون والتكافؤ في فريق العمل المشترك وهو ما اثر على المناخ العام لبيئة العمل ونفسية العاملين، وهو ما أدى إلى افتقاد مشاعر الولاء والاخلاص وحب العمل..
لأن المشكلة تكمن في ان التطبيق العملي للقوانين واللوائح يتم بصورة شكلية فقط من خلال قرارات وتوصيات تبعد عن الموضوعية، حتى ان برنامج تحديث قطاع البترول لم تظهر له أي كرامات نتيجة الأمراض الإدارية المزمنة، والتي يكون مبررها في الأغلب الأعم احنا ورثنا فساد ٣٠ سنة.
ارجوك ايها القارئ لاتفهمني بسرعة ؟!